نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ – أسماء شلش

تقرير فاطمة برناوي... البطلة الخفية

نبأ - أسماء شلش 

لو سألت أحدهم عن كريم يونس أو دلال المغربي فعلى الأرجح ستجد إجابة عن ماهية تلك الشخصيات ودورها البارز والفاعل في خدمة القضية الفلسطينية والدفاع عنها كون الأول هو أقدم أسير فلسطيني في سجون الاحتلال وتلك المغربي التي تعتبر أيقونة وطنية قامت بعملية عسكرية معروفة في الداخل الفلسطيني والتي أسفرت عن مقتل ما يزيد عن ثلاثين صهيونيا, لكن ! هل سيكون الأمر عينه لو كان السؤال عن فاطمة برناوي؟

مع الأسف, لم تحظ فاطمة برناوي بحضور كافٍ في وسائل الإعلام المختلفة تجعل منها شخصية وطنية معروفة وبارزة ولا باهتمام كافٍ من قبل المؤسسات المعنية بالأسرى تليق بما قدمته من تضحيات لوطنها فلسطين, فبرناوي أول فتاة فلسطينية يتم اعتقالها من قبل قوات "الاحتلال الإسرائيلي" وأول أسيرة تسجل رسميا في سجلات الحركة النسوية الأسيرة في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة .

في القدس, عام 1939 أبصرت فاطمة برناوي النور في أزقة المدينة المقدسة قرب باب المغاربة, فوالدها نيجيري الأصل كان قد قدم إلى القدس عقب أدائه فريضة الحج وأقام فيها.

بدأت تجربة برناوي مع "الاحتلال الإسرائيلي" في التاسعة من عمرها عندما أجبرت هي وأسرتها على الانتقال من القدس إلى مخيم للاجئين بالقرب من عمان, ولإيمانها الشديد بان أعظم ما يقوم به المرء هو تقديم المساعدة والعون لشخص يحتاجها اتخذت برناوي من التمريض مهنة لها.

كانت برناوي أول من انضم إلى صفوف حركة فتح عام 1965 ليوكل إليها فيما بعد مهمة تنفيذ عملية فدائية ضمن سبع عمليات قررتها الحركة عام 1968 ردا على هزيمة حرب عام 1967.

كانت شابة في مقتبل عمرها عندما أقدمت برناوي على وضع عبوة ناسفة داخل سينما صهيون لتكون بذلك أول امرأة فلسطينية تقوم بعملية عسكرية بعد احتلال القدس بقرار من الرئيس ياسر عرفات والذي كان يقود المجموعات والخلايا العسكرية لحركة فتح آنذاك , فبعد أن تأكدت بان العبوة قد انفجرت عادت برناوي إلى عملها في التمريض كالعادة .

بعد يومين من تنفيذها للعملية العسكرية تعرضت للاعتقال لتواجه بعدها حكما بالسجن مدى الحياة, إلى جانب اعتقال والدتها وشقيقتها لتمضي الأولى مدة شهر في السجن فيما قضت شقيقتها عاما كاملا في سجون الاحتلال, فذقن خلالها الأم القيد ومرارة السجان بجانب الأم الفراق والحرمان.

بيد أن القيد انكسر وباب الحرية قد فتح على مصراعيه بعد قضاء عشر سنوات ونيف قضتها برناوي في أرجاء سجن الرملة العسكري المخصص للنساء بناء على إجراء وصفته إدارة السجون الإسرائيلية وقتذاك بأنه بادرة "حسن نية" تجاه مصر, قبيل زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات للقدس وهي الزيارة التي مهدت لتوقيع معاهدة كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر.

ورغم الإفراج عنها من سجون "الاحتلال الإسرائيلي" إلا أن الفرحة لم تكن كاملة لعدم قدرتها على احتضان تراب الوطن, حيث أبعدت إلى لبنان , وبالرغم من إبعادها إلا أن عزيمتها لم تهدأ حيث قامت بعلاج احد الجنود الصهاينة الذي تم أسره من قبل حركة فتح حتى تماثله للشفاء وظل معتقلا لديها إلى أن تم إطلاق سراحه.

وعندما يبحث المرء عن نصفه الآخر فانه يبحث عن شخص يقاسمه أحلامه وتطلعاته ويشاركه اهتماماته وقضاياه, ولم تجد برناوي أفضل من فوزي نمر شريكا لحياتها يساندها مسيرتها النضالية ويشد من أزرها فهو له باع طويل في مقاومة الاحتلال, فنمر الذي ينحدر من مدينة عكا (إحدى المدن الفلسطينية التي احتلت عام1948) قام هو ومجموعة من رفاقه بعملية فدائية استهدفت مصفاة نفط إسرائيلية ردا على القصف الإسرائيلي الوحشي لمدرسة بحر البقر, وأطلق سراحه ضمن صفقة التبادل التي جرت بين الجبهة الشعبية_القيادة العامة والاحتلال الإسرائيلي في عام 1985

في لبنان مارست برناوي نشاطات تنظيمية وعسكرية , وقامت بادوار ومهام تنظيمية مختلفة, حيث شغلت منصب عضوا بالمجلس الثوري لحركة فتح وعضوا بالمجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وعضو بالمجلس الوطني الفلسطيني, كما أنها شاركت في تأسيس الشرطة النسائية الفلسطينية بعد تمكنها من الرجوع إلى فلسطين عام 1994 عقب توقيع اتفاقية أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل".

في تشرين الأول لعام 2016 فارقت برناوي الحياة تاركة ورائها من التجارب ما يستحق التوثيق وخطت فصولا من الصمود والتضحية والمواقف المشرفة التي شكلت تاريخا ساطعا وعريقا .

 

وكالة الصحافة الوطنية