رام الله – نبأ – رنيم علوي
بعد أن استيقظ العالم في السادس من سبتمبر (أيلول) العام المنصرم على خبر نجاح عملية فرار ستّة أسرى فلسطينيين من سجن "جلبوع" الإسرائيلي شديد الحراسة، الواقع في مدينة بيسان شمال فلسطين المحتلة، يتوّج خبر آخر صباح اليوم عبر الوكالات الإعلامية أن أسيران فلسطينيان يشتبه بمساعدتهما لأسرى " نفق الحرية" تمكنا من إجراء اتصالات رغم الحظر المفروض عليهما.
اتصالٌ من قلبِ جلبوع
وبحسب قناة " كان" العبرية فإن الأسيرين أجريا الاتصالات بدون أي إشراف من قبل السجانين الإسرائيليين، كما تمكن الأسيران - اللذان لم يُكشف عن هويتهما - من إجراء الاتصالات، رغم تورطهما (وفق تعبير القناة) بمساعدتهما الأسرى الفلسطينيين الستة، الذين نجحوا مؤخراً بالفرار من سجن "جلبوع" الذي يعتبر أكثر سجون الاحتلال تحصينا، قبل أن يُعاد اعتقالهم مرة أخرى.
وأشارت إلى أن القضية تسببت بإحراج لمصلحة السجون (المسؤولة عن إدارة المعتقلات التي يتواجد بها آلاف الأسرى الفلسطينيين)، لكونها فرضت حظراً على الاتصالات من داخل سجن "جلبوع"، بعد عملية فرار الأسرى الستة، وخاصة بحق الأسرى الذين شاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في العملية .
فهل يمكن الاستمرار بوصف هذا السجن بأنه من أكثر السجون تحصيناً؟
ومن جهته علّق المختص في الديانة اليهودية طارق أبو داود واصفاً جلبوع بأنه ليس من أشد الحصون: "جلبوع يتطلب سنتين إعادة تأهيل، فالبنية التحتية تدمرت وانكشفت فيها الكثير من الفراغات ومجال الهروب منه متوقع، إذ أن عملية الهروب كانت معقدة قديما مع صعوبة إجراء الاتصالات".
وأضاف أبو داود لـ"نبأ": "جلبوع أيضاً يعاني من تعرض "الشباس" وهم حرّاس السجن للتحرش الجنسي بين بعضهم، وبالتالي هذا الملف غير مغلق والذي بدوره يفاقم من عدم تحصين السجن ويشغل السجن بكامل إدارته عن إعادة تأهليه".
وتابع: "إدارة السجن رغم وهنها إلا أنها تسعى إلى معرفة الثغرة التي قادت إلى تسريب اتصالٍ وذلك بتحقيقٍ موسّع يتولاه المفوض العام لإدارة السجون، علما أنه في تاريخ الكيان منذ عام 1948 وصولاً لعام 2021 لم تفتح سوى 15 لجنة تحقيق تكون تحت إدارة المفوض العام، ومن المتوقع أن يتم تشكيل أول لجنة في عام 2022 لمعرفة ثغرة الاتصال الذي قاد الأبطال لإجراء مكالمة".
إغلاق سبل التواصل بحق الأسرى
وفي ذات السياق، قال المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور: "هذه القضية ليست جديدة فإدارة السجون دائماً تسعى إلى إغلاق مجال الاتصالات وتركيب أجهزة تشويش ولكن دائماً ما يجد الأسرى منافذ وفرصا للاختراق، وهذا دليل على إرادة الأسرى وإصرارهم لكسر الحصار المفروض عليهم، وهم دائماً ما يجدون ثغرات وهذا ما حدث في جلبوع مؤخراً".
وتابع منصور لـ"نبأ": "هذا السجن أسطورته سقطت بعد عملية نفق الحرية ولم ترمم هذه الصورة مهما حاولت إدارة السجون، وإن ما رسخ في ذهن الناس بكل العالم أن هذه الصورة تبددت وإلى الأبد".
شعار اليوم " انتزاع القرار الذاتي"
وفي نفس السياق، قال المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي، صلاح خواجا: " ما حدث في سجن جلبوع يؤكد على إصرار أسرانا واعتمادهم على ذواتهم في حق انتزاع الحرية، وهذا ما يؤكد فشل كل سياسات الاحتلال والمنظومة الأمنية التي يتبجح بها الاحتلال في السجون".
وأوضح خواجا لـ"نبأ": "ما يحدث في جلبوع يثبت للعالم أنه لا يوجد حصانة على شيء، واليوم أسرانا البواسل يؤكدون أن انتزاع القرار الذاتي أصبح الشعار السائد بكل أشكال الكفاح في كل فلسطين، وهذا ما يجب على القوى السياسية التقاطه، باعتبارها قضية لا يمكن إدارة الظهر لها لتحويلها إلى رؤية وطنية وكفاحية يمكن مواجهة الاحتلال من خلالها".