نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

"نبأ" تسلّط الضوء على جريمة تستهدف الوجود الفلسطيني

التراث.. جذور راسخة في عمق الأرض ومحاولات السرقة مستمرة

نبأ - رام الله - رنيم علوي

بدأً بالكتب والتاريخ مروراً بالأطعمة والملابس، وصولاً إلى الأغاني والأمثال الشعبية، على هذا النسق تحاول ما تسمى " إسرائيل" السيطرة على التراث الفلسطيني ونسبه لها، متناسيين أنهم جاؤوا إلى بلدٍ لم يسكنوها يوماً، وأنهم أجناسٌ متفرقة من أنحاء المعمورة اجتمعوا ليبحثوا عن تراثٍ لهم، فيما تصطدمُ كتلتهم المُشتتة القادمة من كل ناحية في العالم بشعب كالشعب الفلسطيني، شعبٌ في كل بلدة من بلداته زيٌّ شعبيٌّ يختلف عن زي البلدة الأخرى، وكلّ بيت فيه يعرف "المسخّن" ويحفظُ طعمه ومكوناته عن ظهر قلب؛ فهو يُعايشها بفصولها ومواسمها يوما بيوم، ثم يحصدها ويُعدّها بيده، وماذا عن "المقلوبة" و"الحمص والفلافل" و"قلاية البَنْدُورَة بالبيض"، البيض الذي تتناوله سريعاً من الدجاج لتطبخه.

فيما تعتبر فلسطين مهداً للحضارات الإنسانية، حيث مرَّ عليها إحدى وعشرون حضارة منذ الألف الثامنة قبل الميلاد، فضلاً عن كونها مهداً للديانتين المسيحية واليهودية، ومركزاً رئيسياً للحضارة الإسلامية، مثل هذه الحضارات العديدة مرَّت وتعايشت مع شعوب وأقوام مختلفة؛ بدايةً من القدماءِ المصريين والكنعانيين والفلستينيين وبني إسرائيل، والآشوريين والبابليين والفرس والإغريق والرومان والبيزنطيين، والخلافة العربية، والصليبيين، والأيوبيين، والمماليك والعثمانيين،

 والبريطانيين، وأخيراً الإسرائيليين بعد نكبة 1948م، بعد تهجير الآلاف من الفلسطينيين، بسبب وعد بلفور، الذي أطلقه آرثر جيمس بلفور، رئيس وزراء بريطانيا ووزير خارجيتها الأسبق، عام 1917 ليعد بإقامة دولة يهودية على الأراضي الفلسطينية.

إحياءٌ ممنهج

ومن ثم بعدها بدأت مضايقات الإحتلال الإسرائيلي في محاولة لتثبيت وجوده من خلال سلب تراث سكان الأرض التي احتلوها.

ففي السابع من أكتوبر كل عام يحتفل الشعب الفلسطيني بيوم التراث الفلسطيني، وذلك إيماناً منه  بالانتماء الوطني والحفاظ على التراث الفلسطيني، لمحاولة ردع الرواية الإسرائيلية التي تحاول بسط سيطرتها على كل ما يخرج منه شيء يتعلق بفلسطين.

طمسٌ يليه إنكار

وفي مقابلة أجريت مع المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد لمعرفة الهدف من سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على التراث الفلسطيني، قال " إن الهدف واضح، وهو يندرج في اتجاهين، الأول محاولة طمس الهوية الفلسطينية من أجل إنكار وجود شعب فلسطيني على هذه الأرض، وبالتالي تمرير الرواية الإسرائيلية بأن هذه الأرض لم تكن لأي شعب وإنما تعود للكثير من الشعوب، والعمل على فرض الرؤية الاسرائيلية بأن فلسطين التاريخية لم يكن يوجد فيها شيء إسمه فلسطيني من قبل"

فيما أردف أبو عواد قوله أن الاتجاه الآخر هو محاولة تثبيت تراث إسرائيلي في فلسطين، وخير مثال محاولة اسرائيلي نسب الثوب الفلسطيني لها، بالإضافة إلى الحمص الفلافل، فبالتالي الهدف واضح هو محاولة ربط اليهود بتراث فلسطين، لتثبيت وجودهم الوطني ونفي الفلسطيني من على أرض فلسطين.

ولجأ عماد أبو عواد في المقابلة إلى الصورة العالمية، أنها نوعاً ما تمثل جانب فلسطيني حول معرفة أصل التراث إن كان فلسطيني أو إسرائيلي، فالرواية الإسرائيلية ما زالت ضعيفة وقد اعترفوا بفشلهم من ناحية الإعلام العالمي وصورته حول أصل التراث.

نجاحٌ سياسي يليه فشل شعبي

وقد نوه أبو عواد إلى أن الاحتلال الإسرائيلي حتى وإن كانت علاقاته الدبلوماسية ناجحة على الصعيد السياسي مع الأنظمة، إلا أنها فلشت على مستوى الشعوب؛ فغالبية الشعوب تتعاطى مع الشعب الفلسطيني وتعترف أن فلسطين لشعبها الفلسطيني بتراثها وتاريخها وحضارتها.

سلبٌ ديني

أما طارق أبو داود مختص بالديانة اليهودية، يعيش في فلسطين ومحاط بأبوابِ عدو أي أنه مقدسي الهوية، يقول " إن سيطرة ما تسمى إسرائيلي على التراث الفلسطيني ونسبه لها شيء وارد فـهي في صدد طمس كل شيء يتعلق بالهوية الفلسطينية، فعلي سبيل المثال المأكولات الشعبية كالحمص والفلافل، التبولة، الزيتون، التين هذا كله موجود لديهم في كتب الدين، ف بحسب شريعتهم التلمودية كل هذه المأكلولات تنسب لهم، أي التمسك الاسرائيلي بالتراث الفلسطيني يأتي على اتجاه ديني" .

وقد عبّر طارق عن احباطه ويأسه حول عدم وجود مثقفين وأصحاب الاختصاص للرد على هذه السرقات، وأنه في الاراضي المحتلة بالتحديد، الفلسطيني لا يتكلم إلا عن الصراع السياسي دون الديني، علما أن الحركة الصهيونية بنيت على الفكرة الدينية.

دراسة منهجية لتاريخٍ يهودي

ووضح أبو داوود الصورة العامة التي يرى الاحتلال الإسرائيلي منها التراث الفلسطيني،  قائلاً : " اليهود يروا أنهم هم الأساس وكل شيء أتى بعدهم وبفضلهم، كالحضارات الرومانية والإسلامية وغيرهم، وبذلك هم لا ينفوا الحضارة الإسلامية ولكنهم يقولوا أنهم هم الأساس، وهذا يجب أن يقودنا إلى دراسة التاريخ اليهودي كمنهاج علمي، لمجابهة الرواية الإسرائيلية التي تسلب كل حق وتراث فلسطيني وتنسبه لهم".

 أما على الصعيد الشخصي يقول طارق، بعيداً عن كل المعطيات الدينية والسياسية إن اسرائيل تسرق التراث الفلسطيني وتسجله بإسمها، وأول ما بدأت به هو سرقة الكوفية الفلسطينية التي تعتبر رمزاً للمقاومة والنضال، فــلم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بسرقة فلسطين، بل عمد إلى سرقة الموروث الشعبي الفلسطيني أيضاً.

وكالة الصحافة الوطنية