نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

ألقت بظلها الثقيل على الاقتصاد وزادت انكماشه

البطالة تفاقم معاناة الشباب وجائحة كورونا تجبرهم على الهجرة

نبا – رام الله – رنيم علوي

على مدار العقود الخمسة الماضية، واصلت سلطات الاحتلال سياستها في تعميق ظاهرة الفقر والبطالة بالمجتمع الفلسطيني، وذلك من خلال ضرب الاقتصاد الوطني الفلسطيني، وإعاقة نموه، بالإضافة إلى حرمان الكثير من الفلسطينيين مصادر رزقهم ومواردهم الطبيعية، وإعاقة حركة المواطنين وبضائعهم؛ وذلك من خلال إغلاق بعض مداخل المناطق السكنية بالمكعبات الإسمنتية.

وفي عام 2019 وصلت نسبة خط الفقر في فلسطين إلى حوالي 25.3% بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني، فكيف الحال بعدما جاءت موجة فيروس كورونا وأصبحت ذراع داعم للمخطط الصهيوني في ارتفاع نسبة الفقر والبطالة؟ 

 

مشكلة خطيرة " هجرة مؤقتة"

ووفقا لأحدث تقارير مركز الإحصاء عن الهجرة، فإن نسبة الهجرة للعمل خارج الوطن المحتل قد ارتفعت لعام 2019 لدى فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين " 18_29"، حيث وصلت نسبتها إلى 23% من مجمل السكان الأصليين.

ويظهر التقرير أن الهجرة المؤقتة للعمل شكلت مصدراً بديلاً لإنعاش الاقتصاد الداخلي، إلا أن خصوصية الوضع الفلسطيني بموضوع الهجرة تعد مشكلة سياسية خطيرة، كونها تتسبب بالتفريغ التدريجي للفلسطينيين من وطنهم، وهذا بدوره يشكل ارتفاع البطالة وقلة الموارد البشرية في البلد الأصلي" هذا ما قالته الدكتورة ميسون الوحيدي في كتابها " الشباب يضيئون دروب التحرير" .

وأكد الجهاز المركزي للإحصاء، صعود معدل البطالة في فلسطين إلى 26.6 بالمئة خلال الربع الثاني 2020، مقارنة مع 25 بالمئة في الربع الأول، وسط تأثير سلبي لتفشي فيروس كورونا على الوظائف.

وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الخميس، إن عدد العاملين في السوق الفلسطينية، تراجع خلال الربع الثاني من مليون فرد إلى 888.7 ألفا، بنسبة هبوط بلغت 12 بالمئة.

وتراجع عدد القوى العاملة الذين هم على رأس عملهم، في سوق الضفة الغربية بنسبة 10 بالمئة، بينما كان التراجع أكبر في قطاع غزة بنسبة 17 بالمئة.

وبلغت نسبة البطالة في قطاع غزة حتى نهاية الربع الثاني الماضي 49 بالمئة بعدد عاطلين عن العمل بلغ 203.2 ألف فرد، بينما بلغت البطالة في الضفة الغربية 14.8 بالمئة بعدد 118.2 ألف فرد.

200 مليون شخص دقوا ناقوس الخطر

مقابل ذلك، فقد صرّحت منظمة العمل الدولية بأنه من المتوقع تسهم الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد في بطالة عالمية لأكثر من 200 مليون شخص العام المقبل، مع تضرر النساء والشباب العاملين بشكل أكبر.

وفي تقريرٍ نشرته منظمة العمل الدولية تحت عنوان " لمحة عامة عن العمالة والشؤون الاجتماعية" قالت إنه عند التطلع للمستقبل، نجد أن نمو العمالة المتوقع سيكون غير كافي لسد الثغرات التي أحدثتها كورونا.

 

قوتٌ فلاّحي بديلاً عن راتب شهري

وفي مقابلة أجريت مع أحد المواطنين الذين كان لفيروس كورنا أثر عليه، قال: " أنا حياتي قبل فيروس كورونا كانت شبه منيحة ومستورة، بعدين تعرضت للإصابة بالفيروس ودفعت مبالغ كثيرة على العلاج كونه كان مش سهل علي أتعبت كثير وقعدت بالمستشفى 25 يوم، اليوم أنا مش قادر اشتغل منيح، لا من ناحية صحة ممتازة ولا راتب كافي، ومستورة الحمدلله"

فيما تابع قوله إنه لجأ إلى الزراعة وإحياء أرضٍ له كان قد أهملها؛ لسد قوت عائلته اليومي، وبعدها انتقل إلى تربية المواشي أيضاً"

أي ما يقصده هذا المواطن البسيط أن كورونا فعلاً أثرت عليه مادياً، ما دفعه لإيجاد حلٍ لآخر للاستمرار في حياته، فقد بات راتبه الشهري لا يكفيه هو عائلاته، وهذه إحدى العوائق السلبية التي خلفتها كورونا من بعدها.

 

واسطة العمل

أما الشاب أحمد نبهان 24 عاماً، يقول إنه تخرج من الجامعة في السنة التي جاءت فيها كورونا أي عام 2020، منذ أن تخرج إلى اليوم هذا لم يجد ما يساعده على إيجاد وظيفة تسد ما قدمه من مبالغ مالية طيلة الأربع سنوات في الجامعة.

وأضاف نبهان، أن الذكور بالتحديد يجب أن يعملوا في أي مجال ، ليس من الصحيح أن ينتظر الذكر أحلامه وأعماله تأتي، فبالتالي نجد طريق أخرى هي التخلي عن أحلامنا بشكلٍ مؤقت.

وأشار إلى أن "الظروف الاقتصادية الصعبة تجبر الشخص أحياناً أن يسلك طريقاً ليست طريقه، وفي فلسطين بالتحديد العمل بحاجة لأن تكون مسنوداً " واسطة" لأن كل مؤسسة تلزمك أن تكون حائزاً لجانبٍ معين"

تناقضٌ ميؤوس

وعلى الصعيد الآخر، قال إنه في ظل عدم توافر فرص عمل لا يوجد هناك مانع للجوء إلى فرص التطوع طويلة الأمد، ولكن؛ بشرط أن يخرج الشخص بخبرة، ولكن؛ نعود إلى نقطة البداية هل فرصة التطوع لشاب مدة طويلة بدون عائد مادي وذات خبرة تجعلها فرصة كافية ليستمر؟ هذه المسألة المعقدة التي تناقض نفسها هي نفسها النقيض الذي يعايشه المواطن الشاب في فلسطين عندما يعجز عن إخراج ما ينفقه على نفسه.

وآخر ما قاله نبهان " عدم وجود المال لدى الشاب حديث الانتقال لحياة العمل تجعله يقبل بأي وظيفة كانت، وإن سألنا الشارع الفلسطيني اليوم، "شو بدك تشتغل؟" يجيب أي شيء، الأوضاع الاقتصادي السيئة بعد كورونا وقبلها أيضا أجبرت الشاب الفلسطيني بالعمل في أي شيء"

وزاد: "اليوم للأسف الوضع في فلسطين من سيئ إلى سيء، قلة الوظائف هذه مشكلة عائقة، وتحسينها معجزة، نحن نتكلم بعيداً تأثير كورونا، هناك مشاكل سياسية كثيرة، انقسامات، احتلال، نتحدث عن الدول الإقليمية كالأردن ومصر ودول الخليج ضدنا، التطبيع، لا أحد بشكل عمومي ينظر إلى فلسطين"

 

اقتصاد منهك

وفي تقريرٍ للأمم المتحدة نُشر بتاريخ 28 أيلول الماضي، يقول فيه أن بعد مرور أكثر من شهر بقليل على انتشار الجائحة، انكمش الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بنسبة 4.9٪ في الربع الأول من عام 2020 مقارنة بالربع السابق.

وكان الربع الثاني هو الأسوأ، وفق أحدث الإحصاءات، حيث تراجعت جميع المؤشرات الاقتصادية الرئيسية: انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18٪، وتم إغلاق ثلثي المؤسسات بالكامل، وارتفعت البطالة إلى 39٪، بينما انخفض الاستثمار والتصدير والواردات بشكل كبير.

بشكل عام، تقلص الاقتصاد الفلسطيني في عام 2020 بنسبة 11.5٪، وهو ثاني أكبر انكماش له منذ عام 1994. وارتفع معدل البطالة إلى 26٪ حتى مع انخفاض معدل المشاركة في القوى العاملة من 44٪ إلى 41٪ أقل بين عامي 2019 و2020.

يؤكد تقرير أنه حتى قبل ظهور أزمة فيروس كورونا المستجد، كان الاقتصاد الفلسطيني في حالة من الفوضى وكانت البيئة السياسية والاقتصادية العامة تتدهور في السنوات الأخيرة.

وأوضح أن القاعدة الإنتاجية للاقتصاد تضررت وأصبحت في حالة يرثى لها تماما، التجزؤ الجغرافي والسوقي كان يتعمق، والقيود المفروضة على عوامل الإنتاج والتكنولوجيا المستوردة تسببت في خسائر فادحة للإنتاجية.

وقال التقرير إن فقدان الأراضي والموارد الطبيعية للمستوطنات استمر بلا هوادة، "وكانت الموارد المالية تتسرب باستمرار إلى الخزانة الإسرائيلية"، كما "تأثر الاقتصاد الإقليمي في غزة بالحصار المطول والعمليات العسكرية المتكررة".

 

 

وكالة الصحافة الوطنية