قال عاموس هرئيل، المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، إن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من محور نيتساريم "سيجعل العودة إلى القتال صعبًا"، معتبرًا أن "إسرائيل خسرت بقدر كبير الحرب في 7 أكتوبر 2023، وأن جهودها اللاحقة كانت "لتقليص الأضرار فقط".
فيما حذّر رفيف دروكر، المحلل السياسي في قناة 13، من تأثير تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على إطلاق سراح "المخطوفين"، مشيرًا إلى أن "إدراك حماس لعدم التزام نتنياهو بالاتفاق، قد يعطّل تحريرهم".
من جهته، شدد رئيس الموساد السابق تامير باردو، على أهمية إنهاء الحرب، قائلًا: "في الحروب لا ننتصر فقط في ساحة المعركة، بل الأهم هو كيف تنتهي الحرب"، منتقدًا غياب رؤية إسرائيلية واضحة لتحقيق ذلك.
وبحسب هرئيل فإنّ تطورات المشهد الميداني في غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق ستؤدي إلى تغييرات كبيرة، مضيفًا أنه وبعد انسحاب الجيش من محور نتساريم بشكل نهائي، ستبدأ عودة جماهيرية لأكثر من مليون غزي إلى شمال القطاع. وعندها، حتى لو انهار الاتفاق في الأسابيع الستة المقبلة، سيكون من الصّعب على الجيش الإسرائيلي العودة إلى القتال.
وفي سياق الحديث عن النقاشات الإسرائيلية حول استئناف الحرب بعد المرحلة الأولى من تبادل الأسرى، أضاف هرئيل: "النقاش في إسرائيل حول استئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من تبادل الأسرى هو نظري بالأساس حاليًا، وزمام الأمور بيد ترامب، والوعود الكثيرة التي قدّمها نتنياهو لسموتريتش لضمان بقائه في الحكومة حتى نهاية المرحلة الأولى ستصطدم لاحقًا بمطالب ترامب، وإذا أصرّ ترامب على إنهاء الحرب في غزة، سيكون من الصعب على نتنياهو تنفيذ رغباته".
كما انتقد هرئيل إدارة الحكومة الإسرائيلية للحرب، مشيرًا إلى فشلها في تحقيق أهدافها الأساسية، بقوله: "أي شخص تابع الوضع في القطاع، دون التأثر بتصريحات نتنياهو ودعاية مؤيديه، كان بإمكانه منذ فترة أن يتوقع هذه النتيجة. الحقيقة المحزنة هي أن إسرائيل خسرت الحرب فعليًا في 7 أكتوبر 2023، وكل ما فعلته منذ ذلك الحين كان محاولة لتقليص الأضرار. ومن أجل التوصل إلى صفقة لتحرير جميع المخطوفين، سيتطلب الأمر من إسرائيل تقديم تنازلات كبيرة".
واختتم هرئيل تحليله بالإشارة إلى تعقيدات مستقبل غزة وعلاقتها بالقرارات السياسية الإسرائيلية، وقال إن "أحد الأسباب الرئيسية للوضع الحالي يعود إلى رفض نتنياهو المستمرّ لمناقشة أي حلٍ يتعلّق باليوم التالي لحماس في القطاع، وخاصة دور السلطة الفلسطينية في إدارة غزة. ومن الممكن أن خطة ترامب، في إطار صفقة أميركية – سعودية – إسرائيلية، تقود إلى محاولة فرض تسوية جديدة على نتنياهو".
رفيف دروكر: تصريحات نتنياهو قد تعطّل الصفقة
من جانبه، تناول رفيف دروكر مواقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تجاه الاتفاقات المتعلقة بصفقة التبادل، محذرًا من تداعيات تصريحاته على تنفيذ الصفقة: "إذا استمرّ نتنياهو في إرسال إشارات للطرف الآخر بأنه لا ينوي الانسحاب من محور فيلادلفيا بعد إطلاق سراح المخطوف الأخير، فقد يؤدي ذلك إلى تعقيد الصفقة. الدفعة الأخيرة من المخطوفين، التي تشمل 14 شخصًا، قد لا تُحَرَّر، وبعضهم للأسف جثث، بينما الآخرون ما زالوا أحياء".
وأضاف دروكر: "نتنياهو قد يعطّل الصفقة لدوافع حزبية. فهو يلمّح بأنه لن ينسحب من محور فيلادلفيا، رغم أن الاتفاق ينص على ذلك بين اليومين الـ42 والـ 50، وتصريحات كهذه تشكل خطرًا كبيرًا على حياة المختطفين المتبقين، كل ذلك لأسباب سياسية".
وفيما يتعلق بالمرحلة الثانية من الصفقة، أوضح دروكر: "تنفيذ المرحلة الثانية يعتمد على الضغوط التي يمارسها ترامب على نتنياهو. المطالب الحالية التي يضعها نتنياهو، مثل نزع سلاح حماس، ستُفشل المفاوضات فورًا، إذ لا توجد فرصة لقبولها. ومع ذلك، قد تمدد الهدنة بضغط أميركي، مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى".
أما رئيس جهاز الموساد السابق تامير باردو، فأشار في مقابلة مع القناة 12 إلى أنّ حماس حققت ما أرادت منذ بداية القتال: "منذ اليوم الأول، مطالب حماس لم تتغيّر ولم تتراجع. الثمن الذي ندفعه باهظ جدًا. الحرب لا تنتهي في ميدان القتال فقط، بل في كيفية إنهائها. الحكومة الإسرائيلية أضرّت بالجيش الإسرائيلي وبأدائه القتالي لغياب استراتيجية واضحة لإنهاء الحرب".
وفي مقابلة مع القناة 12، وصف اللواء احتياط غيورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي السابق، الحرب في غزة بأنها "فشل إسرائيلي واضح"، مؤكدًا أنّ "حماس لم تمنع فقط إسرائيل من تحقيق أهدافها، بل تمكنت من تحقيق أهدافها الخاصة، كالبقاء في الحكم وتعزيز قدراتها. الصفقة الحالية لا تمنعها من ذلك، وإن استمرت إسرائيل في العمل ضدها، ستنتهك الصفقة بنفسها".
بدوره، قال المحلل الإسرائيلي يوسي فارتر: "لم يتحقق الاتفاق بين إسرائيل وحماس إلا بفضل الضغوط الشديدة التي مارسها ترامب، وإذا ظل ملتزمًا بالعملية، كما أظهر في الأسبوع الذي سبق تنصيبه يوم الإثنين، فسوف يتحقق الاتفاق الذي طال انتظاره بالكامل".