القدس – نبأ – شروق طلب:
يواصل الاحتلال الإسرائيلي احتجاز جثامين عدد من الشهداء الذين أعدمهم بدماء باردة وبذرائع واهية منها محاولاتهم تنفيذ عمليات ضد جنوده أو مستوطنه، تاركًا ذويهم في معاناة الفقد والعجز عن وداعهم ودفنهم كما يليق بهم.
وتسلّط وكالة "نبأ" الضوء على معاناة أسر الشهداء المحتجزة جثامينهم، ومنهم ذوو الشهيد عبد الحميد والشهيد بلال رواجبة والشهيدة مي عفانة.
وبدءا من عائلة الشهيدة مي عفانة التي أبدت حزنها الشديد على فقدان ابنتها من جهة ومن ضعف التواجد على الصعيد الشعبي والإعلامي في مناصرتها ودعم وقفاتها الاحتجاجية المطالبة باسترداد الجثمان.
وقال زوج الشهيدة مي عفانة حسين جفال: "مي استشهدت ب١٦/٦/٢٠٢١ واحتجزت سلطات الاحتلال من ذلك الحين جثمانها، نقوم بمسيرة سلمية على مدخل مغتصبة معالي أدوميم أسبوعا وشاركنا في أكثر من ٣٠ مسيرة للمطالبة باسترداد جثمانها، ولن نوقف المطالبة بجثمان الشهيدة مي، ولن نستسلم حتى نكرم شهيدتنا بدفنها، ونقيم لها جنازة مهيبة لتكريم روحها".
وأضاف جفال: "سلوك الاحتلال هو سلوك إجرامي وعقاب جماعي مخالف لكافة المواثيق الدولية والأعراف العالمية والقوانين المجتمعية، ونطالب الحكومة بالعمل على تحرير جثامين الشهداء والمطالبة بها والضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن جثامين شهدائنا".
وطالب "فصائل العمل الوطني بتبني قضية الشهداء المحتجزة جثامينهم في ثلاجات الاحتلال ومقابر الأرقام، نطالب المؤسسات المدنية والحقوقية برفع وتسليط الضوء على قضية الشهداء للعالم أجمع لكشف جرائم المحتل".
ومن جهتها، قالت والدة الشهيدة مي عفانة خلود حلبية: "كلي أمل أن تعود ابنتي وأصبح لدي بصيص أمل باسترداد جثمانها بعد تسليم جثمان الشهيد امجد وجثمان الشهيدة إسراء".
وأضافت حلبية: "سلاف ابنة الشهيدة عمرها ٥ سنوات لليوم لم تفارق الأسئلة خيالها، وين أمي؟ أمي معي بحسها في الليل يا ستي وتوصلني دائما إلى المدرسة، بحب أمي ببراءة الأطفال قالتها".
وتابعت: "قمنا بإنشاء خيمة منذ استشهاد مي تتواجد النسوة في أيام معينة لعل وعسى نضغط على المؤسسات لتسليط الضوء على قضية الشهداء المحتجزة جثامينهم في ثلاجات الاحتلال".
ومن جانب آخر، تحدثت شقيقة النقيب بلال رواجبة عن مصير شقيقها المجهول وما إذا كان شهيدًا أم جريحًا أو معتقلًا.
وقالت رواجبة: "أنا أسميه الشهيد الحي إلى حين أن نعرف مصيره بعد ذلك اليوم الذي خرج فيه بلال لشراء حاجيات لأن أصدقاءه قادمون ليباركوا له بمولودته الجديدة التي لم تبلغ الشهر والنصف جوان".
وأكملت: "خرج بلال كالعادة لعمله صباحا في جهاز الأمن، كان يوما طبيعيا، على الساعة التاسعة والنصف ضجت كل وسائل الإعلام باستشهاد النقيب بلال رواجبة في إطلاق نار متبادل وهذا غير صحيح لأن تلك رواية إسرائيلية وفي تقاريرهم تمت كتابة حيدنا منفذ العملية، وهذا من الممكن أن يكون على قيد الحياة لأنه كان يضع يده على ناقل الحركة "القير" ويضع حزام الأمان".
وزادت: "لو كان في نيته إطلاق النار عليهم لم يكن بتلك الوضعية، فهو درس بمصر وهل كان في نيته ضرب الحجارة؟"، مشيرة إلى أن " الاحتلال كان يقصد اغتياله، فالقناص أطلق النار عليه وتضاربت الأنباء حول قدوم طائرة أو سيارة إسعاف لنقل بلال فورا ولم يتم نشر أي فيديو إلا واحد له وهو مثل النائم".
وتابعت رواجبة: "تم استدعاء أهلي لمعسكر حوارة وإخبار والدي بأن بلال في غرفة العمليات واحتد بالنقاش معهم فأخرجوا والدي وأخبروه أن ابنك مات، وذلك الساعة 12:30، ثم اتصلوا علينا المخابرات الإسرائيلية وكنت بعملي حنيها ولم أكن أعلم شيئًا".
وأردفت: "من تلك اللحظة لليوم لم نبلغ بأي شيء لا إنه شهيد ولا بأنه جريح أو معتقل ولا من مؤسسات رسمية ووطنية حتى جهازه الذي يعمل فيه أخبرونا أنهم لا يعلمون شيئًا وأنهم سيبذلون جهودهم وأن الاحتلال يعيد الملف".
وأشارت إلى أنهم "لم نترك عن جهدنا جهد توجهنا للصليب الأحمر ومركز القدس وليس هناك أي معلومة، ولاز لنا في انتظار أي خبر عنه ما إذا كان حيًا أو شهيدًا، نحن احتسبناه عند الله شهيدا؛ لكن لا زال لدينا أمل في أنه على قيد الحياة".
ولفتت رواجبة إلى أن "هناك شيئا مفقودا بالقصة، نحن من حقنا أن نعرف أنه شهيد أم أسير؟ هل هو في الثلاجات أم أسير في الزنازين أم أنه في مقابر الأرقام، والدتي لليوم تنتظره أن يقوم بالاتصال بها أو يصلها خبر عن بلال".
وأعربت عن أسفها من ضعف التضامن مع العائلة، قائلة: "قمنا بحملة وتفاجأنا بأن الكثير لا يعلم عن بلال ويعتقد أنه تم دفنه، فأين بلال لا يوجد له اسم بالأسرى ولا بين الشهداء أين هو؟".
وناشدت رواجبة "المؤسسات الدولية لتوصيل صوت أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم وقضية بلال الذي لا نعلم أي شيء عنه لهذه اللحظة أمي تصعد لمنزله تقوم بإخراج ملابسه وتهوية المنزل كأنه موجود نحاول أن نعيش ولكنه صعب كثيرا حتى أصبحنا نتجنب الجلوس معا على مائدة الطعام والتجمع بأي مكان لأنه تخيلي فرد من أفراد الأسرة مفقود، عام من العذاب والقهر، والدي لليوم يبكي على بلال، نأمل بيوم أن نعرف أي معلومة عنه ولدينا أمل في ذلك".
ولا تقل معاناة والدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور، أزهار أبو سرور، عن عائلتي رواجبة وعفانة، فهي الأخرى تعاني من احتجاز جثمان ابنها الشهيد، وتقول لـ"نبأ"، "في 18-4-2016 نفذت عملية في مدينة القدس تم إعلامنا ثاني يوم أن ابني هو منفذ العملية ثم تم استدعاء والده ليراه بعد إخبارنا أنه مصاب لكن والده لم يستطع التعرف عليه ولم تكن معالم الوجه واضحة".
وأضافت أبو سرور: "بعدها بيوم في 20 أبريل/ نيسان، تم الإعلان عن استشهاده ساعة العصر ومن ذلك اليوم بدأت رحلة العذاب باحتجاز جثمانه لأن الاحتلال أبلغ الارتباط بعدم تسليم جثمان عبد الحميد".
وأكملت: "في تلك الفترة عاد الاحتلال لسياسة احتجاز جثامين الشهداء، في تلك الفترة تم تسليم جثامين بعض الشهداء كنا نأمل أن يكون عبد الحميد بينها ولم يتم تسليم جثمانه، مباشرة توجهنا إلى المحكمة عن طريق مركز القدس وقدمنا طلب لاسترداد جثمان عبد الحميد، وفيما بعد انتقل ملفه لهيئة شؤون الأسرى مع ستة شهداء من القدس في تلك الفترة تحديداً والذي يرفض الاحتلال تسليم جثامينهم، على الرغم من تسليم شهداء من الضفة وإصدار المحكمة قرارا بتسليم جثامين شهداء القدس بشروط".
وتابعت أبو سرور: "كنا نتوقع أن الجثمان السابع سيكون لعبد الحميد؛ لكن للأسف في وقتها تغيرت الوزارات، ورفض وزير الحرب أن يتم تسليم جثامين شهداء الضفة من بينهم عبد الحميد".
وأكملت: "لاحقا تم تسليم غالبية الجثامين وتم التحفظ على أربعة شهداء من بينهم عبد الحميد ورامي عورتاني ومحمد الفقيه ومحمد الطرايرة، وبعد ذلك ازداد عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم، في كل مرة كنا نتأمل تسليم جثمان عبد الحميد كان يقابل بالرفض".
وزادت: "فوجئنا بعد عام وخمس شهور خلال جلسة محكمة بالإعلان عن دفن أربعة شهداء في مقابر الأرقام وكان بينهم عبد الحميد، وذلك بعد حصولي على قرار الدفن فوجئت بنقل جثمان عبد الحميد لمقبرة الأرقام".
وبعد حرب قانونية استطاعت الحصول على تقرير وبيّنت أبو سرور، "إن التقرير الطبي الذي يقع في 40 صفحة باللغة العبرية، يبين رقم سيارة الإسعاف التي نقلت عبد الحميد للمشفى بعد حصول العملية، ووصوله إلى معهد أبو كبير أشلاء موزعة في ثلاثة أكياس تمت مطابقتها".
ثم تكمل والدته بدموع وغصة: “إن الحديث عن هذه التفاصيل مؤلم وصعب للغاية؛ حتى أن التقرير يوضح أنه في كيس من الأكياس عثر على نعل أحد زوجي الحذاء الذي كان يلبسه عبد الحميد، وبعض التحاليل التي أُجريت له بينت ذلك"
وأشارت أبو سرور" العائلة حصلت على قرار الدفن في تموز عام 2017، ويُبين التقرير دفن عبد الحميد في مقبرة “عامي عاد”، إحدى مقابر الأرقام السرية التي يدفن الاحتلال فيها جثامين منفذي العمليات الفدائية"
وأوضحت أبو سرور ساعة الدفن ورقم القبر ورقم السطر، كما يُشير إلى دفن الشهيد في تابوتٍ معدني بعد أخذ عينة DNA، ومطابقتها على الأرجح مع عينة من والده محمد أبو سرور الذي استدعاه الاحتلال للتعرف على جثمان ابنه، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب الحروق المنتشرة في جميع أنحاء الجسد"
يُذكر أن الاحتلال يحتجز حتى اللحظة 90 جثمانا في الثلاجات منذ العودة لسياسة احتجاز الجثامين عام 2016، بالإضافة إلى 250 جثمانا لشهداء فلسطينيين، في مقابر الأرقام منذ سنوات طويلة.