القدس -نبأ - إسلام عمارنة
على الرغم من اقتحام آلاف المستوطنين المسجد الأقصى اليوم الأحد، في "يوم توحيد القدس"، إلا أن المقدسيين ما زالوا صامدين في وجه عنجهية المستوطنين ومحاولاتهم الفاشلة في فرض سيادتهم على المدينة المقدسة.
الدعوة للنفير وعدم السكوت
الباحث في شؤون القدس والأقصى رضوان عمرو لفت الى أن عصابات الهيكل أسست قبل ظهر اليوم لمعادلات جديدة وخطيرة جدا في المسجد المبارك بتنسيق واضح مع المستوى السياسي والأمني، وقال إن أبرزها، تمكين المستوى السياسي والأمني "لعصابات الهيكل" من اقتحام الأقصى بعدة مسيرات أعلام متتابعة، تخللها رقص وهتاف بالعبرية، واستفزازات وإهانات كبيرة للمصلين، وبحراسة وموافقة ومرافقة شرطية كاملة، "بهذا تكون مسيرة الأعلام قد حققت أهدافها باقتحام الأقصى وزيادة، ومنحت المستوطنين نشوة وصورة النصر المطلوبة في يوم احتلال القدس.. قبل أن تنطلق المسيرة المركزية أصلا.
وأوضح عمرو في تصريح لـ"نبأ"، أن عصابات الهيكل تمكنت من أداء صلاة التمدد (الهشتحفوت) بشكل جماعي وكامل وبأعداد كبيرة غير مسبوقة وبأريحية كاملة في المنطقة الشرقية وقرب المدرسة الأشرفية وباب السلسلة، وتمكنت أيضا من رفع 7 أعلام للاحتلال بشكل متزامن وبأريحية خلال المسيرة من باب المغاربة إلى باب السلسلة داخل الأقصى، فيما تم قمع جموع المصلين التي حاولت الاعتراض والاقتراب.
وأشار عمرو الى أنها المرة الأولى في تاريخ الأقصى منذ احتلاله عام 1967، يرتفع فيها هذا العدد من الأعلام ولهذه المدة، وبهذا الشكل، وبحراسة الشرطة والمخابرات، "تم تنفيذ اعتقالات من بين جموع المرابطين موجهة من مركز كاميرات المراقبة، بواسطة قوة مخابرات ترتدي أزياء مدنية (بيلوش) مثل المستعربين، التي تحركت داخل الأقصى".
ولفت الى أن الأوقاف والمرجعيات خرجت نهائيا من الصورة، ولم يحضر أحداث الأقصى من مدراء الأوقاف وأصحاب العمائم اليوم سوى مدير الأقصى وحيدا، "واضح أن ذلك نتيجة التفاهمات الأخيرة مع الأردن والسلطة".
وأكد أن "ما جرى هو تأسيس لمعادلات مضادة تتجاوز ما حاولت غزة تثبيته في سيف القدس، ومرور الوقت عليها يعني تقادمها وتثبيتها كأمر واقع جديد في الأقصى وانتكاسة معنوية غير مسبوقة لها ما بعدها، لا قدر الله".
الأستاذ محمد الجلاد المختص في شؤون بيت المقدس أشار إلى أن ما حصل اليوم في المسجد الأقصى هو "تطور نوعي خطير في تدنيس المسجد وتقسيمه ومرحلة جديدة بكل معنى الكلمة، وهو تغيير للوضع القائم الدنس من أساسه.. إلى وضع أشد دنسا.. سواء من حيث عدد المقتحمين.. أو كيفية أداء الصلوات التوراتية الجماعية.. أو رفع الأعلام.. أو الاعتداءات والاستفزازات.. أو الرقصات.. كل هذا يعني أنه تم كسر عدد من الخطوط الحمراء وليس خطاً أحمر واحدا.. وهذا يؤسس لمرحلة جديدة في تقسيم المسجد.. والتعامل معه على أنه معبد توراتي.. والسكوت عليه سيرسخه ويزيده".
أزمة السيادة لدى الاحتلال
أما الصحفي معاذ حامد فعلق على أزمة السيادة بقوله: "صحيح أن المشاهد التي نشاهدها الآن من القدس مؤلمة من جانب.. ولكنها من جانب آخر تُظهر أزمة لدى الكيان الصهيوني بمحاولة إثبات "سيادته" على القدس"، فهو يرى بأن سيادة الاحتلال اهتزت صورتها بشكل كبير منذ معركة سيف القدس عام 2021، "يعني تخيل إنك تكون مسيطر على مكان من 74 عام، وما زلت تشعر بالنقص انك غير مسيطر! سيصيبك الإحباط".
الصحفية مرفت صادق أكدت أن المسجد الأقصى ليس فارغا، "رغم الحرب الاسرائيلية الشاملة على كل مكوناته من حجر وشجر وبشر، ورغم الحصار، والاعتقالات بالجملة، والضرب والملاحقة، هناك مئات المرابطين داخل الأقصى باتوا منذ الليلة الماضية. والآلاف يسعون ويشدون الرحال إليه رغم الطرق المغلقة وسلاسل الحواجز العسكرية".
وبين الصحفي المتابع للشأن العبري محمد خيري فشل دولة الاحتلال واثباتها بأنها غريبة عن المكان: "جيش عرمرم، وحراسة فقط من أجل اقتحام مسجد يتحصن فيه شبان ليس معهم سوى صرخة "الله أكبر"؛ ثم تتجول قليلاً وتقول "شعب إسرائيل حي" وتنصرف، وأنت تزعم أنك سيد هذا المكان".
وقال إن عقلية قادة إسرائيل اختلفت اختلافاً كلياً عن العقليات السابقة، "نحن اليوم أمام قادة متفرقون متزعزعون، وكما كانت تقول ستي "حايفتهم الصفنة" يعني مصدومين من واقع فعلا مش قادرين يتعاملوا معه".
ورغم كل محاولات الاحتلال ومستوطنيه فرض سيادتهم على المدينة المقدسة وتدنيسها، إلا أن الأرض ترفض التحدث بغير العربية.