كشف المفاوض الإسرائيلي غيرشون باسكين أنّ اتفاق وقف الحرب في غزة الذي أُعلن عنه الخميس، كان مطروحًا بالصيغة نفسها منذ أكثر من عام أي في الأشهر الأخيرة من إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
ونقلت صحيفة "تايمز" البريطانية عن باسكين قوله إنّ حركة المقاومة الإسلامية "حماس" كانت قد وافقت على الشروط ذاتها في سبتمبر/ أيلول 2024 إلا أنّ إدارة بايدن تجاهلتها بينما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق رفضًا قاطعًا.
وكتب باسكين في مقال يكشف فيه عن مشاركته في المفاوضات: "كان من الممكن إبرام هذه الصفقة منذ زمن طويل، إذ إنّ حماس وافقت على جميع الشروط نفسها في سبتمبر/ أيلول 2024 فيما عُرف آنذاك باسم صفقة الأسابيع الثلاثة".
لا اتفاق قبل تغيير إدارة بايدن
وأضاف باسكين وهو مهندس المفاوضات التي أفضت إلى إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011، أنّه تلقّى نسخة خطية وصوتية باللغتين العربية والإنكليزية من مسودة الاتفاق خلال العام الماضي، إلا أنّ المفاوضين الإسرائيليين أبلغوه في حينه أنّ "نتنياهو لم يوافق على إنهاء الحرب".
وقال باسكين إنّه تمكّن من إيصال الخطة إلى مكتب بايدن، إلا أنّه لم يتمكّن من الحصول على ردّ من كبير المفاوضين بريت ماكغورك الذي "رفض التراجع عن الاتفاق السيئ الذي كان يتفاوض عليه".
وأشار إلى أنّ أعضاء في وفد التفاوض الأميركي شعروا مثله بالإحباط لعجزهم عن إقناع بايدن ومستشاريه بدراسة الاتفاق المطروح بجدية.
وفي نهاية عام 2024، علم باسكين أنّ الإسرائيليين لا ينوون إبرام أي اتفاق قبل تغيير الإدارة في واشنطن.
حينها، التقى باسكين برئيس جهاز "الشاباك" آنذاك رونين بار الذي طلب منه "عدم استخدام القنوات الخلفية لأنّ اتفاقًا لوقف إطلاق النار سيُبرم خلال 3 أسابيع"، أي عند تولّي دونالد ترمب الرئاسة.
وقال باسكين: "عندها أدركت أنّ الحرب لن تتوقّف إلا عندما يُقرّر ترمب أنّ الوقت قد حان لإنهائها".
حينها، فتح باسكين قناة اتصال غير رسمية مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إدراكًا منه أنّه "ليس من الضروري إجراء المفاوضات بشكل مباشر مع الجانب الإسرائيلي، لأنّ تل أبيب ستلتزم بأي شروط يفرضها ترمب".
هدنة يناير
وبالفعل، التقى باسكين بويتكوف في أبو ظبي خلال حضور الأخير مؤتمرًا عن البتكوين في الإمارة الخليجية، وأثمرت جهوده عن وقف لإطلاق النار في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، ما سمح لترمب بالتفاخر بأنّه أعاد السلام إلى الشرق الأوسط قبل يوم واحد من توليه منصبه رسميًا.
وكشفت "تايمز" أنّ صيغة الاتفاق الذي اقتُرح عام 2024، شهدت الأولى إطلاق 33 محتجزًا إسرائيليًا في مقابل 1900 أسير فلسطيني، على أن تنسحب القوات الإسرائيلية بشكل جزئي من المناطق المأهولة بغزة وتدفّق المساعدات الإنسانية. بينما صُمّمت المرحلتان الثانية والثالثة لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح المزيد من المحتجزين والأسرى، واستكمال انسحاب إسرائيل من القطاع وبدء إعادة الإعمار.
غير أنّ ذلك الاتفاق انهار بعد رفض إسرائيل الانتقال إلى المرحلة الثانية، وبالتالي استأنفت الحرب على القطاع.
وبعد أشهر من تبادل الاتهامات وانتشار المجاعة في غزة، أعيد طرح الاتفاق نفسه في سبتمبر 2025. غير أنّ المفاوضات انهارت مرة أخرى، بعد العدوان الإسرائيلي على قطر، حيث استهدف الاحتلال وفد "حماس" المفاوض أثناء مناقشة الاتفاق.
وأكد باسكين أنّ ترمب ضغط على نتنياهو لإتمام الاتفاق الذي توسّطت في مفاوضاته الأخيرة كل من قطر وتركيا ومصر.
ومع توقيع الجانبين على المرحلة الأولى من اتفاق وقف الحرب في غزة، كتب باسكين: "علينا أن ننتظر التنفيذ الكامل له، والآن يمكننا أن نبدأ بالتنفّس من جديد".
