رام الله- نبأ- رنيم علوي:
في ظل انخفاض الرواتب، وازدياد شكاوى المواطن من الخدمات التي تقدمها الحكومة، والاتجاه إلى رفع أسعار مقومات الحياة التي تقوّي المواطن العادي للبقاء على قيدها، يظهر قرار جديد من المواطنين تجاه حكومتهم بمنع محطات المحروقات عن تزويد مركبات الأجهزة الأمنية والحكومية بالوقود، احتجاجاً على عدم إيفاء الحكومة بسداد الديون المتراكمة عليها منذ أكثر من 9 أشهر.
ديون تصل إلى 50 مليون شيقل
وبحسب مصدر خاص يعمل في إحدى محطات الضفة، قال إن الحكومة لا تدفع ما عليها من ديون منذ أكثر من نصف عام، وقد تصل نسبة الديون المتراكمة عليها إلى 50 مليون شيقل تقريباً.
وأشار المصدر الخاص الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أنه قد تم إبرام اتفاق مع الحكومة لسداد مبلغ 8 مليون شيقل فقط، إلا أن الأخيرة لم تلتزم بالقرار.
" أليس كلاهما مصلحة"
أما أحد موظفي محطات الوقود، قال لوكالة الصحافة الوطنية " نبأ" قبل مدة ظهر اقتراح بمنع السيارات غير القانونية " المشطوبة" من تعبئة الوقود في أي محطة بالضفة الغربية؛ وذلك لنشر الأمن وأمان، وأكد الموظف على موافقته لهذا الاقتراح الذي لم يصل إلى المعاملة القانونية، قائلاً: إن كان القرار يصبّ في مصلحة المواطن فنحن له راغبون، لا مصلحة فوق مصلحة المواطن.
وقارن، قائلاً: " ما الفرق بين ألا تمنع سيارات غير قانونية من تعبئة الوقود، وأن تمنع نفسك كموظف دولة من دفع ما يترتب عليك من ديون؟ أليس كلاهما مصلحة!
"فلسطين ULTRA"
وفي تقريرِ نشر عام 2019، حول الوضع المادي للسلطة الفلسطينية بِـعنوان " هل تنهار السلطة مع نهاية تموز؟"، فقد وضح هذا التقرير قائلا، بأنّ هذا التوقّع مبنيٌّ على موازنة السلطة الفلسطينية المرصودة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، فقيمة الموزانة في أيار وحزيران تقدّر بـ712 مليون شيكل شهريًا، وفي شهر تموز القادم تقدّر بـ 651 مليون شيكل، أي أن موازنة السلطة خلال الأشهر الثلاثة القادمة ستبلغ 2075 مليون شيكل، ونسبة العجز بموازنات هذه الأشهر الثلاثة (أيار/ حزيران/ تموز) ستبلغ 1211 مليون شيكل، بعجز تقدّر نسبته بحوالي 58% من مجمل موازنة الأشهر الثلاثة.
فيما وضح أن العجز يتم تغطيته من موازنة الطوارئ لدى وزارة المالية، ومن خلال القروض التي حصلت عليها السلطة من البنوك وتم جدولتها على عدة أشهر، وموازنة الطوارئ ستنفذ في نهاية شهر تموز/ يوليو القادم، أمّا البنوك فآخر دفعة بالقرض الذي حصلت عليه السلطة سيكون بذات التاريخ، وهذا يعني أن السلطة الفلسطينية لن تكون بعد ذلك التاريخ قادرة على تغطية قيمة نصف الراتب، وقد تسير نسبة العجز نحو انحدار شديد يعرّضها بعد هذا التاريخ بقليل، للانهيار.
شح الأموال لا علاقة له بقلة الخزنة
وعلى ذات السياق يجيبنا المحلل السياسي عمر عساف، قائلاً: تراكم الديون على الحكومة له علاقة بشكلٍ كبير بالعجز المالي الذي تعاني منه، وأن شح الأموال الموجود ليس لقلة الخزنة، وإنما لسوء قدرة السلطة على التعامل مع الموارد، فـبالتي العجز قبل كل شيء هو متصل جزءً منه بالفساد وعدم تحديد الأولويات، مضيفاً إلى أن التبذير والهدر هما عاملان أيضاً، وبالتالي هناك إشكالية جدية للسلطة لما هي أولويات الموازنة، وبعد أيام سيكون هناك استحقاق رواتب، ويبقى السؤال، كيف سترد السلطة عجز ديون المحروقات بالرواتب؟
وأشار عمر عساف في قوله، أن الحكومة في استمرار العجز المالي ستواجه إشكاليات كبيرة؛ لأن المهمة ستكون الآن للحكومة هي توفير الرواتب للموظفين في كل قطاع الحكومة، وتفاقم الأزمة المالية قد ينعكس على السلطة من كل الجوانب والاتجاهات، وبالتالي ربما يكون متأخراً أن نقول أنه كان يجب ترشيد الميزانية والنفقات ومحاسبة الفساد، أي استخلاص العبر من تقارير هيئة الرقابة، وبالتالي الوضع حالياً بفرض على السلطة أن تدرك للوضع العاجز.
بنية اقتصادية سيئة
فيما نوه عساف يقول في اعتقاده، أن الحكومة لن تستطيع حل مشكلة ديون المحروقات بسهولة، لعدة أسباب؛ ومنها، بنيتها الاقتصادية السيئة، النمط الاستهلاكي الذي غّيب المشاريع الاقتصادية ... إلخ، وبالتالي هناك خطر من تآكل أية قاعدة جماهيرة من السلطة، وإن عدم قدرة الحكومة على الوفاء بإلتزامتها من شأنه أن يقلص القاعدة الحكومية.
حكومة سيئة " سياسياً واقتصادياً"
فيما شدد يقول أن الحكومة سياسياً واقتصادياً تعاني الكثير من الإنسدادات، كالاحتلال أولاً، فقد أوصل مسار اوسلو إلى طريق مسدود والسلطة عاجزة على فعل شيء، واقتصادياً هناك تراجع في اوضاع المواطنين المعيشية الاقتصادية، وأنه يكفي القول اليوم أن هناك حديث عن غلاء مقبل في الأيام القادمة، دون الحديث عن أي تحسين لرواتب الموظفين؛ وبالتالي فإن الاعتماد الأول للحالة الفلسطينية هو على العاملين الفلسطينين داخل الخط الأخضر، في حين أن هناك ازدياد في حالة الفقر المدقع إلا السلطة تستمر في إيصال المواطن إلى ما عليه اليوم، الحكومة اليوم تواجه أزمات سياسية واقتصادية لن تسطيع التعاطي معها بسهولة.