نابلس-نبأ-نوّاف العامر:
لم تغب صورة المروحيات عن أهالي قرى شرقي نابلس في العام 1980 وهي تحمل كرفانات استيطانية من تلال قرى عورتا وروجيب وبيت فوريك، تم تفكيكها ونقلت لسفح جبل نابلس الكبير شرق المدين وتكون "ألون موريه".
وأطلق الاسم "ألون موريه" على المحاولة الأولى لإقامة مستوطنة على أراضي قرى شرق نابلس منتصف سبعينيات القرن الماضي لكنها فشلت بعد مظاهرات شعبية لرفض أول مستوطنة في منطقة نابلس ويولد الجسم السرطاني على أراضي بلدات دير الحطب وسالم وعزموط.
وبلغ عدد مستوطني النواة الأولى لها نحو 250 مستوطناً، تكاثرت أعدادهم إلى ما يُقارب الألف في العام 1999، لكن الأرقام الحديثة وفق دراسة لشبكة الهدهد إلى 2100 مستوطن يمثلون نحو 370 عائلة ينتمون لفكر الصهيونية الدينية المتطرفة، يقود حاخاميتها المتطرف الحاخام مردخاي فولنوف.
وزرع المستوطنة في جسد نابلس نشطاء مجموعات "غوش ايمونيم" في عهد رئيس حكومة الاحتلال مناحيم بيغن على تلال الجبل الاستراتيجي المشرف على جبال الأردن وتخوم البحر الميت وبحيرة طبريا والمتوسط كما تقول دراسة لمركز الهدهد المتابع للشأن الصهيوني.
ويتموضع على قمة الجبل مقام الصحابي بلال بن رباح رضي الله عنه وهي أرض وقفية تتبع دائرة الأوقاف الإسلامية في نابلس .
ويقول غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة لوكالة "نبأ" إن المستوطنة تتمدد بهدوء وصمت وتبتلع مساحات الأراضي دونما ضجيج بهدف ديني استراتيجي أمني ينتهي بقطع الطريق على التواصل بين نابلس والأغوار.
ويستغرب دغلس مما شاهده في مؤتمر دولي عقد في فرنسا ركز فيه خبراء الاستيطان والحاخامات على إبراز "الون موريه" ومدارسها الدينية وموقعها كصورة نموذجية عن الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة ومعظم رموزها وحضورها يمثله الحاخامات والمدارس الدينية.
ولم تتوقف أطماع مستوطنة "ألون موريه" بالتوسع؛ فقد امتدت إلى جبال وسفوح عديدة حتى أضحت تطل على جبال الباذان من الجهة الشمالية والشرقية، كما اقتربت كثيرًا من منازل المواطنين في بلدتي دير الحطب وعزموط وبدأت بضخ المياه العادمة نحو عزموط وتخترق الحواري والبيوت في مجاري مكشوفة خطيرة الحضور والنتائج.
وتعد "ألون موريه" من المستوطنات الصناعية؛ ففي عام 1980 بدأت سلطات الاحتلال بإقامة منطقة صناعية تابعة للمستوطنة، تضم العديد من المصانع.
وشقت سلطات الاحتلال في عام 1996 شارعا استعماريا التفافيا بعرض حوالي 20 مترًا ليصل إلى مستوطنة "ألون موريه" ويربطها مع مستوطنة "ايتمار" ومعسكر حوارة، ويحيط بالمنطقة السكنية لقرى وبلدات سالم، ودير الحطب، وعزموط؛ حيث يطوقها من الجنوب والشرق والشمال كان من ضحاياه المدخل الرئيس لبلدة بيت دجن الذي أغلق نهائيا ولا زال حتى اللحظة مغلقا.
ويعتقد دغلس أن مشاهداته ومتابعته تشير إلى أن المستوطنين يضعون "الون موريه" في موضع أكثر أهمية حتى من اريئيل التي تعتبر في نظرهم كمدينة استيطانية عاصمة للسامرة كما يسمونها وهي شمال الضفة الغربية.
وترتفع "الون موريه" حسب شبكة الهدهد عن سطح البحر 792مترا وتبتلع زهاء أربعة ٱلاف دونما منها بساتين الصنوبر والغابات ونفذت المقاومة ضدها عدة عمليات تمكنت فيها من قتل وجرح العديد .
وتضم جنبات الون موريه مدارس ومتاجر ومكتبة كبيرة ومنطقة صناعية وبرك سياحية ومقبرة وخمسة كنس دينية ومنطقة يوشيفات وهي بركات يوسف المعهد الديني الذي يدرس التلمود والأفكار المتطرفة لطلابه وتهيئتهم للخدمة العسكرية ويرؤسه الحاخام المعروف بالتطرف إلياكيم لبنوت.
ويوجد بجوار المستوطنة معسكرا لجيش الاحتلال يحمل اسم المستوطنة التي يقطنها شخصيات متطرفة مثل بيني كاتسوفر أحد أبرز مؤسسي جماعات تدفيع الثمن التي نشطت في حرق المساجد والممتلكات والحقول والزراعة وحرق منزل عائلة دوابشة المعروفة في بلدة دوما وذهبت ضحيتها عائلة كاملة قتلت حرقا.
ويسعى المشروع الاستيطاني لخلق التواصل بين "الون موريه" و"ايتمار" جنوبا لتشكيل حزام أمني استراتيجي لفصل نابلس وقراها الشرقية عن الأغوار وخنقها .
وكان الإعلام العبري أعلن ليلة أمس عند استهداف مركبة لمستوطنين من "الون موريه" دون إصابات فيما أغلقت الحواجز التي تحيط بنابلس وقراها وشنت عمليات دهم وتفتيش واعتقال كان آخرها بلدة سالم القريبة صباح وفجر اليوم الخميس.