نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

أجبرته على التراجع ومنع المستوطنين من تنفيذها

تقرير كيف نجحت المقاومة في فرض معادلتها على الاحتلال ومنع "مسيرة الأعلام"؟

نبأ – رام الله – رنيم علوي

في الوقت الذي تَصدحُ فيه مآذن القدس بطلب شدّ الرحالِ إلى المسجد الأقصى للتصدي إلى اقتحامات المستوطنين، والانتهاكات التي تُستباح في ساحات المسجد، خطط نُشطاء من ائتلاف اليمين للدخول إلى ساحات المسجد الأقصى تحت مسمى “مسيرة الأعلام"، "أو " يوم القدس".

وجاءت هذه المسيرة، احتفالاً زمنياً مع احتلال شرقي القدس في أعقاب حرب يونيو/ حزيران 1967، أي اليوم الذي سيطرت فيه قوات الاحتلال على ما تبقى من مدينة القدس.

وتنطلق عادة، هذه المسيرة بحمل الأعلام من غرب مدينة القدس بالقرب من ساحة البلدية والتي تمر من باب العامود ويرافقها الوقوف عنده لإقامة الرقصات الخاصة بهم، ومن ثمّ السير في أسواق القدس وصولاً إلى حائط البراق.

محاولات

وفي حديثٍ مع الأكاديمي والباحث الإسرائيلي محمد هلسة، يقول إن مسيرة الأعلام تأتي كل عام، وتحتفل فيها الحكومة الإسرائيلية بمستواها الرسمي والتلمودي الاستيطاني القومي، وتحاول الحكومة الإسرائيلية من خلال هذه المسيرات ربط شعب إسرائيل بعاصمتهم، فيغنون في هذه المسيرة الأغاني القومية الدينية التي تربط اليهود بِ "قدس الذهب" كما يسمونها، ويرفعون الأعلام.

وأضاف محمد هلسة لِوكالة "نبأ": " كل هذا يأتي في إطار الاحتفالات بتوحيد شطري المدينة بعد احتلالها واعتبارها عاصمة لشعب إسرائيل، وبالتالي هنا يكمن الإصرار على رمزية هذه المسألة للتأكيد على أن القدس موحدة هي عاصمة إسرائيل ولا تقبل المساومة".

ونوه هلسة إلى أن اليمين الإسرائيلي يكتسب رمزية معينة بحكم حالة الاحتقان ومجموع العمليات التي حصلت في الداخل الفلسطيني المحتل وإصرار الفلسطينيين على إثبات بأنهم قادرين على تدمير هذه المنظومة، وبالتالي هذا الرد يأتي بصورة تفجير المشهد في مدينة القدس المحتلة.

ابن غفير

وفي المقابل، رغم هذه المسيرة التي بدأت وانحرفت بوصلتها في نهاية المطاف، فإن الحكومة الإسرائيلية حاولت منع هذه المسيرة، وطالبت من عضو الكنيست بن غفير ألا يصل إلى باب العامود.

وبحسب صحيفة معاريف العبرية، فإن قرار "بينيت" جاء بتوصيات من الأذرع الأمنية والاستخباراتية خاصة بعد أعلن "بن غفير" عبر تويتر: "المشاركة في مسيرة الأعلام في القدس".

وعلق على ذلك، المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، قائلا: " هذه المسيرة تحديداً ليست المسيرة التي تأتي في الذكرى التي يطلقون عليها " احتلال القدس"؛ بل تأتي بدعوة من بن غفير وهي على هوامش المتطرفين المهوسين بالسلوك الاستفزازي، وبالتالي هي تأتي للمناكفة داخلياً، وإشعال حرائق في القدس وجرّ الأمور للتصعيد وذلك فإن الأمن ضدها والحكومة ضدها، وكثير من الأحزاب ضدها، فهي لا تُشكل إجماع ولا هدف لها سوى إشعال حرائق خلق استفزاز ومن هنا يأتي سبب منع الشرطة وعدم وجود للإجماع عليها".

وأردف منصور لوكالة "نبأ" قائلاً بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت منع بن غفير بضغط من المقاومة الفلسطينية وحالة الصمود على الأرض، لأن هذه المسيرة كانت من الممكن أن تقود إلى اشتعال مواجهة ربما تستمر لفترات طويلة، بالإضافة إلى أن هناك طلب أمريكي ومصري وأردني أنه إذا تمت المسيرة ستكون ذات خطوات ضدهم، وبالتالي فإن بينيت أدرك أن هذه المسيرة ضده من أجل إخراجه بمظهر ضعيف عاجز، إلا أنه لم يجد مانع في منعها لأن استمرارها كان سيقود إلى خروج منصور عبّاس من المحكومة والكثير من المشاكل.

وعلى ذات السياق، قال المختص في الشأن الإسرائيلي صلاح خواجا لوكالة "نبأ": " نحن دخلنا بين منافسة الأحزاب الإسرائيلية، وبالتحديد بين بينيت ونتنياهو الذي يريد أن يقود المعارضة ويثبت ذاته لدى المستوطنين والشارع الإسرائيلي في محاولة منه تقزيم بينيت من خلال الضغوطات سواء كانت محلية او دولية، إلا أن الكابينت الإسرائيلي اتخذ القرار بشكل واضح وصريح وأعلن عنه في كل وسائل الإعلام بأن إسرائيل مصرّة على التقسيم الزماني والمكاني والإعلان عن موضوع ذبح القرابين هي مقدمة للبدء بخطوات السيطرة على جزء من ساحات المسجد الأقصى باعتبارها منطقة للصلوات الإسرائيلية”

واسترسل خواجا، نحن أمام نحن أمام موقع جديد للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى وساحاته، وقد يتم تقسيمه كما تم في الحرم الإبراهيمي، وهذا يعتبر محاولة تغيير استراتيجي في هذه المنطقة وبالتالي سيكون مدعوماً دولياً.

ما الهدف وراء مسيرة الأعلام؟

ومن جهته، لخّص الباحث في شؤون القدس ناصر الهدمي علاقة الصراع على الأرض المحتلة، قائلاً: " ما جرى خلال الأسبوع الماضي وما يجري من اقتحامات للمسجد الأقصى المبارك هي ضمن مخطط صهيوني للسيطرة على المسجد الأقصى المبارك، باعتبار أن المسجد الأقصى هو رمز السيادة والسيطرة عليه تُعبر عن اكتمال سيادة الاحتلال وحسم المعركة المستمرة منذ ٧٤ عاماً بين الشعب الفلسطيني والاحتلال".

وتابع : " السيطرة على القدس ووضعها في رأس الأولويات هو من أجل الوصول إلى اعتلاء عرش السيطرة على ما يسميه الاحتلال "جبل الهيكل"، وبالتالي ما شهدناه الفترة الأخيرة هو جزء من المخطط بمعنى أن الاحتلال لم يخفي طيلة سنوات احتلاله لأرض فلسطين حلمه في بناءً هيكل مكان المسجد الأقصى المبارك، أي هدم المسجد الأقصى، وهناك نموذج موجود للهيكل وجنيهات تجمع تبرعات، أي أن الأفعال موجودة فعلياً على أرض الواقع من أجل تنفيذ المخطط".

ويرى الهدمي أن مسيرة الأعلام اليوم هي عبارة عن جائزة الترضية لحفظ ماء الوجه لاسترضاء المستوطنين الذين لم يستوفوا كافة مآربهم، رغم ذلك إلا أن هذه المسيرة تخوفت منها سلطات الاحتلال واستمعت السلطات للكثير من تهديدات المقاومة ورأت الغليان الذي عمّ الشارع الفلسطيني فقررت منع ترخيص المسيرة.

واستطرد القول: " بن غفير يريد أن يظهر نفسه عبر الأعمال الخارقة والجريئة التي يقوم بها، مع إبقاء تحمل المسؤولية على المسؤولين وبالتالي هو حاول أن يستغل الحدث لاستعراض النفس بأنه هو المتطرف الأول وأنه سينزل إلى مسيرة العامود، علماً بأن بن غفير يعي تماماً بأن سلطات الاحتلال لن تسمح بدخوله، وإن لم يعي لن يدفع ثمن شيء".

وأشار إلى المسيرة كانت ذات عدد قليل، ومسارها لا يلبي طموحات المشاركين فيها، إذ بدأت وانتهت بدون أي شوشرة أو مواجهات، وأضاف أن هذه الأمور لن تقف عند هذا الحد الاحتلال لا زال يسعى لفرض سيادته على مدينة القدس، الاحتلال أصبح لديه ثأر شخصي مع أهل مدينة القدس الذين يخرجون في كل مساعي الاحتلال ليواجهوه رغم ضعفهم وقلة حيلتهم.

وكالة الصحافة الوطنية