رام الله – خاص نبأ:
أثار اعتراض قوات الأمن لعدد من مواكب الأسرى والمسيرات حالة من الاستغراب في الشارع الفلسطيني حول أسبابها ودوافعها، لاسيما بعد تطورها في بعض الأحيان إلى مواجهات مع الشبان واعتداءات عليهم.
وهاجمت قوات الأمن موكب تشييع الشهيد أمجد أبوسلطان في بيت لحم واعتدى بعض العناصر على المشيعين وصادروا رايات الفصائل الفلسطينية، كما اشتبك أفراد آخرون من قوات الأمن مع مسلحين يتبعون لحركة فتح خلال تشييع الشهيد جمال الكيال في نابلس .
وتعرضت مواكب استقبال الأسرى محمد عارف بمخيم نور شمس بمدينة طولكرم، وعبادة قنيص من مخيم عايدة في بيت لحم، لاعتداء من قبل العناصر الأمنية لمنع رفع رايات حركة حماس فيها.
وفي هذا الشأن، تحدثت الناشطة سمر حمد المرشحة عن قائمة "القدس موعدنا" لانتخابات المجلس التشريعي المُلغاة، بأن ما تقوم به الأجهزة الأمنية في مدن الضفة خلال الفترة الماضية، من قمع مسيرات استقبال الأسرى المحررين من سجون الاحتلال، والتطاول على جنازات الشهداء، "ردة عن الوطنية"، حسب تعبيرها.
وقالت "حمد" إن هذه الممارسات ليست بجديدة، وإن كانت تزداد في الفترة الأخيرة، بحيث أصبحت واضحة بطريقة مستهجنة، وهي لحرف البوصلة عن الهدف الحقيقي، والعدو الذي يجب أن تبقى أعيننا عليه وهو الاحتلال الإسرائيلي.
وشددت على أنّ ممارسات الأمن الفلسطيني، تشتت الجهد الفلسطيني، وتزيد الهوّة والشرخ بين أبناء الشعب الفلسطيني، الذي يطمح لإعادة تشكيل قيادة حقيقية تعبر عن الإرادة الفلسطينية.
ورأت أن السبب في ذلك، هو أن السلطة الفلسطينية، فقدت معناها وفُرّغت من مضمونها الذي وجدت من أجله، حيث كانت منظمة تحرير، لترتد عن هذا المفهوم، لتتحول الآن إلى منظومة تدير الأمور الحياتية والمعيشية في الضفة.
وقالت إن مشروع السلطة السياسي أثبت عدم جدوته وفشله، وكل المفاوضات والأحلام التي كان يتغنى بها هذا المشروع ثبت أنها زائفة، وعلى أرض الواقع لا تملك أوراقاً قوية .
وقالت إن الاحتلال لا يرى في السلطة شريكاً سياسياً له أجندات وقوة على أرض الواقع قادر على فرض المعادلات، وكذلك الحال بالنسبة للإدارات الأمريكية المتعاقبة، وبالتالي تحوّلت إلى سلطة تدير مصالح حياتية، وتحافظ على الاستقرار والأمن بما يحفظ مصالح الاحتلال، وما يمنع تفاقم مظاهر المقاومة .
وتطرقت "حمد" الى الملاحقات من جانب الأجهزة الأمنية، والاحتلال من جانب آخر، لنشطاء حركة حماس في الضفة مؤخراً، معتبرةً ذلك محاولة عبثية، يقابلها إصرار وتحدْ منقطع النظير رغم الاعتقالات والاستدعاءات السياسية.
وأشارت إلى ما وصفتها "الحملة المسعورة" على رفع الرايات في كثير من مناطق الضفة، بعد الحملة التي بدأتها الأجهزة الأمنية لمنع رفع رايات الحركة، وقالت إنها محاولة غير أخلاقية لا يمكن أن تخيف أبناء الشعب الفلسطيني.
ولفتت كذلك إلى تهديدات الاحتلال للطلبة في جامعات الضفة بالامتناع عن المشاركة في فعاليات حركة حماس بذكرى انطلاقتها، وقالت إن هذه تهديدات لن تجدي نفعاً، لأن من ينتمون لهذه الحركة، قد خرجوا من دائرة الخوف، ودليل ذلك ما حدث في جامعة بيرزيت من حفل للكتلة الإسلامية بمشاركة طلبة الجامعة .
من جانبها، دعت مجموعة محامون من أجل العدالة المؤسسات الأهلية والمدنية والمدافعين عن حقوق الإنسان، إلى الوقوف وقفة جادة أمام تصاعد سياسة التضييق على الحريات العامة بشكل لافت منذ مايو/أيار 2021، وآخرها الاعتداء على استقبال الأسرى المحررين.
وشددت المجموعة على أن قوات الأمن تلاحق المواطنين والنشطاء على خلفية نشاطهم السياسي، بما يخالف القانون الأساسي الفلسطيني الذي يكفل حرية الانتماء والعمل والنشاط السياسي، والمرسوم الرئاسي رقم (5) حول الحريات العامة لعام 2021.
وأشارت المجموعة إلى أن الاعتداء على الأسرى يعني الاعتداء على أحد أعمدة النضال الفلسطيني، وذلك انطلاقًا لما جاء في قانون الأسرى والمحررين الصادر عام 2003، إذ عرّف القانون الأسير في المادة رقم (1) على “أنه كل من يقبع في سجون الاحتلال، على خلفية مشاركته في النضال ضد الاحتلال.”
وأكدت أن الاعتداء يخالف المادة (٢) من قانون الأسرى والمحررين، والذي ينص على أن “الأسرى والأسرى المحررين شريحة مناضلة وجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع العربي الفلسطيني، وتكفل أحكام القانون حياة كريمة لهم ولأسرهم.”
وفي السياق نفسه، قال المفوض السياسي العام، المتحدث باسم الأجهزة الأمنية اللواء طلال دويكات، إن ما جرى في مدينة نابلس، خلال تشييع جثمان الشهيد جميل كيال، “إنما يأتي في إطار حرف البوصلة عن سياقها الطبيعي لخدمة أجندة الاحتلال عن قصد أو غير قصد”.
وقال إنه “لا يعقل أن يكون هناك إطلاق للنار من قبل بعض المسلحين، الذي يشكل خطرا على حياة المشيعين في ظل المشاركة الواسعة لقوى الأمن الفلسطيني في جنازة الشهيد كيال".
واعتبر أنّ “ما جرى من إطلاق للنار بشكل عشوائي واستهداف عناصر الأمن الفلسطيني من قبل بعض المسلحين، يصنف في إطار توسيع دائرة الفوضى والفلتان، وزعزعة الأمن الداخلي، الأمر الذي اضطر عناصر الأمن لاستخدام قواعد الاشتباك والتدرج في استخدام القوة، لمنع تفاقم الأمور".