نبأ – الخليل - لؤي السعيد
تُلمح قبابه الزجاجية عن سطح منازل البلدة العتيقة وسط الخليل، قباب تأسر الألباب مع لمعة الشمس التي تنعكس بفعل الزجاج الملون، كانت الحياة هنا تضج صخبًا وفرحًا وكانت زيارته عادة أصيلة توارثها أبناء المدينة منذ مئات السنين، هنا حمام النعيم أحد أقدم الحمامات التركية في مدينة الخليل القديمة.
ظل يعمل الحمام حتى عام 2000 قبل أن يغلق بشكل كامل عام 2003 بسبب اندلاع الانتفاضة الثانية وزيادة حصار الاحتلال للبلدة القديمة في الخليل، إذ فرضت سلطات الاحتلال في أواخر التسعينات وحتى بداية القرن الماضي جملة كبيرة من أوامر الإغلاق العسكري لتوسيع الاستيطان في المدينة.
ويقع الحمام بالقرب من سوق شاهين وعند مدخل مسجد القزازين الجديد، ويطل الحمام على شارع الشهداء أحد أكثر شوارع المدينة حيوية قبل أن يُغلق ويتحول إلى منطقة عسكرية مغلقة لا يسمح إلا للمستوطنين والجيش بالمرور به، بينما يحظر على الفلسطينيين حتى بالاقتراب منه.
يقول سمير القصراوي صاحب الحمام والذي توارثه من عائلته إن تاريخ بنائه يعود للعام 1873، تحديدًا خلال العهد العثماني، وبقي الحمام يعمل حتى عام 2000 قبل أن تفرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي الإغلاق على قلب الخليل.
ويضيف أن الحمام يحتوي على أربع قبب كبيرة وصغيرة بنيت من الباطون واستخدم فيها الزجاج الملون لتسمح لأشعة الشمس بالدخول إلى الحمام وتعطي الحمام ألوناً أشبه بألوان قوس قزح، ويتكون من 9 حجرات ومطبخ وثلاث ساحات داخلية وخارجية، وتبلغ مساحته نحو 1100 متر مربع.
يستذكر القصراوي الأيام التي كان يعمل بها الحمام ويقول إن العرسان في البلدة القديمة بالخليل، كانوا يزفون انطلاقا من الحمام وصولا إلى الحرم الإبراهيمي، كما أن الحمام كان يؤمه وجهاء الخليل وكبار شخصيات ومخاتير البلد، إلى جانب جنود الدولة العثمانية والأردنية الذين كانوا يخدمون في الخليل في تلك الفترة.
ويشير إلى أن الحمام يروي تاريخ المدينة إذ كان الحمام لا يخلو من أجواء الليالي الرمضانية وتجمعات العشائر والموالد النبوية والقصص التي كان يقصها الحكواتي على رواد الحمام.
بدأ القصراوي مؤخرًا عمليات إعادة ترميم وتنظيف الحمام في محاولة لإعادة إحيائه رغم الصعوبات التي يوجهها، وبجهد شخصي عمل على فتح طريق جديد للحمام يمر من أحد المحال التجارية بعد أن أغلق الاحتلال مداخل الحمام القديمة لمنع الوصول إليه.
فيما يوضح أن عملية إعادة تشغيل الحمام ستعمل على إعادة إحياء البلدة القديمة في الخليل، في ظل الحصار المفروض عليها بسبب إجراءات الاحتلال التي حولت البلدة القديمة إلى مدينة أشباح تخلو من الزوار والسياح.
وبالعودة إلى تاريخ المدينة فقد كانت الخليل قديمًا تحتوي على عدد كبير من الحمامات مثل حمام إبراهيم الخليل وداري والبركة وكاتبة بدر والشيخ بدير إلا أن حمام النعيم كان أكبرها وأكثرها شهرة.