رام الله-نبأ-رنيم علوي:
في الغرب من مدينة رام الله، يقبع الجبل الشامخ " جبل الريسان" الذي يعتبر من أكثر الأماكن سياحةً، فَعلى قِمة هذا الجبل تُكشف الأراضي الفلسطيني التي احتُلت عام 1948، يواجه هذا الجبل مساعي سيطرة الاحتلال الإسرائيلي عليه؛ وذلك من خلال إقامة البؤر الاستيطانية.
إذ تعود أطماع الاحتلال الإسرائيلي إلى ثمانينات القرن الماضي، عندما وضع يده على أكثر من ألف دونم وصادرها بحجة أنها أصبحت أراضي دولة، وكان هذا بحجة أن القانون العثماني كان ينص على أن الأراضي التي لم تستغل تحول إلى ما يسمى " أراضي الدولة"، وعلى إثر ذلك نُصبت العين الاحتلالية على هذا الجبل.
وفي حديث خاص مع المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، قال إن هذا نموذج لما تقوم به جماعات المستوطنين "شبيبة التلال" في الاستيلاء على مناطق استراتيجية في الضفة الغربية، إذ أن هذا الجبل يعتبر من أعلى القمم في المنطقة، وبالتالي يشكل مطمع للمستوطنين.
أردف منصور، لِـوكالة " نبأ" بأن الفترة الماضية شهد الجبل صدور قرار قضائي بوقف الأعمال الاستيطانية عليه، وبالحقيقة حاله كحال مستوطنة "حومش" وجبل صبيح في بيتا نابلس، أي أنه رغم قرارات المحاكم في إزالة هذه البؤر؛ لأنها تتبع إلى ملكية خاصة وأقيمت بدون إشراف الدولة بل من خلال مجموعات إرهابية استيطانية، إلا أنه لا يتم اتخاذ خطوات في مواجهتها من قبل حكومة الاحتلال.
ومن الجدير ذكره، بأن مستوطنة "حومش" في عام 1982 أقيمت على أراضي قرية برقة، وفي عام 2005، قامت الحكومة الإسرائيلية بتفكيك المستوطنة ضمن خطة الانسحاب أحادية الجانب التي طالت أربع مستوطنات شمال الضفة، التي تحظر على الإسرائيليين دخول الأرض التي أقيمت عليها "حومش" بعد أن أقرّت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن تلك الأرض تعود ملكيتها لفلسطينيين من برقة، غير أن المستوطنين عادوا إلى تلك الأرض مراراً، ونصبوا فوقها الخيام وأقاموا الفعاليات والمهرجانات.
يعتقد منصور، أن الاحتلال الإسرائيلي يمهد للاستيطان شيئاً فشيئاً من خلال هذه المجموعات، وأنها عندما تثبت قدرتها على البقاء مع استنفاذ حالة المقاومة التي تواجهها، بالإضافة إلى تواطؤ المحاكم معها، تثبت عملية السيطرة عليها بشكل كامل، وبالتالي هذا جزء عملية إغراق الضفة الغربية بالمستوطنات لقتل حل الدولتين بشكل نهائي.
ومن جهته، قال المحلل السياسي علاء الريماوي لِـوكالة "نبأ" إن جبل الريسان من الجبال المستهدفة في محافظة رام الله والبيرة، إذ أنه يُعد ذو مركزية خاصة، بصفته يطّل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى ارتباطه بالمستوطنات الواقعة غرب رام الله.
واسترسل الريماي، "هذه المساحة يحاول الاحتلال السيطرة فيها على كافة رؤوس الجبال المطلة عليها بصفة أنها مساحة حدودية".
ونبّه إلى أن الخطورة تكمن في أن الاحتلال يتمدد طولاً وعرضاً، ووجود التصاقات في تكوين المستوطنات ليصبح هناك امتداد استيطاني مترابط، ومن الجدير ذكره بأن هناك 9 مستوطنات على طول الشريط الحدودي.
وأشار إلى أن هذه المستوطنات القريبة من الجبل تُعد الأخطر والأوسع وصولاً إلى التصاقها مع شريط الداخل المحتل، وبالتالي في سيطرة الاحتلال على جبل الريسان سيضمن شريط حدودي يمتد من منطقة اللبن وصولاً إلى رنتيس امتداداً إلى منطقة نعلين والقرى المحيطة فيها.
رغم هذه المحاولات المستمرة في بسط سيطرة البؤر الاستيطانية على جبل الريسان، يقبع في الشق الآخر حديثٌ عن الفعاليات والأنشطة التي تقام على هذه الجبل لترسيخ الوجود الفلسطيني عليه وللحفاظ على الملكية الفلسطينية.
وفي حديثٍ، جرى مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التي تثبيت المواطنين على أراضيهم وفي بيوتهم، والسعي في الحفاظ على الهوية الوطنية للأراضي والممتلكات الفلسطينية وحمايتها من سياسة الاحتلال الرامية للاستيلاء عليها وتهويدها.
قال عضو هيئة المقاومة صلاح خواجا لِـوكالة " نبأ"، ما يجري على جبل الريسان يعتبر بمثابة تطور جديد للسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية، والريسان يعتبر من الأراضي الفارغة، إذ تدعي "إسرائيل" بأنها وضعت اليد عليه بسبب سياسة الفرض الأمور التهويدي الواقعي، لسلب هذه الأرض التي تعتبر لمزارعين فلسطينيين بملكية خاصة.
واستطرد خواجا القول، بأنهم في هيئة المقاومة شاركوا في سلسلة من المسارات والمظاهرات، والتي مع كل أسف كانت تقمع في كل مرة من قِبل جنود الاحتلال الإسرائيلي بطريقة ممنهجة، وبمحاولات لخلق اصابات خطيرة للمشاركين ومنهم شهداء وقعوا في المنطقة.
وأشار، بأن هذا يأتي في مدى خطورة هذه المنطقة والسياسة الأمنية المستخدمة لحماية المستوطنين في المنطقة، والتي كانت آخرها في ذكرى يوم الأرض، إذ شهد هذا اليوم مشاركة العشرات في مسيرة شعبية، بالإضافة إلى زراعة أشجار الزيتون، إلا أنها قمعت بإطلاق قنابل الصوت والغاز.
ونوه إلى أن هذا جزء من شكل نضالي يجب أن يستمر دون أن يبقى تحت اسم الفعاليات فقط بل يتعداه النشاطات الموسمية.
ومن الجدير ذكره، أنه وفي عام 2019 قررت حكومة الاحتلال تحويل قمة جبل الريسان إلى بؤرة استيطانية ولتصبح تلك المنطقة محرمة على سكان كافة القرى والدخول إليها بات بمثابة الحلم بالنسبة للسكان، الذين ينشدون حقهم، وبإقامة المستوطنة باتت قرى رأس كركر وخربثا بني حارث، وكفر نعمة ودير بزيع، تعيش في سجن كبير بعد أن باتت المستوطنات تحاصرها من كل مكان.