نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

ذكرى يوم المقاومة.. نحفظ السيرة ونواصل المسيرة

بقلم/ عزات جمال

يوافق الثاني عشر من أيلول / سبتمبر انسحاب آخر جندي صهيوني من قطاع غزة قبل سبعة عشر عاماً، انسحب الاحتلال من واحد وعشرين مستوطنة في قطاع غزة وأربع مستوطنات في الضفة الغربية في العام 2005 ، بعد خمسة سنواتٍ على انطلاقة انتفاضة الأقصى المباركة التي انطلقت شرارتها في العام 2000 من ساحات المسجد الأقصى حين أقدم الهالك شارون على اقتحام ساحات الأقصى بحراسة آلاف الجنود، فهبت الجماهير الفلسطينية في انتفاضة غضب، توسعت رقعتها لتشمل الأرض الفلسطينية المحتلة، هب الشعب الفلسطيني معلناً رفضه لخيار التسوية السياسية الذي سارت عليه السلطة الفلسطينية مع الاحتلال برعاية أمريكية وعربية، وسط حالة الرفض الفصائلي والشعبي التي واجهتها السلطة بقبضة أمنية شرسة لقمع كل مظاهر المقاومة واعتقال المقاومين في مقراتها الأمنية.

إلا أن الاحتلال استمر في عنجهيته المعهودة معلناً عن مزيد من الإجراءات العقابية بحق الشعب الفلسطيني والسلطة، لإيقاف الانتفاضة الشعبية المتصاعدة، فقام بفرض إجراءات إغلاق على المدن والقرى الفلسطينية، وأقدم على قصف المقرات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بالطائرات المروحية لأول مرة، فكانت فرصة لخروج المقاومين من سجون السلطة الفلسطينية والإلتحاق بمسيرة الإنتفاضة الممتدة..

وقد اتسمت الانتفاضة الثانية ببروز الاشتباكات المسلحة مع قوات الاحتلال منذ بداية الهبة الشعبية، وانتشارها في عموم غزة والضفة الغربية، وقد أخذت أشكال المقاومة في التطور السريع والملحوظ من الاشتباكات بالحجارة في نقاط التماس، إلى عمليات إطلاق النار على الحواجز والمستوطنات، وقد دخلت أشكال جديدة من المقاومة مثل استعمال قذائف الهاون والصواريخ محلية الصنع، واقتحام المستوطنات وثكنات جيش الاحتلال وصولاً لنسف المواقع والابراج العسكرية، في سلسة من عمليات المقاومة الممتدة على مدار خمس سنوات بكل قوة، دفعت أخيراً رئيس وزراء الاحتلال الهالك شارون، في بضع سنين على إلغاء العمل بعبارته الشهيرة التي لطالما تفاخر فيها " نتساريم مثل تل أبيب " ويقصد أن مستوطنات غزة مثل تل أبيب من حيث الأهمية لدولة الاحتلال.

حتى دفعته ضربات المقاومة مجبراً على أخذ قرار بمغادرة مستوطنات القطاع كلها، في ظل الثمن الكبير الذي ترتب على تواجد قواته ومستوطنيه فيها، الثمن الذي لم يعد بمقدور جيش الاحتلال أن يدفعه في ظل مقاومة فلسطينية أخدت على عاتقها أن تجعل من الحياة في المستوطنات درب من المستحيل يستحيل معه البقاء..

استطاعت المقاومة المدعومة بالحراك الشعبي والاحتضان الجماهيري، أن تحرر لأول مرة أرض فلسطينية محتلة وتجبر المستوطنين على هدم بيوتهم ومستوطناتهم بأيديهم، والمغادرة إلى خارج حدود قطاع غزة وبعض مستوطنات الضفة.

وهي بمثابة شاهد حي على أن خيار المقاومة هو الأقدر على إجبار الاحتلال على دفع الثمن والانسحاب حين يعود ثمن وجوده مرتفع، بينما استطاع أن يعزز وجوده في المستوطنات في ظل سنوات المفاوضات العبثية التي أعقبت اتفاق أوسلو في ظل سياسة المراوغة التي انتهجها الاحتلال في تعامله مع السلطة الفلسطينية والتي أفضت إلى لا شئ يذكر!!

صحيح أن الشعب الفلسطيني دفع أثمان كبيرة في ظل مسيرة المقاومة الممتدة من دماء شبابه وقادته وبيوته، إلا أنه استطاع أن يحقق إنجاز حقيقي على الأرض لأول مرة من داخل الأرض المحتلة، بينما تعزز وجود الاستيطان والمستوطنين في الأماكن والسنوات التي شهدت انخفاض في العمل المقاوم، ولم يسلم الفلسطيني من اعتداءات الاحتلال في ظل تصاعد التعاون الأمني، بل زاد هذا الهدوء من شهية الاحتلال لمصادرة المزيد من الأراضي لصالح المستوطنات والمستوطنين فأصبح تعداد المستوطنين في يومنا هذا يقترب من مليون مستوطن في ربوع الضفة!!

ولم يتوقف حلم المشروع الصهيوني في السيطرة على القدس والمسجد الأقصى من خلال إجراءات محمومة ومتسارعة، كل هذا مؤشر واضح وصريح على أن الاحتلال لا تردعه إلا لغة القوة والمواجهة، وأن الحلول السلمية والمراهنة على العملية السلمية لا تجلب الا المزيد من العدوان على الأرض والمقدسات والإنسان الفلسطيني..

ختاماً... شهد يوم ١٢_٩ أول تحرير حقيقي لأرض فلسطينية بفعل عمليات المقاومة، وهو يوم يجب أن نحييه بالفخر والاعتزاز، ونجعل منه مناسبة وطنية تعيد تذكير الأجيال بالتضحيات المبذولة على درب التحرير، وهي فرصة لتجديد التمسك بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وترسيخها لدى الجيل الجديد للتصدي لكل محاولات تشويه مسيرة المقاومة والنضال الفلسطيني الممتد..

*وهي بارقة أمل متجددة بأن شعبنا قادر على انتزاع حقوقه الوطنية، ومواجهة مشروع الاحتلال، بالمقاومة التي باتت اليوم موحدة في غرفة العمليات المشتركة التي تدير الصراع مع الاحتلال على أرض فلسطين، واستطاعت أن تفرض معادلاتها في كافة ساحات الوطن، كما حدث جلياً في معركة سيف القدس الخالدة...

وكالة الصحافة الوطنية