جنين-نبأ-نواف العامر
تبعث شجرة خروب فلسطينية قديمة، الحياة مجددا في سيرة أحد أبطال ثورة عام 1936 وشهدائها مع كل زيارة لها في منطقة ريفية في بلدة فقوعة شرق مدينة جنين.
وتتربع شجرة الخروب وسط سهل ممتد فسيح يتوسط المسافة بين مدينتي بيسان الكنعانية القديمة وجنين، لا تضرب جذورها في عميق الأرض فحسب بل تصل لجذور تاريخ المقاومة الفلسطينية للاحتلال البريطاني وبدايات حضور نشطاء يهود، مهدوا لإقامة كيانهم على فلسطين، بحسب وصف الناشط المحلي مفيد جلغوم.
ويقول جلغوم لـ "نبأ" إن الرعاة والزوار لا يستظلون في ظل شجرة الخروب العتيقة فحسب، بل تظلهم سيرة القائد الشهيد من ثورة عام 1936 وهو الثائر حسين العلي الزبيدي الصقوري من بيسان والذي ينتمي لقبيلة الصقور.
وكانت شجرة الخروب تمثل إحدى محطات العبور والتخطيط والعمل الفدائي للشهيد الصقوري الذي بنى مجموعات عسكرية انصهرت في فصيل عسكري ضم أبناء المنطقة من بيسان وجنين، جعلت من الاحتلال الإنكليزي والقادمين اليهود هدفا لرصاصهم وضمتهم كهوف وجبال فقوعة مأوى ومقرا لهم لفترة تزيد عن ثلاثة أعوام.
ويسرد جلغوم وهو أستاذ للتاريخ وأسير محرر من سجون الاحتلال لزوار شجرة الخروب سيرة البطل الصقوري سردا شفوياً، يؤرخ لمرحلة هامة وحساسة من تاريخ الثورة العتيدة، ومن شدة حبه لفقوعة وأشجار خروبها المنتشر، أوصى بأن يدفن في فقوعة بعد شهادته لشدة تعلقه بالمنطقة، ووفاءً للأبطال الذين قاتلوا وتربوا فيها وفي أحضانها.
ويواصل جلغوم الحديث بشغف عن الشهيد الصقوري، "لقد سجل التاريخ أسفار بطولاته العديدة وأبرزها ثلاثة عمليات، منها هجومه على مخفر الشرطة الإنكليزي في بيسان كبداية حقيقية لعمله الفدائي المقاوم، تلاها الهجوم على منطقة الساخنة ذات المياه الدافئة لكن الإنكليز من حنقهم وتأثرهم بنتائجها بدلوا اسمها لحديقة الثلاثة قتلى بأسمائهم.
ويرى جلغوم أن العملية الفدائية التي رفعت اسمه وزادت من رصيد الثورة وحضورها تمثلت بتفجير أنبوب البترول القادم من العراق ويمر عبر بيسان نحو مصفاة حيفا ومنها إلى سفن التصدير لأوروبا، وهو ما أفقد الاحتلال البريطاني رشده وعقله إثر العملية وتداعياتها الأمنية والاقتصادية.
ووثقت أشعار الشاعر توفيق زياد عملية تفجير الأنبوب وسلسلة عمليات الصقوري في قصيدة شعرية وملحمة فنية ثقافية تخليدا للبطولات التي تحولت لاحقا لأغنية ملهمة صدحت بها حناجر أعضاء فرقة العاشقين الشهيرة وتغنت بالاسم الحركي له وهو سرحان في أغنية "سرحان والماسورة" فيما يطلق جلغوم على سيرة الصقوري وصف الماسة المفقودة وتحتاج من الأجيال تخليدها بمزيد من الزيارات للخروبة التي تبعث الحضور والقوة في سيرته على مدار الفصول الأربعة الحياة.