نبأ – رام الله – رنيم علوي
بَعد أن كان العالم العربي يصف فلسطينيي الداخل المحتل بِـ"عرب إسرائيل" ظناً منهم أن "الاحتلال الإسرائيلي" استطاع أن يمسح القضية الفلسطينية من تاريخهم الوجداني واندماجهم بالواقع "الإسرائيلي"؛ فوجئ الجميع بوقوفهم بوجه الكيان المعادي رفضاً لما يحدث في القدس وغزة في مايو ويونيو الماضيين، وكانت مدينة اللد أولى المدن التي تمردت على واقعها وعادت لتاريخها الوطني لتقف في وجه من يسلب أرضها.
فما الذي يحدث في اللد اليوم؟
نشرت صحيفة هآرتس العبرية يوم الاثنين الماضي خبراً ينص على "أن أهل اللد يخوضون صراعاً ضد مخطط تقوده بلدية المدينة في البلدة القديمة، يهدف إلى تجديدها، وسط خشية من السكان بأنه سيتم طردهم منها في حال بدأ تنفيذ هذا المخطط".
وبحسب الصحيفة، فإن المخطط القائم يهدف إلى بناء أبراج شاهقة بدلاً من المساكن القديمة، مشيرة إلى أن هناك تحركات من قبل بعض الفلسطينيين بالمدينة لمعارضة المشروع وعدم التوقيع على أي أوراق تسمح بذلك.
وفي الوقت الذي أثبت فلسطينيو الداخل المحتل أن الهم الوطني واحد، يأتي قرار الاحتلال بتهويد ما تبقى من آثار عربية في مدينة اللد، المدينة التي يصل عدد سكانها الأصليين إلى ما يقارب 65 في المائة.
هل يستمر هذا القرار؟ وما مدى خطورته؟
يجيبنا على ذلك المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، قائلاً: إن كانت هذه الخطط تعمل على التطوير والتحديث وبناء الأبراج وحل أزمة سكنية ... وإلخ، فإن جوهرها هو استهداف البلدة القديمة والتجمعات العربية في الداخل بشكلٍ عام، وفي اللد خصوصاً، وتحديداُ اللد التي برزت في العناوين بالفترة الأخيرة بسبب الهجمة العنصرية التي شهدتها، والصدمات بين العرب واليهود، فِـمن الواضح أن هناك استهدافا للتجمعات العربية والوجود العربي المركز والتاريخي في هذه المدينة.
وتابع عصمت منصور قوله: نحن نرى هذه المشاريع تشكل خطرا على أبناء شعبنا في الداخل وتحديداً مدينة اللد، وهي لا تختلف عن حملات أخرى وسابقة في بلدات عربية، ومصادرة أراضي بهدف بناء شوارع عابرة أو مشاريع تطوير أخرى فيها تجمعات عربية.
نظرُ بعينِ الخطر على الوجود العربي
وأضاف: الوجود العربي بشكلٍ عام مستهدف، وخاصة بِـوجود الحكومة اليمينية والحكومات التي سبقتها فهي تنظر بعين الخطر للوجود العربي، وتحاول جاهدة أن تفرغه من مضمونة وتذرر وجودهم كأقلية قومية وتحولهم إلى أفراد.
وأشار خلال حديثه لوكالة الصحافة الوطنية "نبأ" إلى الهدف من وراء هذه الخطط قائلاً: إن الهدف من كل هذه الخطط واضح " إسرائيل" لا يروق لها التجمع العربي، والوجود العربي المركز في مناطق جغرافية محددة خاصة وإن كانوا سكان أصليين يعتزون بإنتمائهم القومي والوطني، ذلك هي تحاول جاهدة لتشتيتهم وتفرقتهم، بالإضافة إلى محاولة السيطرة على الحيز الذي خنقتهم فيه بعد مصادرة كل الأراضي المحيطة في بلداتهم وطوقتهم بالأحياء اليهودية، وذلك من خلال تفريغ هذه الأحياء من سكانها العرب ومن ثم الهيمنة عليها، وبعد ذلك تحولهم لمواطنين متفرقين في أماكن متفرقة.
"بالخطأ موجودين العرب"
وقال عصمت منصور إن "انحنيا لجزئية التهجير فإنه يذكرنا بِـما حدث قبل 4 أيامٍ، اليميني المتطرف سموتريتش عون كنيست قال: بالخطأ يوجد فلسطينيون هنا؛ لأن بن غوريون لم يكمل مهمته التي تقوم على التهطير العرقي التي بدأت في عام 1948".
وأضاف منصور: "هذا هو اليوم وأجزاء كبيرة منه لا زالت تؤمن بهذا الحل، وأن وجود العرب هو مشكلة"، مشيرا إلى أن خطر التهجير قائم، وأن العنف الذي نراه، والجريمة المنظمة بالإضافة إلى التهميش الذي يعاني منه الفلسطينين في الداخل، كل هذا يهدف إلى التضييق عليهم لاستئصال هويتهم، فـبالتالي التهجير القسري خطر قائم وله أبعاد مركبة كبنية وكيان وهوية.
وفي الموضوع ذاته، غرّد الناطق بإسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع عبر تويتر، قائلاً: " إقدام الاحتلال على تنفيذ خطة بناء بمدينة اللد يمثل خطراً حقيقياً على وجود أبناء شعبنا هناك ويهدف لتهجيرهم من جديد وطردهم من المدينة وجلب صهاينة إليها وهذا السلوك العدواني والإجراءات التهويدية في القدس واللد يستدعي تعزيز صمود شعبنا وتثبيتهم في تمسكهم بأرضهم لمواجهة مخططات العدو".
فلسطينيون الداخل جزء لا يتجزأ
وفي مقابلة أجرتها مراسلة "نبأ" مع أحد مواطني مدينة اللد، حدثنا عن التماسك الفلسطيني لدى مواطني الداخل المحتل، قائلاً: فلسطينو الداخل جزءً لا يتجزأ من فلسطين والقضية الفلسطينية، مثلنا كمثل الضفة الغربية وقطاع غزة، نحن الذين بقينا إلى اليوم صامدين مرابطين في أرضنا ونحن على قدر من المسؤولية، وسنواجه خطر خطة البناء وننتزع حقنا في البقاء ولن نقبل التهجر كما حدث مع أجدادنا سابقاً.
وأشار إلى أنهم رغم تمسكهم بأرضهم إلا أنهم يعانون يومياً من التمييز العنصري من قبل حكومة الاحتلال واعوانها، مشيراً إلى أنهم يحاولون أن ينسبوا المواطن العربي للثقافة والهوية اليهودية.
ونوه في كلامه إلى ضرورة معرفة أن الخناق أيضاً يزداد عليهم، وبالتحديد بعد أن اظهروا موجة الدفاع الوطنية لهبة القدس وغزة، وهذا ما أدى إلى دفع كبار " إسرائيل" أن يظنوا أنهم يشكلون خطراً عليهم، وأن التمسك بالأرض ما زال موجود في كلِ عرقٍ عربي وبالتحديد في اللد.
مناشدة قومية
وناشد مواطنُ آخر كامل الأقطار العربية للوقوف صفاً واحداً أمام هذا المشروع الذي قد يهدد حياة بشرية كاملة في اللد، قائلاً: " أنا كمواطن عربي من اللد من حقي أضل في بلدي وبيتي، إحنا مهددين بالتهجير القسري بأي لحظة، وأنا بناشد من وكالة نبأ للعالم العربي يسلطوا كامل تواجدهم الإلكتروني بالتحديد على مدينة اللد وعلينا"
وناشد هذا المواطن باستخدام ذريعة السوشل ميديا ظناً منه أنها تقلب الموازين، فقد ساهمت السوشل ميديا سابقاً كشف كامل جرائم المحتل والتي تراجع عن بعضها تخوفاً من الصورة العالمية.