تواصل "إسرائيل"، للشهر الثاني على التوالي بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، منع إدخال مواد الإيواء الأساسية إلى قطاع غزة، وفي مقدمتها الخيام والبيوت المتنقلة، رغم أن الاتفاق نصّ صراحة على السماح بوصولها بشكل عاجل إلى مئات آلاف النازحين الذين فقدوا مساكنهم.
ويُعدّ هذا المنع امتدادًا لسياسة إسرائيلية مستمرة منذ عامين، ترمي إلى تعطيل إعادة الإيواء ومنع الحدّ الأدنى من مقومات الحياة.
فمنذ بدء حرب الإبادة في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرّضت عشرات آلاف الخيام للدمار نتيجة القصف الإسرائيلي المباشر أو القريب، حيث طالت الهجمات معظم مناطق التجمعات السكنية المؤقتة.
كما أدت الظروف الطبيعية القاسية إلى تلف أعداد كبيرة من الخيام التي تم نصبها على عجل فوق ركام المنازل؛ إذ تسببت درجات الحرارة المرتفعة صيفًا في إضعاف الأقمشة البلاستيكية، بينما أدت الأمطار الغزيرة ورياح الشتاء إلى تمزيق العديد منها وتحويل بعضها إلى مأوى غير صالح للسكن.
ويعيش السكان اليوم في ظل أزمة إيواء غير مسبوقة، إذ لا تتوفر بدائل مناسبة للنازحين، ولا تسمح إسرائيل بإدخال المواد اللازمة لترميم ما دُمّر أو استبداله.
وتؤكد المؤسسات الإنسانية أن استمرار المنع يعني بقاء مئات آلاف العائلات تحت الخطر المباشر، خاصة مع اقتراب موسم الشتاء الذي يزيد من المعاناة الصحية والإنسانية.
وقد أنهى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة لمدة عامين، مخلفة أكثر من 69 ألف شهيد وما يزيد على 170 ألف جريح، وفق حصيلة رسمية فلسطينية.
كما دمّرت الحرب نحو 90% من البنى التحتية المدنية من طرق ومنازل ومدارس ومستشفيات، في دمار وُصف بأنه الأكبر في تاريخ القطاع، مع خسائر اقتصادية أولية تجاوزت 70 مليار دولار.
ورغم ما نصّ عليه الاتفاق من التزامات واضحة، وفي مقدمتها ضمان تدفق المساعدات الإنسانية وإدخال مواد إعادة الإعمار والإيواء، فإن المماطلة الإسرائيلية في تطبيق هذه البنود تجعل حياة الناجين أكثر هشاشة، وتُبقي قطاع غزة في دائرة الكارثة الإنسانية المفتوحة.
