نبأ – الخليل – لؤي السعيد
لكل واحد منا طريقة خاصة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الذي ينتهك الحياة الفلسطينية بكافة أشكالها، إلا أن أكرم الوعرة "53" عامًا من مخيم عيادة في بيت لحم جنوب الضفة الغربية، ابتكر طريقته الخاصة بعيدًا عن أصوات الرصاص ونيران المواجهة.
يجمع أكرم الوعرة مخلفات قنابل الصوت والغاز والرصاص التي تسقط على المخيم خلال المواجهات التي تندلع بشكل دائم بين الشبان وقوات الاحتلال، ويعمل على تحويل هذه المخلفات إلى تحف فنية داخل مشغله الخاص قرب بوابة المخيم الرئيسية، الذي يجسد فيه التراث الفلسطيني وتاريخ الشعب النضالي من خلال التحف والهدايا والقطع الفنية التذكارية والإكسسوارات الفريدة التي تحمل رسالة شعب مضطهد يعاني تحت الاحتلال.
قرر الوعرة تحويل قنابل الغاز التي تخنق السكان خلال المواجهات إلى قطع فنية وهدايا تذكارية على شكل أسوار وقلادات وتحف من خلال إعادة تدير هذه القطع بعد التخلص من المواد السامة بداخلها وصقلها وقصها من جديد لتصبح هذه القنابل مصدر قوة وتذكار لحامليها.
كشفت دراسة أمريكية أجريت عام 2017 أن استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلية المستمر للغاز المسيل للدموع في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين يدمر الصحتين الجسدية والنفسية للفلسطينيين، ولاسيما النساء والأطفال والمسنين.
وأوضحت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا بيركلي الأمريكية ونشروا نتائجها على موقع الجامعة أن مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية هو أكثر المناطق تعرضا للغاز المسيل للدموع على مستوى العالم.
وكشفت النتائج أن 100٪ من السكان الذين شملهم الاستطلاع تعرضوا للغاز المسيل للدموع، العام الماضي، حيث تعرض 84.3٪ منهم للغاز وهم في منازلهم، بينما أفاد 9.4٪ أنهم استنشقوا الغاز وهم في أماكن العمل، و10.7٪ وهم في المدارس، و8.5٪ وهم في السيارات.
يقول الوعرة إن كمية القنابل التي تسقط على المخيم بشكل مرعب جدًا دفعته لتبني فكرة إعادة تدوير هذه القنابل وتحويلها إلى قطع فنية، مشيرًا إلى أنه يختار القنابل الغازية بعناية نظرًا لاختلاف أنواعها، فمنا ما يصعب عليه تنظيفه والتحكم به، لهذا يختار نوعًا معينًا من هذه القنابل لسهولة تنظيفه وتفريغه من المواد السامة.
ويضيف أن مرحلة تدوير قنبلة الغاز تحتاج إلى عملية شاقة حتى تصل إلى مرحلة إنتاجها فعليا، إذ يتم قصها ثم قطعها إلى قطع صغيرة، ومن أجل قطعة النحاس اللاصقة في قنبلة الغاز من الأسفل يحتاج إلى عملية تخطيط ورسم للخروج بفكرة مميزة، قم يتم تحويلها إلى السلاسل والأساور والإكسسوارات المختلفة، ثم ينتقل إلى تنظيف وتسهيل سطحها وتبسيطه قبل دهنها وتلوينها وصبغها والرسم أو الكتابة عليها.
يعتمد أكرم الوعرة في المواد الخام "القنابل الغازية" على المواجهات التي تندلع في مخيم عايدة ببيت لحم إلى أن الأمر وصل إلى جمع القنابل الغازية في محافظات أخرى مثل الخليل ورام الله ومحيط القدس، من خلال السياح والأصدقاء الذين جمعوها وجلبوها إليه لتحويلها إلى قطع فنية.
يشير أكرم الوعرة إلى أن التعامل مع هذه المخلفات أمر في غاية الحساسية خاصة لما يوجد بها من مواد سامة تأثر على صحة الجهاز التنفسي، وعانى الوعرة خلال السنوات الماضية من أمراض تنفسية كثيرة وأمراض جلدية بسبب احتكاكه المستمر مع هذه المواد لهذا يخشى على أبناءه من معوناته خلال عمله الذي يعتبره خطيرًا على صحته.
بات متجر الوعرة في بيت لحم مقصدًا سياحًا هامًا للسياح الأجانب والعرب من حول العالم، وطافت تحفه دول العالم حاملًا رسالة المواطن الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال ويختنق بفعل هذه الأدوات التي حولها لهدف سام يعكس جمال وتحدي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والصمود على الأرض.
يقع مخيم عايدة بين مدينتي بيت لحم وبيت جالا ويحاصره الاحتلال بجدار الفصل العنصري ويشهد المخيم اكتظاظًا شديدًا بالسكان ويعاني المخيم من ارتفاع نسبة البطالة بين خريجيه، وتحاول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا تخفيف الصدمات على سكان هذا المخيم.