نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

هل طورت جنين قدراتها الصاروخية؟ .. خبير "إسرائيلي" يجيب

إن تزايد أعمال المقاومة ضد كيان العدو في مختلف أنحاء الضفة الغربية منذ أكثر من عام يشمل أيضا ظاهرة جديدة/قديمة: محاولات إطلاق صواريخ محلية الصنع من منطقة جنين باتجاه المستوطنات الحدودية في “جلبوع”. الحدث الأول في هذ التوجه الجديد وقع في 26 حزيران (يونيو) من هذا العام، عندما نشر فرع حماس في جنين إعلاناً عن إطلاق صاروخين باتجاه موشاف رام أون في “جلبوع”. وفي عملية بحث أجراها جيش العدو، تم العثور على منصات إطلاق وبقايا صاروخين سقطا على الأرض على بعد أمتار قليلة من موقع إطلاقهما.

منذ ذلك الحين، سُجّلت سبع حالات أخرى، آخرها في 15 أغسطس/آب الماضي، صحيح أن جميع المحاولات لم تتسبب في وقوع أضرار أو إصابات لكن من ناحية أخرى، فإن الحقيقة أن المنظمات الفلسطينية المسلحة في شمال الضفة الغربية قد أعادت من جديد اعتماد الصواريخ كجزء من أدواتها التي قد تكون ذات أهمية كبيرة ونذيرًا بفترة معقدة.

الصواريخ في جنين

قد تم تسجيل جهد فلسطيني محدود لإنتاج وإطلاق الصواريخ من شمال الضفة الغربية باتجاه مستوطنات جلبوع في وقت مبكر من الانتفاضة الثانية، وكانت آخر حالة خلال عام 2008, لماذا احتلت الصواريخ مكانة ضئيلة من بين تنوع ذخيرة المقاومة الواسعة خلال سنوات الانتفاضة الثانية؟ ليس هناك إجابة واضحة على ذلك، ولكن من المحتمل أن تأثير العمليات الاستشهادية في قلب المدن “الإسرائيلية” وهجمات إطلاق النار على طرق الضفة الغربية قد غطت على فائدة إطلاق صواريخ صغيرة وغير دقيقة، وأن التأثير الذي كان يمكن أن تحققه كان أصغر بكثير من العمليات الاستشهادية الناجحة.

 في المرحلة الحالية، الحديث يدور عن صواريخ بسيطة للغاية من النوع الذي يمكن لأي ورشة ميكانيكية إنتاجه، فجسم الصاروخ مصنوع من أنبوب معدني يمكن شراؤه من أي مستودع مواد، ويمكن صنع الرأس الأمامي والفوهة بمخرطة بسيطة والوقود الدافع يتكون من مواد غذائية وأسمدة كيماوية يمكن شراؤها من أي سوبر ماركت وأي مخزن للاحتياجات الزراعية، يمكن تعلم عمليات صنع المادة الدافعة وصنع الصاروخ وصنع القاذف البسيط، الذي يتم تصنيعه أيضًا من الأنابيب المعدنية المنزلية، عبر الإنترنت.

في الدول الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، هناك نوادي لهواة الصواريخ الذين يقومون ببناء صواريخ معقدة للغاية بأنفسهم، بما في ذلك الصواريخ متعددة المراحل، ويقومون بالتمتع بإطلاقها في عطلات نهاية الأسبوع، عادةً ما تنشر هذه الأندية بشكل علني وصفات لصنع وقود الدفع البسيط وتصاميم الصواريخ، بما في ذلك تعليمات الإنتاج، وهذه المعرفة متاحة لأي شخص يحتاج إليها، وحتى لو كان من الممكن حجب هذه المواقع على شبكة الإنترنت بأعجوبة، فإن المقاومين في جنين لديهم تحت تصرفهم كل المعرفة والخبرة التي تراكمت لدى المنظمتين الأم – حماس والجهاد الإسلامي- في غزة.

تطور التهديد من غزة

التنظيمات الفلسطينية المسلحة في غزة، التي واجهت صعوبة في تنفيذ عمليات استشهادية في قلب “إسرائيل”، لجأت إلى السلاح الصاروخي كبديل منطقي وأتقنته تدريجياً، فبدأت صناعة الصواريخ لدى المنظمات في غزة في عام 2001، ويبدو أن قرارهم بإضافة العمل الصاروخي إلى أدواتهم يرجع إلى سببين: الأول: الصعوبة النسبية التي واجهوها في تنفيذ عمليات استشهادية مباشرة في قلب المدن “الإسرائيلية”، لأنه حتى ذلك الحين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين- كان قطاع غزة محاط بحدود مسيجة يحرسها “الجيش الإسرائيلي”.

السبب الثاني، هو وجود كثافة سكانية “إسرائيلية” -خاصة في مدينة سديروت- كأهداف لإطلاق صاروخ بسيط من داخل قطاع غزة، ونظرًا لأن الصواريخ البدائية في ذلك الوقت كانت خفيفة الوزن وسهلة الاهتزاز، فقد كان من الممكن إطلاقها بعيدًا عن منشآت إنتاجها وبالتالي إخفاء موقعها، وفي الوقت نفسه، فإن سقوط مثل هذا الصاروخ داخل منطقة مأهولة ومزدحمة بالسكان يخلق تأثيراً مرعباً يتجاوز الكمية الصغيرة من المتفجرات التي يحملها الصاروخ، (يجب الافتراض أن كل هذه الاعتبارات موجودة في نظر التنظيمات المسلحة في جنين وشمال الضفة الغربية، وبالتالي فمن المتوقع أن تتزايد جهودها لتنفيذ الهجمات الصاروخية من هذه المناطق مع مرور الوقت).

في تطوير الأسلحة الصاروخية في غزة يمكن ملاحظة ثلاث مراحل:

في المرحلة الأولى، التي بدأت في نهاية عام 2001 واستمرت حتى عام 2007 تقريبًا، استخدم المقاومون الفلسطينيون فيها بشكل أساسي صواريخ بسيطة محلية الصنع، والتي اكتسبت في “إسرائيل” اسم “صواريخ القسام”، كما هو الحال اليوم في جنين، نعم هكذا كان في غزة، جاءت المعلومات الأساسية لتخطيط الصواريخ من مواقع على شبكة الإنترنت، وكانت الصواريخ الأولى قصيرة المدى وغير موثوقة، وأصاب الصاروخ الأول “سديروت” في تشرين الأول/أكتوبر 2001، ولكن بعد عامين ونصف فقط، في حزيران/يونيه 2004، سقط أول قتلى العمل الصاروخي من غزة، وعلى مر السنين نجحت التنظيمات في غزة في زيادة مدى صواريخها وزيادة حمولة رؤوسها المتفجرة، وقتلت المزيد في سديروت وفي المستوطنات المحيطة بغزة.

بدأت المرحلة الثانية من تطور التهديد الصاروخي من غزة بعد سيطرة حماس على السلطة هناك في عام 2007، وعلى الرغم من إغلاق كافة المعابر من “إسرائيل” إلى غزة، تمكنت حماس من تهريب صواريخ “غراد” إلى داخل غزة، ربما عبر أنفاق حفرت من تحت الحدود المصرية، أدى ذلك إلى زيادة مدى الصواريخ من بضعة كيلومترات إلى حوالي 20 كيلومترًا، وفي وقت لاحق، تمكنت التنظيمات الفلسطينية في غزة من تهريب صواريخ “غراد” محسنة إلى داخل القطاع يزيد مداها عن 40 كيلومتراً، وبذلك أصبحت المدن الكبرى في “إسرائيل”، بما فيها مدينة أسدود وبئر السبع، في مرمى نيران الصواريخ من غزة.

وفي هذه المرحلة حدث أيضًا تغيير في طريقة إطلاق الصواريخ، وكان من السهل اهتزاز صواريخ “القسام” خفيفة الوزن، ولذلك اعتمدت التنظيمات أسلوب التوزيع وإطلاقها من مناطق مليئة بالأشجار، حتى لا يتم كشفها عن طريق المراقبة الجوية، أما الصواريخ الثقيلة التي دخلت حيز الاستخدام في المرحلة الثانية فكانت أقل اهتزازاً، وتحولت التنظيمات تدريجياً إلى استخدام منصات إطلاق مموهة جيداً.

وبدأت المرحلة الثالثة بعد حرب الجرف الصامد عام 2014، عندما غير الإيرانيون سياستهم من تهريب السلاح إلى غزة ولبنان ولاحقاً في اليمن إلى سياسة إنتاج السلاح بأنفسهم، وفي هذه المرحلة، عادت التنظيمات في غزة إلى شكل الإنتاج الذاتي، ولكن بطريقة أكثر تطوراً، تم استبدال ورش العمل البدائية بمرافق إنتاج مجهزة تجهيزًا جيدًا، ولم تنتج صواريخ طويلة المدى فحسب، بل أنتجت أيضًا قاذفات متعددة الفوهات، وتم استبدال الوقود الدافع البسيط في محركات الصواريخ بوقود قوية يعتمد على أفضل المواد الخام المستخدمة في صناعة الصواريخ العسكرية، وازداد مدى الصواريخ إلى عشرات ومئات الكيلومترات، وازداد وزن الرؤوس الحربية إلى عشرات الكيلوغرامات وربما أكثر، وكانت الصواريخ الأثقل تتطلب منصات إطلاق كبيرة لا يسمح أحجامها دائمًا بدفنها، وبالتالي فمن المرجح أن تكون بعض هذه القاذفات الثقيلة على الأقل منصوبة على الأرض تحت تمويه شديد، كما ذكرنا، فإن نطاق الصواريخ المتطورة التي في أيدي المقاومين في غزة يغطي عملياً كامل الأراضي المحتلة، وفي جولات التصعيد التي بدأت من “عامود السحاب” وما بعدها، كانت “تل أبيب” والقدس وحيفا تقصف بصواريخ ثقيلة مصنوعة في غزة.

وكان مفتاح هذه المرحلة هو المساعدة الإيرانية في توريد الآلات، و فرق الإنتاج التي تم نقلها جواً إلى إيران وتلقت هناك دورات في إنتاج الصواريخ، وبالإضافة إلى ذلك، تمكنت حماس من الحصول على خدمات مهندس الصواريخ العالمي الشهير جمال الزبدة، وهو خريج معهد تكنولوجي مرموق في الولايات المتحدة، ويتمتع بخبرة طويلة في صناعات الطيران الأمريكية، (تم اغتيال الزبدة ومعظم كبار معاونيه خلال عملية “حارس الاسوار ”، في أيار/مايو 2021)، وتستمر هذه المرحلة حتى كتابة هذه الكلمات، وتتميز بـ “اندلاع ” جولات من التصعيد التي تنتهي بعد أيام أو أسابيع بوقف إطلاق النار بوساطة مصرية.

هناك قضية أخرى ينبغي الوقوف عليها في تحليل تطور العمل الصاروخي من غزة وهي كمية الصواريخ التي يتم إطلاقها من غزة مع مرور الوقت، ويمكن ملاحظة ثلاث فترات في هذا السياق: في الفترة الأولى (من نهاية عام 2001 حتى منتصف عام 2005) كان معدل إطلاق النار منخفضاً جداً ولم يتجاوز 50 صاروخاً في السنة)، وخلال هذه الفترة، سيطرت السلطة الفلسطينية على غزة، وعمل “الجيش الإسرائيلي” بحرية في مناطق القطاع التي كانت تحت “السيطرة الإسرائيلية”، وفي الفترة الثانية، بين منتصف عام 2005 ومنتصف عام 2007، ارتفع معدل إطلاق الصواريخ من غزة إلى أكثر من 200 صاروخ سنوياً، من حيث السيطرة على المنطقة، هذه هي الفترة التي بين الانسحاب من غزة، وطرد السلطة منها.

أما الفترة الثالثة فقد بدأت عندما تولت حماس السلطة في منتصف عام 2007، وهي مستمرة حتى يومنا هذا، وخلال هذه الفترة، كانت غزة في الواقع كيانًا سياسيًا وعسكريًا تحت حكم حماس بالتعاون العسكري مع حركة الجهاد الإسلامي، وقد ارتفع معدل إطلاق النار خلال هذه الفترة بشكل كبير من مئات إلى آلاف الصواريخ سنويًا.

وعمل الجيش بقوة لقمع إطلاق الصواريخ من غزة، وفي عام 2004، بعد سقوط أول قتلى الصواريخ من غزة، شرع في عملية “أيام التوبة” التي استمرت 17 يومًا، والتي تم خلالها الاستيلاء على الأراضي التي كانت تحت سيطرة السلطة، وقصف سلاح الجو وحدات إطلاق الصواريخ، وعلى الرغم من ذلك، تمكن الفلسطينيون من إطلاق الصواريخ خلال العملية نفسها، بل وتسببوا في وقوع إصابات في “إسرائيل”، وبعد الانسحاب من غزة في عام 2005، نفذ الجيش خمس عمليات عسكرية واسعة النطاق لقمع إطلاق الصواريخ، وكانت أوسعها عملية “الرصاص المصبوب” في عام 2009، ولم تحقق هذه العمليات النتيجة المرجوة، واستمر إطلاق الصواريخ خلال العمليات نفسها، أدت عملية “الرصاص المصبوب” إلى هدوء معين في إطلاق الصواريخ، وتم انتهاك ذلك مرة أخرى في عام 2014 بعد سلسلة من الأحداث التي بدأت بمقتل ثلاثة مستوطنين في الخليل، وأدت إلى إطلاق صواريخ واسعة النطاق على المدن الرئيسية في “إسرائيل”، وعملية “الجرف الصامد ” عام 2014 التي تم خلالها إطلاق أكثر من 4000 صاروخ وقذيفة هاون طوال نحو شهرين استمرت فيها العملية.

هل سيتكرر النموذج الغزي في شمال الضفة الغربية؟

ما هي احتمالية تطوير التنظيمات في شمال الضفة الغربية لقدرات مشابهة لتلك التي تمتلكها حماس والتنظيمات المسلحة في غزة؟ وكما ذكرنا أعلاه، فإن قدرات التنظيمات في شمال الضفة الغربية اليوم توازي بداية المرحلة الأولى من التسلح الصاروخي في غزة مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وهي القدرة على إنتاج صواريخ بسيطة تنتجها الورش المدنية المحلية في جنين ومدن أخرى في الضفة الغربية، ومن الواضح أن مصلحة “إسرائيل” هي “إعادة الجني إلى القمقم” وإحباط هذه القدرة الأولية أيضاً ولكن من المشكوك فيه أن يكون ذلك ممكناً.

لقد أظهرت التجربة أنه حتى عندما تواجد “الجيش الإسرائيلي” داخل قطاع غزة، كان من الصعب بل من المستحيل، منع إنتاج وإطلاق كميات صغيرة من الصواريخ البسيطة والخفيفة الوزن، وسقطت أولى القذائف الصاروخية على “سديروت” حتى قبل إخلاء قطاع غزة في إطار خطة فك الارتباط عام 2005، ولذلك، فمن المرجح أن ينجح المقاومون في الضفة الغربية في جهودهم لإنتاج وإطلاق صواريخ القسام ذات الجودة المتزايدة، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى وقوع إصابات في المستوطنات “الإسرائيلية” المجاورة، والقرار في هذا الأمر في أيدي المسلحين أنفسهم، وإذا كما كان الحال في الماضي، فهم سيوجهون معظم جهودهم نحو الهجمات المباشرة (التي تتزايد بالفعل) والهجمات الاستشهادية (التي لم تحدث بعد حتى كتابة هذا المقال)، ويحتمل أن يكون الدافع لاستثمار الجهد في تطوير وإنتاج وإطلاق الصواريخ أقل.

أما بالنسبة لقدرة التنظيمات في شمال الضفة الغربية على الانتقال إلى المرحلة الثانية واستيراد الصواريخ ومنصات إطلاقها، فهذا ليس مستحيلاً في الوضع الراهن، حيث يتمتع الفلسطينيون فعلاً بحرية الحركة الكاملة داخل أراضي الضفة الغربية، ولا يوجد أي رقابة على محتويات الحمولات التي ينقلونها داخل هذه المناطق، وفي مثل هذا الوضع، من المرجح أن تكون هناك محاولات لتهريب صواريخ “غراد” (أصلية أو إيرانية الصنع) ومنصات إطلاقها عبر الأردن إلى جنين، وربما إلى مدن أخرى، وإذا نجح المسلحون في ذلك فمن المرجح أن يغيروا طريقة الإطلاق من توزيع أو نشر منصات الإطلاق في المناطق القروية خارج المدن إلى حفر الإطلاق داخل المدن، وفي إطار الانتشار الجديد، سيقوم المقاومون ببناء شبكة من الأنفاق تحت المناطق المكتظة بالسكان في المدن الفلسطينية من أجل تخزين الصواريخ ونقلها إلى منصات إطلاقها.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى الفارق الجغرافي الجيولوجي بين قطاع غزة الذي يقع على تربة رملية، وجنين ومدن أخرى في الضفة الغربية التي تقع على تربة صلبة، حيث تسمح التربة الرملية في قطاع غزة بالحفر بسهولة وسرعة، ومن ناحية أخرى، تتكون التربة الصلبة في منطقة الضفة الغربية من صخور جيرية صلبة نسبيًا تتطلب جهدًا أكبر بكثير للحفر فيها، وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الفلسطينيين لن يتغلبوا على ذلك بمساعدة المعدات الميكانيكية المناسبة لغرض حفر أنفاق ومستودعات وحفر إطلاق، وبعد اقتحام الجيش الإسرائيلي لجنين في تموز/يوليو من هذا العام، كشفت المنظمات الفلسطينية عن نفق هناك لم يتمكن “الجيش الإسرائيلي” من تحديد موقعه أثناء تواجده في المنطقة.

إن الانتقال إلى المرحلة الثانية من الهجوم الصاروخي من غزة – أي الانتقال من الصواريخ المنتجة في المطابخ إلى الصواريخ العسكرية المعيارية – حدث عندما لم يعد “للجيش الإسرائيلي” وجود دائم في قطاع غزة، وفي المقابل، يتمتع “الجيش الإسرائيلي” حاليًا بوجود دائم في الضفة الغربية، من المحتمل أنه عندما يتم اكتشاف أن المسلحين في شمال الضفة الغربية يطلقون صواريخ عسكرية معيارية، سيتخذ الجيش خطوات مهمة لإغلاق طرق التهريب وفي نفس الوقت مع القيام بعمليات بحث واسعة النطاق عن الأنفاق ومستودعات تخزين الصواريخ وحفر الإطلاق داخل المدن الفلسطينية المحتلة نفسها، ومن الناحية العملية، يعني ذلك عودة نقاط التفتيش إلى طرقات ومحاور شمال الضفة الغربية، (ومحتمل جنوبها) ومداهمات على مراكز المدن الفلسطينية، الأمر الذي سيجلب صعوبات سياسية على الساحة الدولية.

وليس من المستبعد أن يسعى المسلحون أنفسهم إلى الانتقال مباشرة إلى المرحلة الثالثة، أي إنتاج الصواريخ المتطورة داخل المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، استناداً إلى الخبرة والمعرفة المتراكمة في قطاع غزة، ومن أجل تنفيذ هذه الخطوة، سيعمل الإيرانيون على تهريب منشآت إنتاج الصواريخ ومنصات إطلاقها إلى المدن الفلسطينية، بالإضافة إلى المواد الأولية لإنتاج الصواريخ والمتفجرات.

وفي حالة شمال الضفة الغربية، لن يكون من الضروري إرسال نشطاء فلسطينيين للتدريب في إيران، لأنه سيكون من الممكن نقل المعرفة إليهم في غزة نفسها، وسيتعين على المسلحين، من جانبهم، إنشاء نظام واسع النطاق تحت الأرض لمصانع الإنتاج ولتخزين الصواريخ وإطلاقها، ومثل هذا النشاط المكثف لا يمكن أن يتم بشكل كامل في الخفاء، ومن المرجح أن تكون هناك دلائل تشير إلى إنشاء نظام إنتاج ذاتي -” صناعات جنين العسكرية “- قبل فترة من تفعيل هذا النظام، لذلك، طالما أن “الجيش الإسرائيلي” له وجود دائم في أراضي الضفة الغربية، فإن جهود الفلسطينيين لإنشاء صناعة الصواريخ ستقابل بنشاطات استباقية مضادة لإحباط إنشائها من خلال الرقابة على مرور البضائع في شوارع الضفة الغربية، وغارات مستهدفة داخل المدن الفلسطينية، خلافاً لما حدث في غزة، حيث مُنع الجيش من إحباط إنشاء “مصانع عسكرية في غزة” بسبب قيود السياسة، فطالما لم يكن هناك فك ارتباط من الضفة الغربية، سيكون لدى الجيش أساليب إحباط بديلة في هذا الصدد (مع دفع ثمن سياسي باهظ لذلك).

عوزي روبن / مهندس دفاع ومحلل إسرائيلي. يعتبر روبن أحد المحللين البارزين لأنظمة الصواريخ في الشرق الأوسط

وكالة الصحافة الوطنية