نبأ – نابلس – شوق منصور
بابتسامتها البريئة وروحها الجميلة استطاعت الطفلة مريم صباح وهي من ذوي متلازمة داون من أن تحظى بقبول وإعجاب المحلات التجارية لتكون هي الطفلة الأولى من متلازمة داون التي تعمل في مجال عرض أزياء الأطفال.
مريم صباح ابنة الأربع سنوات من بلدة قفين بمدينة طولكرم أرادت هي وعائلتها إرسال رسالة إلى المجتمع بأن الإعاقة ليست عائقاً أمامها وأنه بالإرادة والإصرار تتحدى المستحيل.
وتقول إسراء صباح والدة الطفلة مريم لوكالة "نبأ": "لم أكن أتوقع بعدما أنجبت ثلاثة أبناء أصحاء أن يخبرني الطبيب وأنا في الشهر الثالث أن جنيني سيكون من متلازمة دوان؛ ولكن مع الوقت تقبلت الوضع، ومنذ أن أنجبت طفلتي وأنا أفكر هل يتقبل المجتمع مريم؟".
وأضافت صباح: "قررت أن أتحدى المجتمع والصورة النمطية المعروفة عن متلازمة دوان، ومن هنا بدأت بتطوير قدرات ابنتي من خلال أخذها على مراكز تطوير الحركة والنطق، لأنه كما هو معروف أن أصحاب متلازمة الدوان إذا لم يتم متابعتهم تبقى قدراتهم الحركية واللفظية محدودة".
وتابعت: "رغم أن الجميع أخبرني أنه من المستحيل أن تمشي مريم لأنه كان لديه رخاوة في جسمها، إلا أنه وبعد فترة من التدريبات والعلاج الطبيعي تمكنت مريم من الحركة، وكان إنجازا عظيما لمريم، وبعدها بدأنا نعمل على تطوير قدراتها اللفظية".
وقالت صباح: "إنني كنت ألاحظ أن طفلتي لديه اهتمام في موضوع الأزياء والملابس والمكياج والعطور والتصوير، ومن هنا جاءت الفكرة وبدأت أطلب من محلات الأطفال أن يستخدموا مريم لعرض أزيائهم، ووجدت أن هناك إقبالا وقبولا كبيرا من المحلات والعلامات التجارية للفكرة".
واستكملت: "لقد كنت بالبداية أنا أطلب من المحلات أن تستخدم مريم كعارضة لأزيائهم، واليوم المحلات هي التي تطلب منا أن تكون مريم موديل لملابسهم، واصبح الإقبال غير مقتصر على محلات في فلسطين، بل تواصلت معنا علامة تجارية من دولة أجنبية طلبت منا أن تكون مريم سفيرة للعلامة التجارية".
وأشارت والدة مريم، إلى أن "هذه الفكرة كان لها تأثيرا كبيرا على ثقة مريم بنفسها، وأصبحت تحب التصوير والناس أكثر، وأصبح لديها مكانة أمام الأطفال، وبدأت ألاحظ أن المجتمع تقبل مريم أكثر".
وتشير صباح إلى أنه لا أحد سيأتي ويكتشف ابنك، الأم والأب هم فقط من يستطيعون الكشف عن قدرات أطفالهم، كما ويجب على الأهالي أن يبذلوا أقصى جهد ممكن مع أطفالهم، وعدم الاستسلام والقول إنهم لا يعرفون ولا يعلمون.
واستطردت والدة مريم: "كان الهدف من مشروع مريم غير تلبية رغبة مريم، هو تغيير نظرة المجتمع لهؤلاء الأشخاص، فنحن نعاني من أن المجتمع لديه معتقدات أن أطفال الداون ذهنياً على البركة، كما إنني أسعى لتغير المصطلح المعروف منقولي، وأن يصبح ليس فقط متلازمة داون بل متلازمة السعادة أو ذوي احتياجات خاصة، فالمصطلحات لها تأثير كبير".
وأشارت صباح إلى أن مريم غيرت كثيراً في أمهات الداون، حيث أن كثير من الأمهات بدأت تتواصل معي وتسألني كيف أبدأ مع طفلي، وتستفيد من خبرتي مع مريم، وخصوصاً أنني بدأت أخذ دورات حول كيفية التعامل مع متلازمة داون.
وبحسب صباح فإن من اهم الصعوبات التي تواجهها عدم وجود مراكز متخصص للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصاً بالقرى، كما أن هناك عدم اهتمام ودعم من قبل المجتمع والمؤسسات بهؤلاء الأشخاص.
ورسالة صباح إلى كل أم لديها طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة ألا تخجل من أطفالها، ولا تنتظر أحد أن يكتشف مواهبهم، وتتحدى كلمة إعاقة، فكل طفل لديه سر يجب أن نكتشفه. كما ووجهت رسالة إلى أصحاب المحلات لدعم مشروع مريم.