كشفت مصادر مطلعة في المقاومة الفلسطينية، عن تلقيها رسائل عبر الوسطاء من الاحتلال تتضمن طلب الهدوء في قطاع غزة مقابل تسهيلات وإغراءات ملفتة، على الرغم من أنه في العلن يهدّد ويوجه رسائل مختلفة.
وذكرت صحيفة "العربي الجديد"، نقلًا عن المصادر إن "الرسائل التي وصلت إلى الفصائل في غزة خلال الأيام الأخيرة الماضية، كانت مختلفة عن تلك التي يعلنها الاحتلال عبر مسؤوليه الأمنيين والسياسيين، وأضافت أن الاحتلال كان يطلب الهدوء في رسائله عبر الوسطاء مقابل تسهيلات وإغراءات حياتية ووعود بتحسين الحركة على المعابر وزيادة عدد العمال وعدم إعاقة أي تمويل لعمليات إعادة إعمار القطاع".
وأضافت أن فصائل المقاومة أبلغت الوسطاء بأنها لن تسمح بالاستفراد بالفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة والداخل الفلسطيني والضفة الغربية، وأن الهدوء الذي يطلبه الاحتلال يجب أن يبدأ منها. ويأتي ذلك، بحسب الفصائل، عبر وقف استفزاز الفلسطينيين ومنع المتطرفين من اقتحام المسجد الأقصى، ورفع القيود المفروضة على غزة والضفة.
وأفاد المصدر، بأن فصائل المقاومة متنبهة للتهديدات الإسرائيلية العلنية الأخيرة، والتي يُفهم من بعضها أن هناك قراراً باغتيال مسؤولين فلسطينيين، وهو إن حدث، سيشعل غزة بالتحديد وسيكون على الفصائل الذهاب إلى مواجهة مع الاحتلال.
إلا أنه وفق تقديرات المتابعين، هناك محاولة من الفصائل لإبقاء ساحة قطاع غزة بعيدة عن التوترات الحالية، وإعطاء الفرصة للرد على جرائم الاحتلال وعدوانه واستهدافاته الأخيرة انطلاقاً من القدس والضفة والداخل، لأنها أكثر إيلاماً للإسرائيليين ولتفعيل حالة الغضب الشعبي ضد الاحتلال ومستوطنيه.
لكن هذا التكتيك الذي يبدو أن الفصائل باتت تعتمده، قد يصطدم بتطورات ميدانية أكبر في الضفة والقدس، وتكون أكبر من قدرتها على تحمله، وحينها يصبح الرد من غزة جزءاً من حالة التصعيد والتوتر الحالي التي يتأهب لها الاحتلال ويتخوف منها.
وأي اغتيالات قد تذهب إليها حكومة الاحتلال سيكون هدفها، وفق المصادر، إعادة الثقة للشارع الإسرائيلي في ظلّ العمليات الثلاث الأخيرة التي لم تتوقعها أجهزة استخباراتها المختلفة والتي نفذت في بني براك والخضيرة وبئر السبع.
وفي وقت سابق، ذكرت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، أن اتصالاً جرى مساء الخميس الماضي، بين رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا، بحث التصعيد الأخير داخل الأراضي المحتلة، في مسعى لأداء القاهرة دوراً سريعاً وضاغطاً لدى الفصائل الفلسطينية في محاولة لكبح التصعيد.
ويخشى الاحتلال من ردّ فعل فلسطيني ينطلق من غزة على ما يجري في الضفة الغربية من عمليات اغتيال لمقاومين وما يحدث في القدس من استفزازات المستوطنين واقتحامات المسجد الأقصى وحالة التضييق على الفلسطينيين في شهر رمضان (بدأ في 2 إبريل/ نيسان الحالي).
ووفق المصادر ذاتها، فإن حكومة الاحتلال تخشى بالذات من رد فعل من حركة "الجهاد الإسلامي" بعد جريمة اغتيال ثلاثة من عناصر جناحها العسكري ("سرايا القدس") في مدينة جنين (خليل طوالبة، وصائب عباهرة، وسيف أبو لبده)، فجر السبت الماضي، خصوصاً أن الحركة ردّت في أوقات سابقة على عدوان أقل من ذلك استهدف نشطاءها وأسراها.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الرسالة التي وصلت للإسرائيليين من الفصائل الفلسطينية عبر الوسطاء كانت تأكيداً على المعادلات الماضية التي فُرضت في معركة رمضان الماضي، والتي سمّتها المقاومة "سيف القدس".نبأ – رام الله – رنيم علوي
لليوم الثالث على التوالي، تشهد ساحة باب العامود مواجهات بين الشبان الفلسطينيين المحتفلين بالشهر المبارك وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي تتعمد استفزازهم والاعتداء عليهم واعتقال عدد منهم.
وهذه المشاهد التي تعيد للأذهان بداية التصعيد خلال رمضان الماضي والذي تطور إلى هبة كبيرة في الداخل المحتلة والتي تصاعدت إلى معركة سيف القدس، فهل يمكن لهذا السيناريو أن يتكرر؟ وما هي تبعاته وكيف يمكن التصدي لممارسات الاحتلال ومستوطنيه؟
في هذا الشأن يتحدث السياسي والمختص في شؤون القدس فخري أبو ذياب لِـوكالة " نبأ"، واصفاً القدس بأنها على صفيحٍ ساخن، وأنها تقترب من إندلاعِ هبة جديدة لربما هي الأعلى من سابقاتها، وذلك لأسبابٍ كثيرة، منها: استفزازت قواتِ الاحتلال وشرطته التي تعمل على تقليل الوصول أعداد الذاهبين للمسجد الأقصى ومحيط البلدة القديمة، وذلك من باب محاولة شرطة الاحتلال فرض السيادة على هذا المكان الرمزي.
وأضاف أبو ذياب: " أما السبب الثاني، هو محاولة قوات الاحتلال ترميم سمعته وبالتحديد بعد هبة سيف القدس التي مني فيها بخسائر فادحة نتيجة الصمود والثبات الذي شكله أهل القدس وفلسطين بشكلٍ عام، وصولاً إلى الأحداث الأخيرة التي قادت إلى تراجع سمعة الأجهزة الأمنية أمام العالم وشعبها بالتحديد، وبالتالي هي تريد أن تثبت أنها صاحبة السيادة والسيطرة في القدس".
وأردف: " القدس اليوم بعد التوتر الذي زاد، يمكن اعتباره بأنه ثكنة عسكرية، توتر شديد على أبواب المسجد الأقصى، تدقيق كبير من قوات الاحتلال على الهويات في محاولة عرقلة الوصول، وهذا مشير على أن الأيام القليلة القادمة ستشهد ردود فعل من أهل القدس ومن يتواجدون بالقدس بشكلٍ عام".
ومن جهته، دعا الأكاديمي والباحث في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة وسائل الإعلام لأن تأخذ في عين الاعتبار بأن القدس دائماً على صفيحٍ ساخن طوال أيام السنة، والقدس رمضان هي نفسها القدس شعبان وشوال وكامل شهور السنة، وأنها تناطح بكفها مخرز المستعمر الإسرائيلي في اشتباكٍ معه ليل نهار.
وأشار هلسة، إلى أن هذا لا يغير حقيقة خصوصية هذا الشهر، فهو ترنو فيه القلوب والأبصار إلى المسجد الأقصى ومدينة القدس بشكلٍ عام فإنه شهر الرباط والإعداد، وهو شهر الحجيج إلى المدينة المقدسة يأتي إليها الفلسطينيون من مختلف مناطق الضفة الغربية والداخل الفلسطيني وأيضاً من تيسر له أن يأتي من غزة.
وتابع هلسة القول لِـوكالة " نبأ" : " هذا كله يزيد من حالة الاحتكاك مع ترسانة الاحتلال الإسرائيلي في داخل المدن المقدسة، وهذا لأن " إسرائيل" تتعامل مع الفلسطيني في داخل المسجد الأقصى من زواية الخطر الأمني، والتهديد الأمني، وبالتالي فإن هذه النظؤة الاستعلائية الفوقية ترى فيها " إسرائيل" أن كل فلسطيني يتحرك داخل القدس خطراً عليها، وهذا ما يدفع الفلسطيني صاحب الأرض إلى أن يقاوم هذا الوجود العسكري".
وأردف: " أمس بن غفير دعا إلى اطلاق النار على كل فلسطيني يطلق الحجارة، أو حاول أن يجابه شرطة الاحتلال في مدينة القدس، وقالها اليوم أيضاً في جلسة برلمان الاحتلال " يجب اطلاق النار على الفلسطيني الذي يحاول المساس بشرطة الاحتلال"، وبالتالي فإن هذه هي العقلية التي يتحرك بها المستعمر الإسرائيلي " عقلية اجتثاث الآخر"".
فيها نوه هلسة إلى أن الحالة في مدينة القدس ستشهد تصاعداً مستمراً وذلك لأن؛ المدينة تعيش الآن على مشروعين، الأول هو هذا المشروع الاسيتطاني الاحلالي الذي تحكم عليه " إسرائيل" القبضة بالنار على الفلسطينيين المقدسيين، وعلى الشجر والتراث وعلى كل ما هو عربي فلسطيني بدخل المدينة، بالإضافة إلى مشروع أهل الأرض بأصحابه الأصليين الذي يقارعون بإرادتهم مخرز الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى ذات السياق، فقد عبّر السياسي المقدسي زياد ابحيص على منصته الفيسبوك: " ما عجز عنه الاحتلال دفعة واحدة في رمضان الماضي في باب العامود في القدس يحاول أن يحصل عليه خطوة خطوة: الاحتلال ينصب حواجز معدنية عرضية لإغلاق مساحات الجلوس أمام باب العامود مباشرة، ولتعزيز برج الشرطة المحصن الذي بناه في ٢٠١٧ لتعزيز سيطرته على المكان".
مضيفاً: " منذ عشية رمضان تشن سلطات الاحتلال حربها على باب العامود من جديد باعتباره مساحة إعلان سيادتها على القد، وفي الليلة الأولى من رمضان نصبت شرطة الاحتلال حواجز عرضية لتقييد مساحة الجلوس والحركة، والليلة الثانية لرمضان نصبت مركز شرطة متنقل قرب باب العامود.
وأردف، صباح اليوم الثاني لرمضان نصبت شرطة الاحتلال كشافات جديدة فوق غرفها المحصنة التي استحدثتها في ٢٠١٧ في محيط باب العامود، وعصر اليوم الثاني لرمضان اقتحم وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد محيط باب العامود مستعرضاً وسط حماية مشددة"
وأعلنت شرطة الاحتلال نشر لواء كامل من ستة كتائب يضم ثلاثة آلاف شرطي في محيط البلدة القديمة، شكلته بشكل مؤقت لقمع القدس وشبابها في رمضان، فهل نشهد قريبا معركة "سيف القدس2"؟