نبأ - نابلس - نواف العامر
تنبئ التحصينات العسكرية بأبراجها وكثافة عدد الجنود والمعسكرات القريبة منه والتقنيات الحديثة على حاجز زعترة جنوبي نابلس بالدور الذي يقوم به وأهمية الموقع الحساس الذي يتموضع فيه والجغرافيا التي أقيم عليها.
أخذ الحاجز اسم الحي الفلسطيني والتابع لبلدة بيتا على تلة زعترة القريبة منه، وحسب التسمية الإسرائيلية أخذ اسم مستوطنة كفار تفوح التي أقيمت عام 1978 بجانبه على أراضي قرية ياسوف شرق محافظة سلفيت حيث تطل هذه المستوطنة على مفترق زعترة الذي يشكل حلقة وصل بين معظم محافظات الضفة الغربية.
مسارب عديدة للمركبات التي تعبر الحاجز في الاتجاهين تميزه فيما أبراج الحراسة والرقابة العسكرية تنتشر في الاتجاهات الأربعة ترقب جميعها حركة السير الكثيفة لتصل لميدان دائري يوزع الطرقات نحو نابلس وشمال الضفة وثانية نحو سلفيت غربا وثالثة نحو أريحا والأغوار شرقا وأخيرا نحو رام الله ووسط الضفة وجنوبها رابعا.
ويشكل حضور الحاجز بموقعه حلقة وصل حقيقية بين مناطق شمال الضفة الغربية والطريق نحو تل أبيب من جهة وبقية محافظات الضفة الغربية ما يعني قدرته على قطع الطريق بأمر عسكري أو مزاج ضابط الحاجز وتشل الحياة بحركة يد.
يشاهد سائق المركبة أو راكبها على حد سواء منطلقا من محافظة نابلس التحصينات والساحة الفسيحة على يمين الحاجز يتوفر فيها أكشاك للبيع وموقفا للمركبات والدوريات والآليات العسكرية ومكانا للاعتقال فيما على الجهة اليسرى مواقف خاصة للجنود والمستوطنين المدججين بالكراهية والسلاح وكذلك ترتيبات مماثلة في المفترقات الثلاثة الأخرى باتجاهاتها غربا وجنوبا وشرقا.
وبموجب أوامر عسكرية مشددة عقب اندلاع هبات انتفاضية تميزت بالطعن والدهس قبل زهاء خمسة أعوام شلت منظومة الأمن الإسرائيلي واحتياطاته منع المشاة الفلسطينيين من السير على أقدامهم في الحاجز وغيره من الحواجز والنقاط العسكرية المنتشرة في خاصرة الضفة الغربية المثخنة بالمستوطنات التي تحتل رؤوس الجبال وقمم التلال.
وفتحت أربعة مسارب ترابية محاطة بأسلاك في محيط الحاجز واتجاهاته لتمكين المشاة والعمال والعابرين الفلسطينيين من المشي خلالها ليتمكنوا من اللحاق بالمركبات الفلسطينية التي تقلهم لبيوتهم وأماكن أعمالهم.
وأستهدف نشطاء المقاومة الفلسطينية على فترات متفاوتة خلال الأعوام الماضية حاجز زعترة بعمليات إطلاق نار ومحاولات طعن متفاوتة، وهو ما وصفته وسائل إعلام الاحتلال بهشاشة منظومة الحراسة والأمن في المكان يقابلها جرأة منفذي العمليات التي كان ٱخرها يوم العشرون من رمضان بإطلاق نار من مركبة أصاب رصاصها ثلاثة مستوطنين على الحاجز مشدد الحراسة.
ويعطي المعسكر المقام على أراضي قرية ياسوف ويبعد عن الحاجز نحو مائتي متر قوة للحاجز فهو يمده بالجنود ومهاجع النوم وقوة إسناد سريعة لأي حدث إضافة لمهام أمنية للمنطقة ومستوطناتها.
وعلى بعد نصف كيلو متر بقليل أقيمت مستوطنة رحاليم إرتبط إسمها بمقتل مستوطنة في المكان ليلة انعقاد مؤتمر مدريد في العام ١٩٩٠، توسعت على حساب أراضي قرى يتما والساوية وقبلان فيما تم تحصين المكان بشبكة مواصلات وجسور حديثة تتصل بمعسكر ثاني يبعد مئات الأمتار وتوصل لقلب مستعمرة اريئيل التي تضم جامعة وتمضي نحو اعتمادها كعاصمة استيطانية لما يسمونه بالسامرة.
وعلى طول الطريق الشرقية القادمة من الأغوار وأريحا تنتشر نقاط عسكرية ودوريات عسكرية متحركة وراجلة لحماية حركة السير وصولا لحاجز زعترة مغذي الحالة الأمنية للمنطقة.
وتعرض حي زعترة بمساكنه على عدد أصابع اليدين لاستهداف احتلالي تمثل بهدم حديقة بنيت على نفقة الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي حظر فيه على عائلات الاقطش من بناء منازل إضافية خشية التوسع وتشكيل تهديد المنطقة التي تعتبر مربعا أمنيا غاية في الحساسية.
وشرع الاحتلال قبل شهرين بتنفيذ مشروع شارع التفافي حديث يرتبط بحاجز زعترة انطلاقا من بداية بلدة حوارة ومنطقة ما بعرف بميدان يتصهار مرورا بالسهل الخصيب واقتلاع أشجار الزيتون وبملاصقة سوق الخضار المركزي في بلدة بيتا نحو الحاجز ليطبق كفكي كماشة على المخططات الهيكلية للقرى في المنطقة ويخنق الحياة فيها بذرائع أمنية.
واطلقت قوات الاحتلال قبل عامين منطادا هوائيا خاصة بالتصوير والرقابة الأمنية يتم التحكم فيه من المعسكر الصغير المجاور للحاجز، ما يسمح بتصوير أشكال الحياة والحركة اليومية في منطقة جنوب نابلس.
وينشر غلاة المستوطنين صور دعائية دائمة لنشاطاتهم في المستوطنات وحراكهم في استهداف التجمعات والبلدات الفلسطينية على لافتات ولوحات منتشرة أعدت خصيصا فيما تتوسط الدوار الرئيسي للحاجز لافتة مضيئة تقنيا تقول باللغة الإنكليزية أنا أحب السامرة
وعلى الرغم من كل هذه التحصينات والإجراءات العسكرية الإسرائيلية، تمكّنت المقاومة الفلسطينية من اختراقها وإصابة ثلاثة مستوطنين مساء أمس الأحد، بـ5 رصاصات أطلقها فدائي وتمكن من الفرار أمام أعتى قوة عسكرية في الشرق الأوسط.