نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

“تحريج” الصحراء.. مشروع استيطاني تهويدي بامتياز

بقلم: راسم عبيدات

سياسة “تحريج” الصحراء من قبل ما يسمى بسلطة اراضي دولة الإحتلال” الكيرن كايميت”وما يعرف ب الصندوق القومي اليهودي “كاكال”،هي شكل من أشكال السلب والسيطرة على الأراضي الفلسطينية،ف” تحريج” اجزاء كبيرة من أراضي النقب ،55 ألف دونم،تحت ما يسمى بالمنفعة العامة او انها أراضي دولة، هي احدى الطرق والوسائل الإحتيالية لشرعنة المشاريع والمخططات الإحتلالية الإستيطانية للسرقة والسيطرة على الأراضي الفلسطينية،ففي” التحريج” يمنع السكان الفلسطينيين من الدخول للأرض التي يمتلكونها وإستعمالها،وعملية ” التحريج”،تجعل من تلك الأراضي، بمثابة أرض احتياط يجري استخدامها من أجل توسيع وبناء مستوطنات جديدة،

وكذلك الحد من التوسع الجغرافي الفلسطيني ومنع التواصل الديمغرافي..والحرب التي يشنها الإحتلال على أراضي عرب النقب تندرج في هذا الإطار وتلك السياسة…ولأجل شرعنة و”دسترة” و”قوننة”الإستيلاء على أكبر مساحة من أراضي عرب النقب،تحت حجج وذرائع بان تلك الأراضي هي املاك دولة،جرى إقرار ما عرف بقانون برافر في الكنيست الإسرائيلي يوم 24 حزيران/ يونيو 2013، بناء على توصيات لجنة حكومية برئاسة نائب رئيس مجلس الأمن القومي السابق ايهود برافر عام 2011 لتهجير سكان عشرات القرى الفلسطينية من صحراء النقب جنوب فلسطين، وتجميعهم في ما يسمى “بلديات التركيز”، حيث تم تشكيل لجنة برافر لهذا الغرض.

ويعتبر الفلسطينيون هذا المشروع وجها جديدا لنكبة فلسطينية جديدة، لأن إسرائيل ستستولي بموجبه على أكثر من 800 ألف دونم من أراضي النقب وسوف يهجر 40 ألفا من بدو النقب وتدمير 38 قرية غير معترف بها إسرائيليا. إلا أن إسرائيل قد تراجعت مؤقتاً عن هذا المشروع في كانون الأول/ ديسمبر 2013، نتيجة للضغوط والنضالات الشعبية والجماهيرية لشعبنا وأهلنا في الداخل الفلسطيني – 48 -.

في إطار معركة جس النبض وتطبيق مشروع برافر التهويدي،قامت دولة الإحتلال بهدم قرية العراقيب للمرة السادسة والتسعون بعد المائة منذ مطلع عام 2000 ولغاية الآن،وكذلك جرى هدم قرية ام الحيران في كانون الثاني/2017،والتي سقط في معركة الدفاع عنها الأستاذ يعقوب ابو القيعان،الذي أطلقت عليه شرطة الإحتلال النار بدون أن يشكل أي خطر على شرطتها او جنودها،بل هي أتت في إطار الحقد والعنصرية والتطرف.

اليوم الإحتلال وفي ظل حكومة بينت القادم من جبهة الإستيطان،والذي يمثل الشكل الأعنف للصهيونية الإستعمارية،فهو يرى الإستيطان كما الصهيونية يبدأ من التلال،واذا لم يكن ذلك ممكناً ،فليكن ” البرج والسور” ومعسكر جيش قريب،يحمي ما تم سرقته من حقوق.

بينت ومعه الكثير من المستوطنين المتطرفين أمثاله،ومن بعد معركة “سيف القدس” ، نشهد عدواناً واسعاً على شعبنا الفلسطيني،حيث وتائر الإستيطان ومصادرة الأراضي تتكثف وتتصاعد بشكل جنوني في القدس والداخل الفلسطيني- 48 – والضفة الغربية،وضمن هذه السياسة يجري استهداف القرى والبلدات العربية في النقب،وخاصة ما يعرف بالقرى العربية ال 38 غير المعترف بها من قبل دولة الإحتلال،والتي وجودها سابق لوجود دولة الإحتلال، الإحتلال قلق من زيادة السكان العرب في النقب والمساحات الكبيرة من الأرض التي يمتلكونها،ولذلك هو يريد العودة مجددا لتهويد النقب وتهجير سكانه العرب والعمل على تجميعهم وتركيزهم في مناطق محددة،يسهل السيطرة عليها
تحت مسمى جديد مخادع ومضلل هو “تحريج” الصحراء،
ومن هنا وجدنا كيف قامت قوات الإحتلال وشرطته بعمليات تجريف واسعة لأراضي عرب الأطرش بالقرب من قرية سعوة،على مدار عدة أيام،ونفذت عمليات قمع وتنكيل واسعتين بحق اهالي النقب الذين تصدوا لعمليات التجريف ،وكذلك كان هناك أكثر من 150 معتقلاً في التصدي لعمليات التجريف ومصادرة أراضي عرب الأطرش.

حكومة الإحتلال في ظل اشتداد وتصاعد عمليات مقاومة ما يسمى بمشروع ” تحريج” الصحراء الإحتلالي،اضطرت للتراجع عن استكمال هذه المخطط والمشروع بشكل مؤقت،ولكنها لن تتخلى عن تجريد بدو النقب من أراضيهم،وطردهم وتهجيرهم في شكل جديد من أشكال النكبة.

ما يجري في النقب من عمليات هدم وتجريف للأراضي ومحاولات لهدم ومسح القرى غير المعترف بها على وجه الخصوص،نشهد نفس هذه السياسة تمارس وتنفذ في الضفة الغربية،حيث الإشتباك الشعبي والمقاومة الشعبية تتصاعد ضد مصادرة أراضي شعبنا هناك في بيتا،حيث دفع ويدفع أهالي بيتا دماً وتضحيات ثمناً لمقاومتهم لمشاريع ومخططات الإستيطان على أرضهم وبالذات جبل صبيح، تسعة شهداء سقطوا دفاعاً عن الأرض ومئات الجرحى والمعتقلين حتى الآن..وفي برقة – نابلس كما في بيتا،تجرى مقاومة شرسة لإقامة بؤر استيطانية على أراضي برقة ،خاصة البؤرة الإستيطانية المخلاة “حومش” التي حاول المستوطنون العودة اليها،بعد العملية العسكرية التي نفذتها خلية للجهاد الإسلامي مؤخراً والتي قتل فيها مستوطن واصيب اثنان أخران بجروح،ونفس المشهد في بيتا وبرقة،يتكرر في بزاريا وبيت دجن وكفر قدوم وسبسطية والأغوار وسيلة الظهر ومسافر يطا وغيرها من قرى وبلدات الضفة الغربية.

أما في القدس فمشاريع الإستيطان وعمليات مصادرة الأراضي لا تتوقف،بل هي في حالة “تضخم” و” تسونامي” ،ففي عام 2021،صادقت ما يسمى باللجنة اللوائية والتخطيط التابعة لبلدية الإحتلال على إقامة أكثر من 18240 وحدة استيطانية.

استيطان يتصاعد ويترافق مع حرب شاملة يشنها قطعان المستوطنين على شعبنا وأهلنا على طول وعرض مساحة فلسطين التاريخية…والهدف في كلا الحالتين واحد،الإستيلاء على أكبر مساحة من الأرض الفلسطينية،وطرد وتهجير أكبر عدد من السكان الفلسطينيين،وحصرهم في تجمعات سكانية،تحولهم الى أقليات سكانية يعيشون في جزر متناثرة ضمن محيط اسرائيلي واسع،ولذلك ما يجري في النقب من حرب على الأرض الفلسطينية من خلال مشاريع التهويد،يترافق مع مشاريع تهويدية أخرى في الجليل وفي الضفة الغربية والقدس،وهذا لا ينفصل عن سياسة طرد وتهجير وترحيل قسري ضمن سياسة تطهير عرقي ممنهجة،سواء ضد العرب الفلسطينيين في المدن المختلطة في الداخل الفلسطيني- 48 -،مثل اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا،وضد العديد من الأحياء المقدسية في سلوان والشيخ جراح وبيت حنينا وبيت صفافا وغيرها.

مشروع ما يسمى ب” تحريج” الصحراء،آخر ما تفتقت عنه عقلية الإحتلال العنصرية للسيطرة على أراضي شعبنا في النقب وتجريدهم وسلخهم عن أراضيهم،وخاصة القرى غير المعترف بها،لمنع دخولهم اليها مرة ثانية واستعمالها،ولذلك مخاطر هذا المشروع لا تقل عن خطر مشروع “برافر” لتهويد النقب،فكلاهما مشروع تهويدي بإمتياز.
Quds.45@gmail.com

وكالة الصحافة الوطنية