نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

الأحياء والأموات في القدس مستهدفون

بقلم/ راسم عبيدات

العدوان على المقابر الإسلامية يتواصل ويتصاعد،فيوم الإثنين11/10/2021 أقامت جماعات صهيونية أمريكية احتفالاً على جزء من مقبرة مأمن الله،كبرى المقابر الإسلامية،حيث تقلصت مساحتها من 200 دونم الى 10 دونمات،نتيجة المصادرات لما يسمى بحديقة الإستقلال والحدائق الوطنية ومواقف للسيارات،وكذلك جرى مصادرة قسم منها لصالح اقامة ما يسمى بمتحف التسامح عام 2010،التابع لجمعية "سيمون ويزانتال " الصهيونية الأمريكية المتطرفة،وهذا الإحتفال شارك فيه السفير الأمريكي المتصهين السابق في دولة الإحتلال ديفيد فريدمان المقيم في مستعمرة " بيت ايل" وكذلك وزير الخارجية الأمريكي السابق المتطرف مايك بومبيو ،والذي اعتبر بأن الإستيطان في الضفة الغربية لا يتعارض مع القانون الدولي،وكذلك هو من شرعن منتوجات المستوطنات،كما حضر ذلك الإحتفال رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم" الفيفا".
ومنذ عدة أيام نشهد عدواناً سافراً على مقبرة اليوسفية، التي جرى هدم مدخلها ودرجها،ومصادرة 4 دونمات و 200م منها،بالقرب من صرح ا ل ش ه ي د لمنع المسلمين من الدفن فيها،والعمل على تحويلها الى حديقة تلمودية توراتية..حيث أقدمت جرافات الإحتلال على نبش وجرف رفاة وعظام ا ل ش ه داء، وتجريف القبور،هذا العمل الشنيع الذي أثار غضب وحنق سكان مدينة القدس، الذين توافدوا للدفاع عن حرمة قبورهم ورفاة وعظام موتاهم وش ه د ا ئ ه م،وقبل ذلك كان العدوان على مقبرة باب الرحمة،حيث جرى مصادرة جزء منها من أجل حفر قواعد اسمنتية لثلاثة عشر عاموداً بإرتفاع 26 متراً ،تشكل حوامل لسكة حديد القطار الطائر " التلفريك" الذي سينقل المصلين اليهود والزوار الى ساحة حائط البراق، بالإضافة الى الإطلالة على كل ما يدور في الأقصى ومراقبة كل ما يجري داخله،ولا ننسى أنه جرى إزالة مقبرة ا ل ق س ا م في حيفا ومقبرة عنابه في الرملة ،وتتعرض معركة "الإسعاف" في يافا لعدوان مستمر عليها من قبل شركات ومستثمرين يهود.
ان المخطط المستهدف لمقبرة اليوسفية التاريخية،يتعدى في مخاطر وتداعياته،إقامة مسارات وحدائق تلمودية وتوراتية ومدرجات تطل على جبل الطور،فهو يستهدف طمس كل معالم الوجود العربي الإسلامي المسيحي في المدينة، من تاريخ وتراث وأثار وحضارة ووجود ،وإكمال المشاريع الإستيطانية التي تطوق أسوار مدينة القدس،وتربط البؤر الإستيطانية مع بعضها البعض ،وتعزل شمال شرق المدينة عن قلبها (البلدة القديمة)،ولذلك هناك مشروع استيطاني على شكل هرم،سيجري تنفيذه من منطقة المتحف الفلسطيني مروراً بأرض الحسبة في طلعة وادي الجوز والسيطرة على الأملاك الوقفية الإسلامية والمسيحية هناك،ومن ثم استملاك البلدية لقطعة الأرض العائدة لعائلات حمد وعطا الله وعويس المعروفة بسوق " الجمعة"،تحت حجج وذريعة المنفعة العامة، لضمها لقطعة الأرض المصادرة من المقبرة اليوسفية،ومن ثم يتجه المشروع الإستيطاني الى داخل البلدة القديمة مستهدفاً،منطقة برج اللقلق" القريب منه بؤرة استيطانية،وقد حاول الإحتلال السيطرة على أرض البرج عام 1996،ولكن تصدي المقدسيين لتلك المحاولة أفشلها وقبرها في مهدها،ولكن من بعد سيطرة المحتل على بيت المعظمية القريب من باب حطة،والذي جرى تسريبه فيما يعرف بصفقة فندقي الإمبريال والبتراء في باب الخليل،حيث قام البطاركة اليونان بتسريب وبيع املاك الكنيسة العربية الأرثودكسية للمستوطنين.
العدوان الإسرائيلي الممنهج والمبرمج على المقدسيين ومقدساتهم،وعلى أحيائهم وامواتهم مستمر ومتواصل بلا توقف،وما يصدر عن محاكم احتلالية ياتي فقط من أجل ذر الرماد في العيون،ومن اجل تخفيف حدة الإحتجاجات الدولية،ومن أجل عدم إحراج دول حلف " ابراهام " التطبيعي من العربان المنهارين،وكذلك حتى لا تتصاعد الأمور مع الحكومة الأردنية،صاحبة الرعاية والوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي المقدمة منها المسجد الأقصى،وفي الوقت الذي التقي فيه الملك الأردني عبد الله الثاني مع رئيس وزراء الإحتلال الحالي من الصهيونية الدينية "بينت" ووزير خارجيته لبيد،كل على حدا بشكل سري،ووعدا بعدم المس بالوضع القانوني والتاريخي والديني للمسجد الأقصى،ولكن هذه الوعود،شبيهة بالوعود التي قطعها رئيس وزراء الإحتلال السابق نتنياهو للملك عبد الله الثاني،كما يقول المأثور الشعبي " كلام الليل مدهون بزبده"،أي سريع الذوبان،فقادة حكومة الإحتلال من بينت رئيس وزراء الإحتلال الى وزيرة داخليته شاكيد،ووزير أمنه الداخلي عومر بارليف ومفتش عام شرطته يعكوف شبتاي ..الخ، سمحوا للجماعات التلمودية والتوراتية بأداء طقوس تلمودية وتوراتية لصلوات صامتة في المسجد الأقصى،في تطور خطير نحو تثبيت وقائع جديدة تغير من الأوضاع القانونية والتاريخية والدينية للمسجد الأقصى،في خطوات ممنهجة ومنظمة،عبرت عنها القاضية اليمنية المتطرفة "بيهلا يهالوم" فيما يسمى بمحكمة الصلح الإسرائيلية،والتي أعطت قراراً بالسماح للحاخام اليمني المتطرف "أريه ليبو" وأتباعه بأداء طقوس الصلوات الصامتة في الأقصى،وهذا الحاخام العنصري ،هو أمين سر مجلس " السنهدرين الجدد"، الذي شكله مجموعة من الحاخامين من التيار القومي- الديني لإحياء ما يسمى بالهيكل المزعوم بدل المسجد الأقصى مع كامل طقوسه التلمودية والتوراتية.
بعد موجة الغضب التي اجتاحت المجتمع المقدسي،ورفعت من حدة الغليان في المدينة،وبما ينذر بإنفجار الأوضاع على نحو أوسع وأشمل،وبما يعيد الأوضاع الى ما كانت عليه في نيسان الماضي،حيث هبات القدس الثلاثة ساحة باب العامود، الأقصى والشيخ جراح،والتي جاءت كرد فعل مباشر على العدوان الإسرائيلي على شعبنا في القدس بهدف تهويد ساحة باب العامود وتغيير الأوضاع القانونية والتاريخية والدينية في الأقصى وطرد وتهجير سكان حي الشيخ جراح.
ما يسمى بالمحكمة المركزية الإسرائيلية،بعدما رأت بأن الأوضاع يمكن أن تنفجر على نطاق أوسع من مدينة القدس،أصدرت قراراً بمنع أداء الصلوات التوارتية الصامتة في الأقصى،ولكنها لم تلغ قرار محكمة الصلح الإسرائيلية،وتركت التقرير بشأن الصلوات والطقوس التلمودية والتوراتية في الأقصى بيد قائد شرطة الإحتلال. وقد سبق قرار تلك القاضية المتطرفة جملة من الممارسات الميدانية المدعومة من قبل المستويين السياسي والأمني،مهدت لقرار تلك القاضية المتطرفة،خلال فترة الأعياد جرت محاولات لإدخال الأدوات المستخدمة في احتفالات ما يسمى بعيد العرش من سعف النخيل وأغصان الريحان والصفصاف،وكذلك رفع العلم الإسرائيلي في الأقصى،والنفخ في البوق وترداد ما يسمى بنشيد دولة الإحتلال "هتكفا" ،واحياء طقوس زواج وممارسات لا اخلاقية وفاضحة،وأداء طقوس ما يسمى بالسجود الملحمي،وتبجح زعيم "الصهيونية الدينية" المتطرف اليميني ايتمار بن غفير بأنه في المرة القادمة سيدخل علناً الى " جبل الهيكل"،أي المسجد الأقصى رافعاً علم دولة الإحتلال.
العدوان والإعتداءات على القدس بأحيائها وامواتها ومقدساتها وفي المقدمة منها الأقصى لم ولن تتوقف،في ظل حالة فلسطينية منقسمة على ذاتها ومتشظية وضعيفة، وسلطة لا ترتقي بدورها ومسؤولياتها الى حجم المخاطر المحدقة بالقدس والأقصى،وكذلك الحكومة الأردنية صاحبة الوصاية على المقدسات والأقصى،فردود الأفعال الباهتة فلسطينياً وعربياً واسلامياً،والمكتفية باللازمة المكررة والإسطوانة المشروخة والتي لم تعد مقنعة لطفل فلسطيني،من بيانات شجب واستنكار ومذكرات احتجاج وبكاء وعويل على أبواب المؤسسات الدولية،لن تلجم العدوان لا على القدس ولا على الأقصى ولا على الكنائس ولا على المقابر الإسلامية والمسيحية،ولا على الرموز والقامات الدينية والوطنية،التي يجري اقتحام بيوتها واعتقالها وإبعادها عن الأقصى والمقبرة اليوسفية وباب العامود والبلدة القديمة من القدس.

وكالة الصحافة الوطنية