جنين – أنس عدنان – نبأ:
منذ عدّة أشهر، لا يكاد يمرّ أسبوع، دون أن تضيء صليات الرصاص عتم الليل في مخيم ومدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث يجابهُ مقاومون بما لديهم من أسلحة وعبوات مصنّعة محلياً، قوات الاحتلال ووحدات المستعربين التي تتسلل كخفافيش الليل لتنفيذ حملات اعتقال بحق من تسميهم "مطلوبين" لديها.
فجر اليوم الإثنين، اقتحمت وحدات المستعربين، جنين، بسيارات مدنية، ولاحقاً تبعتها دوريات الاحتلال التي اقتحمت مدخل المخيم، وتصدى لها مقاتلون، لتندلع اشتباكات مسلحة عنيفة تخللها إلقاء عبوات ناسفة على الجيش.
وخلال الاشتباكات، استشهد أربعة شبان هم: صالح أحمد محمد عمار (19 عاما)، ورائد زياد عبد اللطيف أبو سيف (21 عاماً)، ونور الدين عبد الإله جرار وأمجد إياد حسينية والذيْن اختطت قوات الاحتلال جثتيهما قبل انسحابها .
في السياق، قال الخبير العسكري واصف عريقات لـ"نبأ"، إنّ هناك عدّة أسباب لعمليات الاحتلال العسكرية في جنين، واستهدافه للمدينة ومخيمها بشكل مستمر.
وأوضح أنّ السبب الأول يتعلّق بالمقاتلين في جنين، إذ أنهم يؤرقون الأجهزة الأمنية للاحتلال على اختلافها، حيث اعترف مؤخراً مصدر عسكري إسرائيلي رفيع لقناة "كان" الإخبارية العبرية أن في مدينة جنين ما أسماها "نشاطات تخريبية مقلقة".
وقال "عريقات" إنّ جنين تُعرف تاريخياً ببسالة مقاومتها، وما يمكن وصفه بــِ "العناد بالمقاومة"، فمروراً بمقاومة الشهيد عزّ الدين القسام وثورته عام 1935 ، والاحتلال الإسرائيلي لجنين ضمن احتلال الضفة عام 1948 و1967، حتى الانتفاضة الأولى والثانية، وصولاً إلى معركة جنين عام 2002 التي كبّدت الاحتلال خسائر فادحة.
وشدد على أن جنين في صدارة مقاومة الشعب الفلسطيني، مع الخصوصية التي تتمتع بها في هذا الجانب، عدا عن الصمود الأسطوري الذي يزعج الاحتلال.
أما السبب الثاني لاستهداف جنين، فيتعلق –وفقاً للخبير العسكري- بالقيادة الإسرائيلية، التي تريد أن تثبت نفسها أمام ما تسمى الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وكذلك أمام زعيم المعارضة ورئيس الحكومة السابقة بنيامين نتنياهو الذي يبتز حكومة "بينيت" ويتهمها بالعجز عن مواجهة الفلسطينيين، ولهذا يحاولون التوجه إلى جنين رمز الصمود الفلسطيني؛ لحفظ بعض من ماء الوجه، لكنهم يراكمون الفشل تلو الفشل.
واعتبر "عريقات" أن هذا الفشل ازداد بعد تخلي الحليف الأمريكي عن من يدعمهم، خاصةً ما يحدث في أفغانستان، وقد اعترف قادة اسرائيليون عدة مرات وأبدوا تخوفهم من تخلي حليفتهم (الإدارة الأمريكية) عنهم، وبالتالي هم يحاولن استباق الأمور، وتحقيق ما يمكن من انجازات على الأرض، وهو بعكس رغباتهم، لأنّ قدرة الفلسطينيين ليس لها حدود، ولا يمكن أن تنكسر إرادتهم.
والسبب الثالث بحسب الخبير عريقات، هو أن الأجهزة الأمنية والإستخبارية الإسرائيلية، لها مشكلة مع جنين منذ عشرات السنوات، حيث يتهم قادة الأمن الإسرائيليين بعضهم بالفشل في مواجهة جنين ومقاتليها، وبالتالي فإنّ هذه العوامل مجتمعة تجعل الاحتلال يصعّد من هجمته على جنين في المرحلة الراهنة.
وأشار الى أنّ قادة الاحتلال لا يخجلون من إظهار خشيتهم من مقاتلي جنين، مشدداً على أنّ رمزية جنين ما زالت في ذهن كل إسرائيلي يريد أن يحقق بعضاً من الإنجازات على حساب الدم الفلسطيني.
وتوقع الخبير العسكري في حال استمرار العدوان الاسرائيلي على ما هو عليه، أن تتدحرج الأمور خلال الأيام المقبلة ويحدث ما يزعج اسرائيل من المقاومة رداً على جرائمها بحق الشعب الفلسطينيّ.