بيت لحم – خاصّ نبأ:
تعيش عائلات الشهداء المحتجزة جثامينهم، ألماً وحسرةً تتجدد كلّ يوم، مع رفض الاحتلال الاسرائيليّ، تسليم جثامينهم، وإبقائها في ثلاجاته أو ما تُعرف بمقابر الأرقام، كورقةٍ للمساومة عليها، حيث يختطف الاحتلال جثامين 119 شهيداً منذ إعادة سياسة احتجاز الجثامين عام 2015.
وكان آخر الشهداء الذي احتجزت سلطات الاحتلال جثامينهم، الشاب عمار مفلح الذي أعدمه جيش الاحتلال يوم الجمعة الماضي في بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس، بينما أقدمهم الشهيد عبد الحميد أبو سرور الذي استشهد في إبريل/نيسان 2016.
وتمكن الاستشهادي القسامي عبد الحميد أبو سرور من مخيم عايدة في بيت لحم، مساء يوم الإثنين 18/4/2016 من زرع عبوة ناسفة محلية الصنع، في القسم الخلفي من إحدى الحافلات التابعة لشركة إيجد، ما ادّى لإصابة 21 اسرائيلياً وصفت جراح اثنين منهم بالبالغة و7 متوسطة، كما أدى الانفجار لاحتراق الحافلة بالكامل، وإصابة حافلة أخرى ومركبة خصوصية كانتا في المكان.
وكحال كل أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم، تنتظر عائلة الشهيد "أبوسرور"، لحظة الإفراج عن جثمان ابنها لتحظى بتكريمه الأخير ودفنه في مقابر المسلمين، حيث أعدّت منذ سنوات قبراً له في المقبرة الاسلامية بالمخيم .
وقالت أزهار أبوسرور والدة الشهيد عبدالحميد: "لا يسمح الاحتلال لذوي الشهداء بالاطلاع على تفاصيل استشهاد أبنائهم، والحصول على أيّ معلومات بهذا الخصوص، وبالتالي يبقى السؤال لدى أهالي الشهداء أين جثث أبنائهم، هل هي في الثلاجات أم في مقابر الأرقام".
وأضافت إنّه بعد عام وشهر تقريباً من استشهاد نجلها عبدالحميد، كان هناك قرار دفن، وعلمنا بعد أربعة شهور أنّه تم نقل جثمانه إلى مقابر الأرقام، في حين أنّ معظم أبناء الشهداء لا يعرفون أين أبنائهم.
وبيّنت أنّه لا توجد أي جهة محايدة، قامت بفحص جثامين الشهداء، أو حضور الدفن، أو إعطائها إثباتات حول ذلك، مشددة على أن قضية الدفن مهمة جداً، وهي حق مشروع، لذلك من حقنا أن نقوم بالواجب الأخير تجاه أبنائنا الشهداء، مضيفةً أن دفن جثامين الشهداء قضية كرامة لهم، "فإكرام الميت دفنه".
وعن الحراك الشعبي الضعيف مع قضية الشهداء المحتجزة جثامينهم، قالت والد الشهيد "أبوسرور" إنّ من يقوم بهذا الحراك في العادة هم أهالي الشهداء، وعدد قليل من النشطاء، مؤكدةً إلى أنّ هذه القضية وطنية وعلى الجميع تبينها.
وقالت إنّه من المفروض أن يكون هناك حراك حقيقي وعلى مستوى رسمي وفصائلي والمؤسسات التي تتبنى هذا الموضوع، كما أن الإعلام يلعب دور كبير في تسليط الضوء على قضية الشهداء المحتجزة جثماينهم.
وأشارت إلى انّ هناك جهات كثيرة مسؤولة عن هذا الملف، "لكن لا نجد لها اي حراك على المستوى المحلي او الدولي، وفقط نسمع مجرد تصريحات".
وكشفت في هذا السياق، عن التوجه إلى معظم الوزارات الفلسطينية، وكان هناك لجنة شكلت في وزارة العدل قبل عامين، مثّلنا فيها والد الشهيد بهاء عليان، وقدّمنا طلباتنا وما هي الإجراءات التي يجب على هذه اللجنة أن تقوم بها، لكن لم نلمس أي تغيير.
وقالت: "كأم شهيد لا يهمني أي تصريح، لأنني أريد موقفاً جدياً، وعملاً في هذا الملف سواء في الجانب القانوني أو الدولي أو الميداني، وفي كل شيء متعلق بالشهداء المحتجزة جثامينهم".
وختمت بالقول: "أبسط الحقوق لذوي الشهيد أن يحصلوا على بيان الإستشهاد ومكان وجود ابنهم، حيث طالبنا بتشكيل فريق قانوني ليعمل بشكل أفضل من حيث متابعة الملف"، مشيرةً إلى أن ذوي الشهداء لا يرفعون سقف توقعاتهم، كون الجهات المسؤولة تخبرهم بأن هذا الملف له علاقة بالمستوى السياسي.
وأقر الاحتلال في عام 2017 أنه دفن 4 شهداء من الذين ارتقوا بعد عام 2015 في ما تسمى بمقابر الأرقام، وهم عبد الحميد أبو سرور، ومحمد الطرايرة، ومحمد الفقيه، ورامي عورتاني.
كما يتواصل احتجاز جثامين 256 شهيداً في مقابر الأرقام، وجميعهم استشهدوا قبل عام 2015، حسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين.