نبأ – القدس - نواف العامر
تمتد آلاف موائد الإفطار في باحات المسجد الأقصى بنسق رتيب تلتقي فيه ألوان الأطعمة والأشربة الشعبية تروي ظمأ الصيام وتسد جوعة النهار على وقع مدفع رمضان المقدسي يتلوه رفع الأذان بهيبته وقدسيته.
وتحلقت عائلة عماش التي تضم سبعة عشر فردا والقادمة من بلدة طرعان في الداخل المحتل حول مائدة شعبية في ساحات قبة الصخرة المشرفة تلتهم ما لذ وطاب من وجبات شعبية تنوعت بين البامية وورق الدوالي والفريكة، بينما تعالت أصوات الفرح بليلة تسبق الجمعة الأخيرة من رمضان بساعات .
ويعبر رب الأسرة فارس عماش عن سعادته التي لا تقل عن أفراد عائلته بتناول الإفطار في باحات المسجد ويقول: كل شيء هنا عبادة ورباط، المسجد بقدسيته وتاريخه وجغرافيته لنا.
ولم يصبر عماش على رؤية موائد متواضعة بجواره فقام بتوزيع جزء من وجبة إفطاره عليهم وقد بادلوه نفس الروح بتقديم خبز القراقيش المعجون بزيت الزيتون وذرات السمسم البلدي من حقول الريف النابلسي.
وترى المهندسة إسراء عمر أن ما يميز موائد رمضان في الأقصى زهد الصائمين وابتعادهم عن الإسراف والتبذير ليتمكنوا من أداء الواجب الديني بصلاتي العشاء والتراويح.
وتذهب المهندسة إسراء بعيدا وتؤكد أن التواضع في الوجبات يعود لرغبة الناس في شراء متطلبات الإفطار من أسواق المدينة دعما لتجار وأهالي القدس وتخفيفا لعبء تحمل المشاق بحمل الوجبات من مكان سكن القادمين للأقصى.
وتزين الموائد الرمضانية العصائر الملونة الزاهية والحلويات الشعبية وأنواع جذابة من ثمار التمور وتنوع الخبز الشعبي والسمسم على تلك الوجبات الشهية .
ويطوف الفتية قبيل الإفطار منهمكين في توزيع التمور صدقة عن روح أمواتهم ترافق الابتسامات أياديهم الممتدة وتقول: لا تنسى الدعاء لأمي يرحمها الله .
فنجان القهوة لا يغيب عن اللقاء اللافت يجمع بين العبادة والرباط من جهة وبين متطلبات الإفطار كضرورة صحية ونفسية ، بينما يرتشف فارس عماش قهوته السادة بشغف كمن يلتقي محبوبته بعد غياب.
وعقب الانتهاء من صلاة المغرب وانتهاء وجبة الإفطار ينتشر الناس من الجنسين محلية نحل يجمعون بقايا الطعام ومخلفاته لإزالتها ووضعها في مكانها المخصص ويقولون: حتى التنفس هنا يكون له أجر ووجبات إفطارنا ليست كغيرها، إنها هنا بطعم العبادة.