نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

مائة يوم على حكومة بلا نتنياهو

جمال زحالقة.jpg

بقلم جمال زحالقة:

صادف هذا الأسبوع مرور مئة يوم على تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة ليست برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي تصرف في العقد الأخير على أنه الزعيم الأوحد للدولة العبرية. لم يصدق الكثيرون أن حكومة بينيت ـ لبيد ستقوم فعلا،لكنها قامت واستطاعت تجاوز حقول ألغام سياسية كثيرة، وتجنب منزلقات خطيرة، وصمدت مئة يوم، وبدأ الحديث الفعلي عن أنها، وبعكس التكهنات السابقة، قد تبقى لسنوات.

تميزت الحكومة الإسرائيلية الحالية عن حكومات نتنياهو السابقة بتبديل ملحوظ في الأسلوب،لكن بلا تغيير يذكر في الجوهر. وبعد أن انشغل الإعلام الإسرائيلي بالدراما، التي دأب نتنياهو على إنتاجها أسبوعيا، وحتى يوميا، صار يشكو من الملل في متابعة أخبار الحكومة الجديدة، التي لا تنتج مفاجآت ولا تأتي بالجديد وتبقى مكبلة بتناقضاتها الداخلية.

الصمغ نتنياهو والخطر نتنياهو

يتكون الائتلاف الحكومي في إسرائيل من ثلاثة أحزاب، تعرف نفسها كأحزاب يمين هي «يمينا» و»أمل جديد» و»إسرائيل بيتنا» وحزبي وسط هما «يوجد مستقبل» و»أزرق أبيض» وحزبي يسار صهيوني هما «العمل» و»ميرتس» إضافة إلى القائمة العربية الموحدة، التي تمثل الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية. لم تكن هذه الأحزاب لتتحالف وتشكل معا حكومة، لولا الرغبة الجامحة في التخلص من حكم نتنياهو، الذي دام 15 عاما هي أطول مدة قضاها رئيس حكومة إسرائيلي في السلطة.

مواقف الأحزاب المكونة لهذا الائتلاف متباعدة، وكثيرا ما تكون متناقضة، فأنصار الاستيطان في يمينا وأمل جديد، يجلسون مع معارضيه في ميرتس، ومن يدعون لحل الدولتين متحالفون مع أشد مناهضيه، ومن يطالب بتجديد المفاوضات يقف ويجلس مع من يرفض ذلك بقوة، وكذلك نرى رافعي رايات حقوق المثليين في الائتلاف نفسه، مع من يعتبرون ذلك كفرا وبهتانا. القائمة طويلة،لكن بعد أربع معارك انتخابية متتالية فشل فيها نتنياهو في تشكيل حكومة، استطاع يئير لبيد زعيم حزب «يش عتيد» أن يفعل ما بدا في البداية مستحيلا، وهو تجميع كل القوى المناوئة لنتنياهو رغم الفروق الكبيرة بينها. القوى المناهضة لنتنياهو تدعم حكومة بينيت، وتفعل ما تستطيع للإبقاء عليها خشية عودة نتنياهو. هذا ما حرك ويحرك الأحزاب المكونة للائتلاف. هذا هو أيضا موقف قوى كثير في العالم، وبالأخص ما يسمى بالغرب «الليبرالي» وفي مركزه الإدارة الديمقراطية في واشنطن، التي تريد حكومة إسرائيلية «مسالمة» لها، ولا تريد نتنياهو «المزعج» الذي يحشر أنفه في السياسة الداخلية الأمريكية.

أما في العالم العربي، فهناك قوى وأنظمة تفضل نتنياهو، جريا وراء الوهم بأنه «مفيد» أكثر في مواجهة ما يسمى «التهديد الإيراني» فهو لا يقبل بالعودة إلى الاتفاق النووي، حتى لو قبل به الأمريكيون، ما يوسع إمكانيات التحالف العربي معه إذا عاد إلى الحكم. وإذ تستطيع هذه الأنظمة العربية أن تقدم الهدايا السياسية إلى من هم في السلطة (وقد فعلت ذلك سابقا مع نتنياهو) فهي غير قادرة على مساعدة المعارضة في العودة إلى الحكم.

نتنياهو يعمل ليل نهار لإسقاط الحكومة، والمفارقة أن سعيه يزيد من تمسك مركباتها بها. الصمغ الأقوى الذي يجمع الأحزاب والقيادات في الائتلاف هو الخشية من عودة نتنياهو إذا سقطت الحكومة. ومع ذلك يبقى هو الخطر الأكبر عليها، فهو قد يدق الأسافين داخلها، ويكفي أن يسحب حزبا أو جزءا من حزب منها لتهوي ساقطة.

 

علينا أن نشق الطريق للفرج، وضعف الحكومة الإسرائيلية فرصة نادرة يجب استغلالها عبر طرح تحديات نضالية وسياسية وازنة

وكالة الصحافة الوطنية