منذ أن حلّ الضيف الثقيل " فيروس كورونا" على فلسطين، والوضع العام في أزمة متصاعدة، إذ بدأت في الفيروس وثم المطعومات، ويليه الإغلاق العام، وصولاً إلى تقاعسات سياسية، وتخلف الدولة المانحة كالأمم المتحدة عن تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، وبعض القيود الإسرائيلية والسياسية كتغيير المناهج الفلسطينية.
وكانت نتيجة هذا الطريق، الدخول في أزمة اقتصادية عامة، شملت قطاع المعلمين والتجّار، بالإضافة إلى المتضرر الأكبر قطاع المواصلات الذي قُطع طريقه بشكلٍ جذري في النصف الأول من انتشار وباء كورونا، إلى أن بات اليوم يشهد حديث عن ارتفاع التسعيرة في ظل ارتفاع سعار البنزين.
لجنة دراسة تسعيرة المواصلات
ولمجابهة هذه الأزمة، فقد شُكلت لجنة لدراسة تسعيرة المواصلات والنقل، وفي مقابلة خاصة لِـوكالة " نبأ" قال أمين سر اتحاد نقابة عمال فلسطين وهو أحد أعضاء اللجنة علاء مياسي، بأنها تشكلت منذ عام بداية عام 2022 لدراسة تسعيرة المواصلات والتي كانت توصي بما تقتضي الحالة السائدة إما بالرفع أو خفض التسعيرة، وذلك نظراً لتعديل عام 2018 الذي شهد ظلماً لبعض الخطوط التي على أثرها بات الشارع الفلسطيني يشهد غلاءً يليه غلاء إلى نهاية عام 2021.
يضيف علاء مياسي، في بداية العام رأينا أن الوضع العام لا يحتاج إلى استعجال، فقد كانت تتم الدراسة بهدوء، إلا أنه وفي آخر فترة حدث غلاء جعلنا نضطر لتجديد تشكيل لجنة تشمل النقابات والوزارات والباصات بالإضافة إلى أصحاب مكاتب التاكسي وغيرهم، لتوسيع الدائرة في معرفة كيف يمكن تخفيف العبأ على قطاع النقل والمواصلات ومن ضمن المقترحات هي التسعيرة.
أردف مياسي، بعد أن تشكلت اللجنة رفعت التوصيات إلى وزير النقل، إذ شهدت بعض الخطوط تعديل تسعيرتها بالرفع الخفيف جداً 0.5 شيقل أو 1 شيقل، فيما شملت هذه الدراسة كامل الخطوط في الضفة الغربية.
وأشار، بأن معايير التسعيرة مرتبطة في 28 عنصر، وأحد عناصرها السولار لذلك لمعالجة ما كان في عام 2018 عندما كانت تسعيرته 6 شيقل، من أصل 4.5 شيقل، وبالتالي فإن الارتفاع اليوم على السولار يعادل ما هو موجود.
ولفت مياسي في قوله إلى دور هيئة حماية المستهلك، قائلاً بأنها غير قادرة على القيام بدورها، في ظل أن سائق التاكسي أو الباص عندما يرغب في تركيب بريك يحتاج منه مبلغ 120 شيقل من أصل 90 شيقل، ناهيك عن الفرق في امكانية كل من النوعية التي باتت أقل جودة من التي قبلها، ومضيفاً بأن الزيت يمشي على التاكسي 10 آلاف كيلو، اليوم بات يكفي أن يمشي 5 آلاف كيلو، وهنا يتساءل عن دور حماية المستهلك، أين هي؟
واوضح، بأن قبل التسعيرة يجب علينا مراعاة الحق العام، والمصلحة العامة، فمثلاً منذ عام 2020 اصدر قرار في وضع الكرسي الثامن، وبالتالي بدلاً من رفع الأجرة على المواطن هنا الكرسي الثامن جاء ليحل التقسيمة على عدد الركاب، موضحاً أن الكرسي هذا يأتي مع مركّب ولأنه لا يوجد ترخيص لها يتم إزالته.
سائق عمومي
وعلى ذات السياق، قال أحد سائقي العمومي سامح علوي بأن بعض مالكي سيارات العمومي رافضين لرفع هذه التسعيرة، في مطالبة منهم بخفض تسعيرة المحروقات وليس المواصلات، مشيراً إلى أن خطوط المنطقة الشرقية لمدينة رام الله رفضت هذا الرفع.
ووصف سامح علوي الوضع العام بأنه في غاية الصعوبة على جيمع النواحي، وقال " في حالة أن الشوفيرة رفعوا التسعيرة الوضع صعب عليهم، وفي حال استمروا دون رفع التسعيرة فهم على خسارة بسبب سعر البنزين، وأن المواطن يعيش حالة تحسس من المواصلات فكيف إذا رفعت التسعيرة عليه؟".
واسترسل علوي لِـوكالة " نبأ" بأن المشكلة لا تكمن في ارتفاع اسعار البنزين أو التسعيرة فقط، وإنما القطع أيضاً والضريبة، أجرة المجمعات، بالإضافة إلى الاكتظاظ في الشوارع والتي بدورها تقلل من السولار وبالتالي عبأ مالي وجهد نفسي.
وحمّل علوي السبب الرئيسي حول ما يعيشه قطاع النقل هو نقابة المواصلات الحالية، والتي وصفها بأنها "مخدّرة" تقوم بإعطاء المخدر لسائقي العمومي كي لا تتصاعد الوتيرة إلى إضراب مثلاً، وأن 80% من المشاكل التي يعيشها سائقي العمومي سببها النقابة.
واسترجع علوي الذاكرة، إلى زمن كورونا، قائلاً: " كورونا شكلت ضرر كبير، اغلق قطاع المواصلات مدة 4 أشهر، الكثير من سائقي العمومي اجبروا على بيع سياراتهم بسبب دفعات بنكية تقع على عاتقهم وديون من هنا وهناك، إذ أن النقابة قدمت لنا 400 شيقل فقط، وهذا المبلغ اليوم لا يكفي لشراء بسلكيت لطفل صغير، وحتى أنه إلى اليوم ما زالت البعض يسدّ دين ما احدثته كورونا".
وأشار إلى الوعود المقدمة لهم، والتي من ضمنها الراكب الثامن وذلك تناسباً مع ارتفاع السولار، إلا أنه بقي حبراً على ورق إلى هذه اللحظة.
وزارة النقل والمواصلات
ومن جهته، أشار الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات موسى رحّال لِوكالة " نبأ" بأن رفع التسعيرة تحتاج إلى إجراء قانوني في حال تمت الموافقة عليها؛ وذلك نتيجة الضرر الذي لحق في قطاع النقل والمواصلات وغلاء المعيشة، بالإضافة إلى المصاريف الاستهلاكية للمركبات كتغيير قطع الغيار وغيرها.
وأردف رحال إلى أن رفض بعض الخطوط رفع التسعيرة وإن طبّقت يعود إلى النقابات الخاصة إن رغبت بالرفع أو لا، إلا أن هناك نقابات تمثل كامل القطاعات تطالب بالرفع، وإن رفضت بعض القطاعات الرفع فهذا من حظ من المواطن.
وأوضح بأن دراسة التعرفة وتقيمها تتم من خلال معطيات ومعايير الاحتساب إذ يتم مناقشتها وتطبيقها على أرض الواقع، وأن قرار الرفع ممكن أن يشمل كامل خطوط الضفة الغربية، أو خطوط داخلية فقط، أو ممكن أن يحدث زيادة على مساحة بعض الخطوط تشمل تجمع سكاني على مسار هذه الخطوط.
ونوه، بأن الوضع العام يعيش حالة من عدم الاستقرار وبالتالي فإن رفع أسعار المحروقات هي جزء من المعايير التي من الممكن أن تؤثر على قطاع النقل، وبالتالي هناك غلاء معيشة، اجور، مصاريف استهلاكية للمركبات، مشيراً إلى أن التأمين لم يتم رفعه، بالإضافة إلى الترخيص والضرائب، وهذا ما يجعل الحديث يدور حول المصاريف الاستهلاكية وغلاء المعيشة.
ومن الجدير ذكره، أن وزارة النقل والمواصلات قررت اليوم الخميس، تعديل تسعيرة النقل العام في المحافظات الفلسطينية بزيادة تتراوح بين نصف شيكل إلى 2 شيكل، وذلك إعتباراً من صباح يوم الأحد الموافق 05/02/2023 .