القدس-نبأ-رنيم علوي:
"من شأن تدريس المنهج الإسرائيلي في مدارس القدس المحتلة، أن يعزز السيادة الإسرائيلية هُناك"، عبارة يواصل قادة الاحتلال ترديدها لأحد وزرائه قالها عام 2016، إذ يعتبر تصريحًا مُباشرا لإلزام المدارس العربية في القدس المحتلة، بتدريس المناهج الإسرائيلية، والكتب الصادرة عما تسمى دائرة "المعارف الإسرائيلية".
فَـلم يكتفِ الاحتلالُ بسيطرته على ما يتم ذكره في المنهاج الفلسطيني من التاريخ وصولاً إلى الدين الإسلامي بٍحذف بعض الآيات القرآنية والأحداث التاريخية المتعلقة بنضال الشعب الفلسطيني، بل اتخذت خطواتٍ أكثر تأثيراً وصرامة بمحاولةٍ منها فرض المنهاج الإسرائيلي في المدارس العربية بالقدس المحتلة.
" القدس عاصمة إسرائيل"، كيف لي أن أقبل بتدريس طلبتي هذا الجزء؟ تساءل أحد المعلمين لِـوكالة " نبأ" آملاً منه أن يجد إجابة على سؤاله؟
فَحين يُجبر الطفل على الاعتراف " بإسرائيل" والتغزل فيها، يقف التقرير عند تساؤلٍ كيف تتم الحماية من هذه المواجهة؟
الحفاظ على الهوية
يرى رئيس الهيئة المقدسية لِمقاومة التهويد ناصر الهدمي أن الاحتلال بنى " دولته" على دولة باعتبار أنها فارغة بلا شعب لِشعبٍ يبحث عن أرض، وبالتالي فإن هذا الواقع الذي يحاول فرضه بعد معرفته بوجود شعبٍ مقاوم لم يستطع أن يمحي أثره ووجوده عن هذه الديار؛ وجد أن من أحد أهم عوامل بقاء الشعب الفلسطيني ومحاولة حفاظه على مقدساته وتاريخه هي الهوية الوطنية.
وقال الهدمي لِـوكالة " نبأ" : " إن الهوية الفلسطينية اكتسبت امتدادها من علاقتها بالمقدسات كَـ " المسجد الأقصى المُبارك"؛ فرأى الاحتلال أن التعليم هو الذي أوصل المواطن الفلسطيني إلى هذه المرحلة من الثبات، فقد عَلِم أهمية الحفاظ على الهوية والمقدسات الإسلامية، وأهمية الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة "العاصمة المحتلة".
فبدأ الاحتلال باستهداف التعليم على أساس أنه أحد أهم العوامل التي تبني الهوية، وبالتالي فإن التعليم في مدينة القدس بدأ في اعتماده على المنهاج الفلسطيني وفيه من النقص ما فيه، إلا أن الرواية الفلسطينية والوطنية تشكل الَـ " العصب" في المنهاج، فورث العديد من الثوابت لأبناء الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، ومدينة القدس بشكلٍ خاص.
نشوة الاستهداف
وأوضح الهدمي أن الاستهداف بدأ كان منذ اللحظة الأولى باحتلال القسم الشرقي من مدينة القدس عام 1967، وفي حينها واجه أبناء القدس الاحتلال وهم رافضين بالمنهاج الإسرائيلي ونالوا ما أرادوا حتى بقي المنهاج الفلسطيني إلى هذا اليوم.
واليوم، بدأ الاحتلال في إعادة الكرة مرة أخرى؛ بفرضه للرواية الصهيونية تحت مسمى " المنهاج الإسرائيلي" عَبر الابتزاز والضغط على المدارس، واستغلال بعض المدراس بتقديم الدعم لها الذي بدأ بأنه غير مشروط واليوم بات يشكل عنصراً مهماً ألا وهو ارتباطه بالتعليم والمنهاج الفلسطيني.
وأشار الهدمي، أن بعض المدراس يصلها تهديد بأنها إن لم تنصاع لأوامر الاحتلال بتعليم المنهاج الإسرائيلي سيتم إغلاقها فوراً، واسترسل القول مباشرة، بأن هذا كله يعبّر عن مدى إحساس الاحتلال بخطورة وجوده في ظل وجود المنهاج الفلسطيني.
" أولياء الأمور أساس المواجهة"
وفي ومواجهة ذلك، تحدث الهدمي أن من حق أولياء أهالي مدينة القدس أن يعلموا أبناءهم ما يشاءون وأنه ليس من حق الاحتلال التدخل في المنهاج وما يتم تدريسه في المدارس، وبالتالي فإن تدخل الاحتلال يأتي منافي للقوانين الدولية وهو خرقاً وتعدياً على حقوق المقدسيين، والفلسطينيين بشكل عام، مؤكداً على أنه يجب الوقوف عبر أولياء الأمور بتشكيلهم جداراً صلباً في وجه "سلطات الاحتلال".
ونبه إلى محاولة سلطات الاحتلال إرهاب أولياء الأمور، دون رجوعهم لأنهم يعلمون أنها بضعة أيام وستمر؛ لأن الاحتلال لن يستطيع مواجهة أبناء المدينة في موقفٍ ثابت وموحد، وشهد الميدان الكثير من المواقف التي أدت إلى إيقاف ممارسات الاحتلال بفعل الوحدة.
وتابع القول " لا سمح الله" إن استطاع الاحتلال تغيير المنهاج فَـإن ذلك سيؤدي إلى تغيير وعي الأبناء، والسماح بالتعدي على الهوية الفلسطينية، وتذويب المقدسيين داخل " المجتمع الإسرائيلي".
يذكر أن مدارس شرقي القدس، تلتزم بمناهج التعليم الفلسطينية منذ توقيع اتفاقية أوسلو، ويوجد في القدس خمسة أنواع من المدارس، مدارس تابعة للسلطة الفلسطينية، ومدارس الأوقاف الخاصة، ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، ومدارس تابعة للبلدية القدس الإسرائيلية ومدارس المقاولات التي تمولها "وزارة المعارف الإسرائيلية".