نبأ - رام الله - رنيم علوي
البطالة شبح يهدد أحلام الطلاب المتخرجين حديثًا من جامعاتهم والمقبلين على التخرج في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بالعالم وبفلسطين على وجه التحديد.
"نبأ" التقت عددا من الخريجين والطلاب في هذا التقرير؛ لتسلّط الضوء على معاناة وتفتح بارقة الأمل في مستقبلهم، وتوصل صوتهم للمسؤولين الذين يتابعون الأرقام المتزايدة نحو الهجرة.
"مع هاي البطالة الكبيرة إلا إنه فوقها بعد التخرج بندخل في حيرة كبيرة من وين بدنا نبلش ندور على شغل، كيف بدنا نبلش في سوق العمل؟" هذا ما بدأت به المواطنة هبة سليمان بعد سنتين من تخرجها.
في بداية الحديث أشارت هبة لِـوكالة " نبأ" إلى الحيرة التي تقع على الطالب بعد التخرج، ولكنها ماذا تحدثت عن سوق العمل؟ أضافت : " أول ما نروح نقدم بنلاقي الخبرة لازم تكون 5 سنيين"، وتساءلت مباشرة " إحنا خريجيين جداد من وين نبلش؟ حتى التدريب بتلاقي صعوبة فيه إذا ما كان في معارف " واسطة" عشان تعرف تتدرب عند مكان معين".
بعد عامين من تخرج هبة لم تجد إلى الآن الوظيفة، تقول أنها بالأمس حاولت العثور على وظيفة براتب رمزي " 1000 شيقل"، وتظهر المفارقة إما خبرة أو وظيفة براتبٍ رمزي.
هجرة
بين البطالة والخبرة، تظهر الهجرة التي تقود الكثير من الشباب الفلسطيني الذي يعجز عن تحقيق ما يطمح له إليها، دون التفكير بما ينتظرهم بالمستقبل المتوسط.
من جهته، عبّر الشاب حمزة عن استياءه حيال هذا الوضع العام، وأنه يشعر بالضياع فهو واقفاً بين خياريين إما البقاء أو الهجرة إلى بلدٍ اقتصادي كَـ " أمريكا" لا يشعر أي الطرق هي صحيحة له.
يقول حمزة لِـوكالة "نبأ": " أنا كشب عندي مستقبل مش عارف كيف احفظ إشي لمستقبلي، أنا خريج جامعة بيرزيت وبشتغل في محل ملابس! ما بطلع من هالمحل غير حق بكيت دخاني ويوميتي كشب لسا في ما وصل ال 30، أحياناً بفكر طيب ليش ما اترك كل إشي وراي واسافر؟"
تشتيت حمزة بين طريقين يعيده إلى نقطة البداية، الاستمرار في حياته والرضى بها، أردف " علمي في هذه البلد، أهلي عندي، ضامن بيت إلي هون، بس برا! ممكن أنام في الشارع أسبوع أو شهر أو ممكن ما اقدر انجح واندم إني طلعت! شايفة " موجهاً كلامه لمراسلة وكالة نبأ" هيك مقضيها بين آه أسافر وبين لاء خوف من المستقبل شو مخبيلي لو سافرت".
طلب اللجوء
ينحرف المسار الشبابي بين الحيرة هذه ليضع النقاط على الحروف، ليقرر بعدها الهجرة لا العودة، اللجوء لا الدراسة، فتاة في مقتبل عمرها من إحدى مناطق فلسطين تدعى " لينا أبو داود" كانت قد حصلت هذه الفتاة على بعثة لدراسة الماجستير تقديراً لجهودها في مرحلة البكالوريس.
تروي لينا لِوكالة " نبأ" قصتها والتي بدأت بِـ " أنا من غزة خانيونس درست بكالوريس في الجزائر، الجامعة نفسها قدمتلي تسهيلات لإكمال الماجستير فجأة ما لقيت حالي إلا وأنا بقدم طلب لجوء دون الرجعة على غزة"
السبب؟ تقول لينا " إحنا في غزة بشكل خاص بنعيش بطريقة مختلفة عن باقي مناطق الضفة، البطالة مرتفعة، الرواتب قليلة جداً في ناس يوميتهم بتوصل 7 شيقل، الجوع والفقر منتشر، الناس مش مرتاحة، إذا المي وهي المي مش نظيفة في بعض المناطق بنسبة 70%".
وفي نهاية حديثها، تساءلت " في أسباب أكثر من هيك بتسمحلنا نضل؟"
وبحسب وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية " وفا" فإن معدل نسبة البطالة والهجرة في دولة فلسطين مقلق جداً لعام 2021؛ نظرا لارتفاعه بالمقارنة مع الدول الأخرى؛ بل هو من أعلى المعدلات على الصعيد العالمي لا سيما في قطاع غزة.
وأشارت أن السبب المباشر في تفاقم هذه المشكلة يعود إلى كون فلسطين دولة تحت الاحتلال، الذي يقيد حريتها في استغلال ثرواتها ومواردها الطبيعية ويمنعها من السيطرة على معابرها ومياهها ومجالها الجوي؛ بل ويدمر باستمرار بنيتها التحتية، ويمارس القرصنة على أموالها، فضلًا عن الحصار وإغلاق المعابر كل ذلك بهدف إبقاء الاقتصاد الفلسطيني تابعا للاقتصاد الإسرائيلي، يعتمد على ما تجود به الدول المانحة، للحيلولة دون أن تتوفر مقومات الاستقلال، بالإضافة إلى خنق الشباب الفلسطيني.
ومن الملاحظ أيضا أن نسبة البطالة بين الإناث تفوق نسبتها عند الذكور ولعل السبب في ذلك يعود إلى مفاهيم اجتماعية ما زالت سائدة داخل المجتمع الفلسطيني المحافظ الذي يحاصر المرأة في وظائف معينة، ومن جهة أخرى الطابع الذكوري الذي ما زال مهيمن على قطاع العمل في فلسطين.
واللافت للانتباه ارتفاع نسبة البطالة والهجرة عند الشباب حملة الشهادات؛ حيث أصبح ينظر لمؤسسات التعليم وكأنها مولـد للبطالة؛ هذه المشكلة آخذة في التنامي سنة بعد أخرى؛ حيث اصبحت الهجرة أحد خيارات الحل بالنسبة للشباب هروبا من دائرة البطالة والفقر، ليحرم الاقتصاد الفلسطيني من الإستفادة بالشكل الأمثل من طاقاته البشرية؛ ما ينعكس سلبا على النجاح في إحداث التنمية الاقتصادية.
ومن الجدير ذكره بأن البطالة في دولة فلسطين تبقىس تشكل أحدى التحديات الجدية التي تواجه الفلسطينيين ويبقى الاحتلال المسبب الرئيسي لها، وبالخلاص من الاحتلال نتخلص من البطالة، وتدور عجلة التنمية.