نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

حين يقدم التاريخ حكمَهُ

طلال عوكل.jpg

بقلم طلال عوكل:

ثلاثُ مناسباتٍ متعاقبةٍ لقلب اليسار الفلسطينيّ؛ بَدْءًا بالجبهةِ الشعبيّةِ لتحريرِ فلسطينَ؛ مرورًا بالجبهةِ الديمقراطيّة ثُمّ حزب الشعب، الذي لم ينجح في خلقِ صيغةٍ وحدويّة، أو حتّى تنسيقيّةٍ بين أطرافه، رغمَ كثرةِ المبادرات، وسلامة النوايا، ويمكن الجزمُ بأنَّ أطرافَهُ كافةً متّفقةٌ - موضوعيًّا - في الموضوع السياسيّ، فضلًا عن الفكريّ، بما انطوى عليه من متغيّراتٍ دوليّةٍ حاسمة. الكلُّ ينادي بدولة فلسطين وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، ولكن وقائع الصراع تعود وتوحّدهم - إجباريًّا - على سياسة النضال لتحقيق كلّ الحقوق التاريخيّة للشعب الفلسطينيّ؛ بسبب السياسة العنصريّة التوسّعيّة للاحتلال، وعجز المجتمع الدوليّ وتواطئِهِ مع تلك السياسة. وبما أنّ المسألة التي تتّصل بمفهوم اليسار لم تعد - وَفْقَ معطيات اليوم - مرتبطةً بالأيديولوجيّة الاشتراكيّة، إنّما تتّخذ طابعًا نسبيًّا، فإنّ ثمّةَ حاجةً - كحدٍّ أدنى - لبحثٍ فكريٍّ مشترك، حولَ استراتيجيّاتِ عمل اليسار وطنيًّا، وعلى المستويات الأخرى، اليسار هو كذلك قياسًا باليمين، والعامل الحاسم هو مدى الارتباط بمصالح الشعب وأهدافه. في زمنٍ سابقٍ، وفي إطار السجال الفكريّ بين أطراف اليسار، تعرضت الجبهةُ الشعبيّة لتوصيتين طُرحا عليها من باب المأخذ النقديّ؛ الجبهةُ الشعبيّةُ تنظيمٌ عدميّ، وهو تنظيمٌ قوميٌّ هكذا، كانت تتركّز الانتقادات في البحث عن البراءة الماركسيّة، ماذا نقول اليوم بعد كلّ ما مرّ من تغيّراتٍ كونيّةٍ وإقليميّةٍ وعربيّةٍ ووطنيّة؟ وماذا تقول حركة الصراع؟

إنّ الحركةَ الصهيونيّةَ تضع الكلَّ الفلسطينيّ في خانة العدميّة؛ فالصراعُ يعودُ إلى أساسِهِ بما أنّه صراعٌ وجوديّ، أمّا عن مهمة الانتماء القوميّ، فإنّنا نتمنّى اليوم، أن تكون الحركةُ الوطنيّةُ الفلسطينيّةُ أعمقَ قوميّة، وأكثرَ فعلًا، في الإطار القومي، وذلك على كلّ حالٍ محلُّ نقدٍ سلبيٍّ لليسار الفلسطينيّ، الذي يترتّب عليه أن يكون أكثرَ فاعليةً والتصاقًا بالحركات القوميّة، وحتّى الليبراليّة العربيّة.

وكالة الصحافة الوطنية