نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

من غزة إلى القاهرة.. كيف تحوّلت رحلة الـ6 ساعات إلى 6 أيام؟ 

نبأ - غزة - خاص

يعتبر معبر رفح شريان الحياة الوحيد لأهالي غزة الذي يتمكنون من خلاله من السفر إلى الخارج لأغراض إنسانية إما للعلاج أو الدراسة.

وعلى ما يبدو أن هذا الشريان يعاني من ضيق واضح ،الأمر الذي يعيق حركة المسافرين عبره ويعرّضهم لشتى أنواع العذاب والقهر.

ويشتكي جل المسافرين والعائدين إلى القطاع من صعوبات وعوائق ومعاناة كبيرة خلال رحلة السفر تبدأ من لحظة التسجيل للسفر بابتزازات ما يسمى "التنسيق" وهي مبالغ مالية يدفعها الراغبون في السفر مقابل الحصول على تسهيلات تتمثل في سرعة الحجز وتجاوز الإجراءات المعقدة في التفتيش بإشارة من أحد الجنود أو الضباط على الجانب المصري.

وتزداد المعاناة بدءا من مغادرة الصالة الفلسطينية إلى الصالة المصرية؛ لتبدأ معها حملات التفتيش وطوابير الانتظار، التي تستمر لساعات طويلة تحت أشعة الشمس وأمام عشرات الحواجز الأمنية "الكمائن" على طول الطريق من رفح حتى الإسماعيلية.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يضطر المسافرون أكثر من مرة لإنزال أمتعتهم وحقائبهم وتفريغها على التراب وفي أماكن مخصصة وغير مخصصة من أجل تفتيشها وإعادة تصفيفها ورفعها مجددا إلى المركبات والحافلات التي تقلهم.

ويروي أحد المواطنين العائدين من القاهرة إلى غزة، قبل عيد الأضحى المبارك، معاناته في العودة إلى القطاع، والتي بدأت بالاحتيال عليه بتنسيق يساعده في الوصول إلى غزة خلال ست ساعات مقابل 600 دولار؛ لكنها تحوّلت إلى رحلة الأيام الستة وقد كانت في الماضي على حد قوله لا تستغرق مسافة الطريق أكثر من 6 ساعات.

ويضيف أن الرحلة بدأت بالسفر من القاهرة إلى الإسماعيلية لتبدأ معها رحلة المعاناة عند الدخول من الطريق السريع إلى طريق التفافي ومنطقة مقطوعة وطابور طويل من السيارات بين الأحراش، وتأخذ المركبات فيها ترتيبا بالأرقام ليسمح لها بالمغادرة.

ويمضي اليوم كله في انتظار أن تتحرك المركبة مترا واحدا، وهو ما حدث بعد ساعات طويلة من الانتظار، حيث تحركت المركبة لمسافة قصيرة قبل أن يغلق الحاجز ويعود الجميع أدراجهم أو يبيتون في المركبات حتى الصباح حينما يحين موعد استئناف العمل.

وعلى هذا المنوال ومن حاجز إلى حاجز يروي المواطن كيف قضى ستة أيام بين حواجز التفتيش التي تقوم إحداها بتفتيش المسافرين بينما أخرى تعمد إلى تفتيش الحقائب، إلى جانب ساعات الانتظار الطويلة على كل حاجز دون مرافق مؤهلة لقضاء الحاجة وتحت أشعة الشمس الحارقة.

والمعاناة لم تقف عند المسافر الفلسطيني فحسب، بل إن السائقين المصريين يذوقون المعاناة نفسها ويقول أحدهم إن الوضع "كارثي" و"غير مسبوق" خلال الـ20 عامًا الماضية، وذلك على الرغم من أن بعضهم يرى في ذلك سبيلا لكسب المزيد من الأموال.

يوضح السائق المصري: "البعض هنا يحاول كسب المزيد من المال من خلال ابتزاز المسافرين بوضع مركبته في الصفوف الأولى فارغة ثم يبدا المساومة على المقاعد فيها بزيادة تبدأ من 500 جنيه إلى 2000 جنيه للفرد الواحد".

 وتزداد معاناة المسافرين والعائدين إذا كانوا يصطحبون أطفالهم معهم أو كانوا من ذوي المرضى الذين تتحول رحلتهم إلى جحيم لا يطاق في ظل ظروف غير لائقة بحياة البشر ولا أماكن تسمح لهم بالجلوس المستريح أو حتى توفير أدنى وسائل الراحة والحياة الكريمة.

وكلما اقتربت الطريق من المعبر، تفاقمت المعاناة وازداد الألم، وطالت ساعات الانتظار تحت أشعة الشمس أو داخل المركبات ذات اللهيب الحارق بالقرب من استراحات قديمة تبيع طعاما لا يسمن ولا يغني من جوع وتقدم ماء لا يروي من شدة الحر، فضلا عن عدم وجود دورات مياه وأماكن للوضوء أو الصلاة سوى التراب والحجارة.

ويأتي هذا في الوقت الذي يعوّل فيه الشعب الفلسطيني على القيادة المصرية التي عادت لتتولى زمام المبادرة في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وقيادة عمليات إعادة الإعمار وتقديم المساعدات للقطاع، بأن تقوم بتسهيل السفر للأهالي المحاصرين منذ 15 عامًا كونها صاحبة المنفذ الوحيد لهم إلى العالم الخارجي.

وكالة الصحافة الوطنية