نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

شهادات وحقائق

الأسيرات والأطفال .. ملفات تنتهك بهما (إسرائيل) القوانين والأعراف الدولية

رام الله-نبأ-رنيم علوي:

وسط المعركة النضالية المندلعة في مختلف مناطق فلسطين التاريخية، تبقى قضية الأسيرات الفلسطينيات والأطفال على سلم أولويات الفلسطينيين، في محاولة من المؤسسات الفلسطينية لإطلاق سراحهم من خلف قضبان الاحتلال التي لا تكف عن التنكيل بهم، فطالما شكلت قضية الأسرى وخاصة النساء "اليد المؤلمة"في المعركة مع "إسرائيل".

فرغم تغني "إسرائيل" بأنها دولة "ديمقراطية"لا تُنتهك فيها حقوق الإنسان، تشكل قضية الأسرى حلقة مفجعة في سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية التي تمارس ضد الفلسطينيين، والتي تضرب فيها دولة الاحتلال المواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط.

وعلى مر السنين يحاول الاحتلال "الإسرائيلي" عزل الأسرى الفلسطينيين داخل أقبية التحقيق وزنازين المعتقلات عن محيطهم الخارجي، في سبيل عدم إيجاد أي تواصل بينهم وبين ذويهم إلا من خلال قنوات هو يوفرها ويتحكم بها.

" نشطاء من أجل أسيرات الدامون"

فقد عزل الاحتلال أكثر من 4600 أسير وأسيرة يقبعون خلف القضبان، وكسر هذا العزل مجموعة "نشطاء من أجل أسيرات الدامون" بما امتلكوا من وسائل تخترق جدران الاحتلال لتصل إلى الأسيرات، وتعود لهن برجع الصدى عبر محامياتهن، بأن الرسالة قد وصلت.

ولدت الفكرة " نشطاء من أجل أسيرات الدامون" ، بحسب مسؤولة المجموعة سهير بدارنة، في عام 2021 بعد إطلاق سراح الأسيرة المحررة نسرين حسن، التي قالت خلال حديثها "إن الأسيرات منسيات ومن المهم أن يتم السؤال عنهن ومعرفة أحوالهن"، ومن هنا انطلقت الفكرة.

وتضيف بدارنة لوكالة "نبأ": "من الواجب ألا نجعل أسرانا في عداد المنسيين، إذ تم التركيز في حملتهم على الأسيرات نظراً لوضعهن الخاص، بحسب ما يصلهم من محاميات وأهالي الأسيرات أنهن يعانين من أوضاع صعبة".

وعبّرت بدارنة عن فرحها حيال هذه الحملة والتي تعتبر الأولى من نوعها: " الهدف من الحملة إيصال رسالة لكل الأسيرات أننا معكم ونقدّر صمودكم وأنكن لستن وحيدات، وأنه حتى في عيد ملادكن سنحضر الفرح لكنّ من خارج السجن".

وتابعت: " نحن كمجموعة نشطاء تصلنا رسائل من محاميات الأسيرات يعبّرن عن فرحهن وأنهن سمعن الاحتفالات، ونحن نحاول جاهدين أن يسمعن أصواتنا في مكبرات الصوت رغم التضييق والمنع الذي نلقاه؛ ولكنه من واجبنا الإنساني والأخلاقي والسياسي أن نقف مع الأسيرات".

" أثر الفراشة لا يزول"

فرغم محاولة الاحتلال الإسرائيلي سرقة فرح الفتيات الفلسطينيات إلا أنهن يجدن أنفسهن في كثير من الأحيان ضحية إلى جوار الشباب الفلسطيني تحت مقصلة الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته التعسفية، سواء بالتنقل وتنغيص الحياة اليومية، انتهاءً بسلب الحق في الحرية، فيُصبحن أسيرات خلف القضبان.

الأسيرة الطالبة في جامعة القدس المفتوحة دينا جرادات، رَسمت صورة عن نفسها بِأن " أثر الفراشة لا يزول"، تعشق الكتابة وهي عضو في منتدى الأدبيات الفلسطيني " مدى"، مُكافحة ومتمردة على اللاعادي، متيمة بوالدها الذي سرقه الموت منها مُبكراً.

تُعاني ابنة مدينة جنين، من مرض الاستسقاء الدماغي، وهي بحاجة كل فترة إلى سحب السوائل المتراكمة في الدماغ، اعتقلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في فجر السابع من آب الماضي، وكانت قد كتبت عبر منصتها الفيسبوك قبيل اعتقالها " قوات الاحتلال تقتحم منزلنا اللهم سلم".

صديقات دينا تحدثن عنها لِوكالة " نبأ"، فوصفتها نادين محمد بِـ " الجدعة" : "ترسيان" مثل ما تحب أن يناديها الناس أجمع، هي ابنة جنين " الجدعة" التي واجهت الكثير من المصاعب في حياتها مُنذ صِغر سِنها، إلا أنها نجحت في أن تكون أكبر من مصاعب الدنيا ونجحت في تخطيها".

وأكملت نادين حديثها عن "ترسيان" بأنها تملِكُ عقلاً  كبيراً، قالت: " كل من يرى ترسيان يَشهد بأنها "جدعة" وهي الصديق الذي يتيح لَكَ أن تسميه " الصاحب الصح"، فهي موجودة دائماً وإن غيبتنا الظروف فِعند اللقاء تُشعرك بأنه وكأنها رأتك أمس".

عانت الأسيرة دينا كثيراً من مرض استسقاء الدماغ، ورغم التعب إلا أنها كانت تحمّل ألمها لوحدها ولا تشكو إلى أحد، وفي بعض الأحيان كانت تدخل إلى غرفة العمليات دون أن تخبّر أحداً كي لا تجعل الخوف يَستقر في قلوب من يعرفوها.

وأوضحت عائلة دينا الأسبوع المنصرم ، أن نجلتهم مكثت في المستشفى مدة ثلاث أيام خلال الفترة الماضية، وخلال ذلك تم سحب الماء من جسدها، وأن عيادة سجون الاحتلال زودت الأسيرة دينا بعلاج بديل عن علاجها الأصلي الذي من المفترض أن تتناوله.

وأشارت إلى أن الأسيرة دينا تعاني من صعوبة في الحركة، والمشي بسبب المياه المتراكمة لديها، حيث أن وزنها انخفض خلال 10 أيام لحوالي 19 كيلو جرام بسبب مرضها.

ولفتت إلى أنها امتنعت عن تناول العلاج البديل بشكلٍ نهائي خلال فترة التحقيق، وخلال ثلاث شهور سُحبت المياه من ابنتهم ثلاثة مرات، ويأتي سبب ذلك العلاج البديل الذي تتناوله من عيادة السجن.

160 طفلاً يتعرض لما يتعرض له الكبار من التعذيب

وفي ذات السياق، منذ مطلع العام 2022 نحو 450 طفلاً فلسطينياً، منهم 353 طفلاً من القدس ويشكلون الغالبية العظمى ما نسبته 78,4% من إجمالي الأطفال الفلسطينيين، الذين تعرضوا للاعتقال في هذا العام.

وبلغ عدد الأسرى الأطفال والقاصرين رهن الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي حتى منتصف حزيران 2022 نحو 170 طفلا وطفلة في معتقلات "مجدو"، و"عوفر"، و"الدامون".

وبحسب "هيئة شؤون الأسرى والمحررين"، فإن 160 طفلاً في سجون الاحتلال يتعرضون لما يتعرض له الكبار من قسوة التعذيب والمحاكمات الجائرة، والمعاملة غير الإنسانية؛ التي تنتهك حقوقهم الأساسية، وتهدد مستقبلهم بالضياع، بما يخالف قواعد القانون الدولي واتفاقية الطفل.

الناطق الإعلامي بإسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين ثائر شريتح، قال: " إن " إسرائيل" مستمرة في حرمان الطفل الفلسطيني من العيش كغيره؛ وذلك من خلال الاعتقالات الدائمة؛ وأشار أنه عندما يجري الحديث عن وجود 160 طفلاً قاصراً يتعرض للتعذيب في داخل سجون الاحتلال فهذا معناه وجود مئة وستين جريمة وانتهاك بحق الطفولة" .

وأضاف شريتح لِـوكالة " نبأ"، فيما يتعلق بالقوانين الدولية فإنها غير قادرة على محاسبة " إسرائيل" واجبارها بالإلتزام في الاتفاقيات والمواثيق الدولية بالإضافة إلى اتفافية حقوق الطفل.

واسترسل متمنيا أن تشهد الساحة موقفاً ضاغطاً على الاحتلال؛ لإعطاء الطفولة حقّها في العيش بعيداً عن الجرائم المفعمة بالانتهاكات؛ واستطرد القول متأسفاً بأن المجتمع الدولي يثبت يومياً أنه منحاز لِـ " إسرائيل" وغير قادر على مساءلة الاحتلال الإسرائيلي على تلك الجرائم.

وأشار ضيف " نبأ" إلى أنه يوجد شواهد، وثقت بالصوت والصورة كيفية اقتحام البيوت؛ لاعتقال طفل يبلغ من العمر ما بين الـ 13_15 عاماً؛ ونوه إلى أن هذا الصمت الدولي يقاس على أساسات سياسية واقتصادية في ظل قدرة " إسرائيل" اللوبية، التأثير على القيادات العالمية.

ومن الجدير ذكره، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تصر على إبقاء الأطفال الأسرى والأسيرات رهينة في سجونها، وعدم وضعهم على قوائم الإفراجات التي تدعى تنفيذها كبادرة حسن نيّة، والتي لا تتعدى كونها خطوة شكلية الهدف، غايتها وخداع الرأي العام العالمي.

وفي الوقت الذي تفرج فيه سلطات الاحتلال عن بضعة من الأسرى الذين شارفت مدة حكمهم على الانتهاء، لا زالت تحتجز المئات من الأطفال والمرضى والأسيرات والأسرى القدامى، وهؤلاء لم تشملهم خطوات حسن النوايا المزعومة.

ويندرج اعتقال الأطفال والأسيرات الفلسطينيات ضمن سياسة التحكم والسيطرة الشاملة التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين؛ وما يؤكد ذلك أن سلطات الاحتلال لا تتعامل مع اعتقال الأطفال والنساء كخطوة أخيرة ولأقصر فترة ممكنة، بل اعتبرتهم مخربين وإرهابيين، في محاولة منها لعدم تطبيق القانون الدولي عليهم، وإن مبادرة حسن النية التي تدّعيها سلطات الاحتلال ما هي إلا مناورة ودعاية لا تنطوي على أية نية حقيقة أو توجه إيجابي لإنهاء هذا الملف، ويبدو أن الدافع الحقيقي وراءها هو تخفيف حدة الاكتظاظ داخل السجون.

 

وكالة الصحافة الوطنية