نابلس – نبأ:
صباحاً، كان الحديثُ عمّا يمكن أن تتمخض عنه "قمة العقبة" الأمنية، والتي أجمعت الفصائل الفلسطينية أن هدفها الأول "القضاء" على المقاومة الآخذة في التصاعد بالضفة الغربية المحتلة، وخاصةً في جنين ونابلس، وعبّرت عن رفضها لها، واستنكرت مشاركة وفدٍ من السلطة الفلسطينية فيها، إلى جانب وفدٍ "إسرائيليّ" وبحضور أمريكي ومصريّ وأردنيّ.
لكنّ المفاجأة الصاعقة، والردّ على تلك القمة، جاء بينما كان المجتمعون يتداولون فيما بينهم بالعقبة، إذ نفذت المقاومة عملية جريئة جداً، حينما استهدفت مركبة للمستوطنين بإطلاق نار من نقطة صفر، على الشارع الرئيسي في بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس، وهي منطقة تشهد تواجداً مكثفاً لجيش الاحتلال.
قُتل في العملية مستوطنان، وتمكن منفذوها من الانسحاب فوراً بنجاح، تاركين خلفهم صدمةً كبيرة لدى جيش الاحتلال وضباطه الذين وصلوا إلى الموقع، لتبدأ على الفور في محاولة ملاحقة منفذ العملية، التي قالت مصادر عبرية إنه كان يرتدي زيّ مجموعات "عرين الأسود" المقاوِمة والتي تنشط في مدينة نابلس.
وكرّدة فعل سريعة على العملية، صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع على مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة الإعدام على أسرى فلسطينيين متهمين بتنفيذ عمليات، فيما أعلن رئيس الوفد الإسرائيلي لاجتماع العقبة أنّه لن يكون هناك تجميد للبناء في المستوطنات ولا قيود على عمليات الجيش في الضفة، وهو ما اكده رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إذ قال إنّ البناء الاستيطاني وتشريع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية سيتواصلان دون أي تغيير، رغم ما جاء في البيان الختامي للقمة، وبالتالي تنصل إسرائيليّ واضح مما تم التوافق عليه في القمة.
كما أن وزير ما يسمى الأمن القومي في حكومة الاحتلال ايتمار بن غفير، غرّد عبر تويتر قائلاً إنّ "ما حدث (إن حدث شيء) في الأردن، سيبقى في الأردن". في إشارةٍ منه إلى تجاهل ما تم بحث والتوافق بشأنه في لقاء العقبة.
تعليقاً على تلك التطورات، قال المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، إنّ أي قمة تريد وأد المقاومة الفلسطينية لن تنجح في ذلك، معتبراً أن توقيت العملية بالتزامن مع قمة العقبة، يدلل على أن القيادة الفلسطينية بعيدة عن شعبها، وبالتالي فهي عملية تؤكد أن مساعي الاحتلال للقضاء على المقاومة ومحاولة السلطة تحقيق بعض المكاسب من خلال القمة الأمنية ستبوء بالفشل.
وأضاف أنّ العملية تعتبر ضربة قوية للاحتلال وأجهزته الأمنية، خاصة وانها جاءت بعد أيام قليلة من مجزرة نابلس التي ارتقى خلالها 11 شهيداً وأصيب أكثر من 100، كما أنّ مكان وقوعها ظنّ الاحتلال أنه آمن بالنسبة للمستوطنين، فيما أنّ ارتداء منفذ العملية زي "عرين الأسود" -كما قال الاعلام العبريّ- يدلل على أنّ هذه المجموعة حالة فكرية امتدت الى مناطق اكثر بُعداً عن مدينة نابلس، وبالتالي نحن أمام حالة تؤكد أن الحاضنة الفكرية للمقاومة الفلسطينية باتت كبيرة، وهو ما يثير قلق الاحتلال والأطراف الأقليمية والدولية .
وميدانياً، اشتعل الوضع بصورةٍ جنونية، إذ شنّ المستوطنون هجماتٍ واسعة وغير مسبوقة على بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس، وأحرقوا حوالي 30 منزلاً و25 مركبة، وتحولت البلدة لساحة حربٍ بين المستوطنين والأهالي الذين هبّوا للدفاع عن أنفسهم ومنازلهم، فيما انطلقت دعوات عبر مكبرات صوت المساجد لإسناد الأهالي الذي يتعرضون للعدوان .
ولم يقف إرهاب المستوطنين عند حوارة، فقد قتل المستوطنون الشاب سامح أقطش (37 عاماً) جراء هجوم شنّوه على قرية زعترة جنوب نابلس، فيما شهدت قرى آخرى مثل بورين هجماتٍ مماثلة .