نبأ - نابلس - شوق منصور
بلباسه ذي الألوان الزاهية، وبأسلوبه المضحك والفكاهة، يرسم الطبيب المهرج مهند الشريف، الابتسامة على وجوه الأطفال المرضى، حلال تجوله في أقسام المستشفيات في محاولة لإدخال البهجة والفرحة وتخفيف آلام المرض.
وعن مبادرته الفريدة من نوعها، يتحدث الطبيب المهرج مهند الشريف لوكالة الصحافة الوطنية "نبأ"، بأن "مهنة الطبيب المهرج هي مهنة عامة، تعنى بالحالة النفسية للطفل المريض، لاسيما الحالات التي تستدعي المكوث في المستشفى لفترة طويلة، حيث يكون الطفل محاطا بأشخاص غير مألوفين له وفي مكان غير معتاد عليه تكون حالته النفسية سيئة، لذا فكرة الطبيب المهرج تسعى لتحسين حالته النفسية".
وأضاف الشريف: "عندما نعمل على تحسين الحالة النفسية للطفل، هذا يساعد على الوصول إلى مراحل متقدمة بالعلاج، ويسرع من علاجه، ويطمئن المرافق الذي يكون معه، لذا أنا أنصح أن تكون فكرة الطبيب المهرج ليس فقط في قسم الأطفال وإنما في كل قسم".
وقال: "نحن لا نقوم فقط بنفخ بلونه، أو نقوم بالرسم على الوجه، بل تقوم بتقديم الدعم النفسي، وجعله يأكل ويشرب الدواء بالوقت المناسب، كما أننا نقوم بتهيئته مثلاُ لعملية معينة، وفي بعض الأحيان ندخل معه إلى العملية ونقوم باعطاه الابره، ونحاول تجعله لا يفكر بأمور سلبية.
وتابع: "لقد درست هذه المهنة كتخصص في الجامعة في الخارج، وتلقيت عدة دورات وورشة عمل وورشات عمل، تعلمنا فيها كيف نجعل الطفل يستجيب لنا، كيف نفهم ماذا يدور في عقله من خلال الايماءات، أيضا تعلمنا كيف نختار لون البالونه ولون الملابس الذي نرتديه".
ويحدثنا الطبيب المهرج عن بعض الحالات التي مره بها خلال عمله ويقول: في حرب غزة عام 2012 ، كان قد جاء طفل إلى مستشفيات الضفة لتلقي العلاج، وكان هذا الطفل داخل في صدمة نتيجة استشهاد عائلته بالكامل ولم يتبقَ أحد غيره، حيث استمر على هذه الحالة 20 يوماً وهو لا يتكلم ولا يعطي ردة فعل، بعد ذلك استدعوني الأطباء".
واستطرد الشريف : "هذا الطفل كان لا يستجيب لأي شخص، وهذا أمر طبيعي لشخص شاهد وفاة عائلته أمام عينه، فعندما ذهبت وشاهدت الطفل لم أكن أتوقع انه سوف يستجيب لي، بدأت الحديث معه وعندما لاحظت أنه يستجيب لي، واستخدمت أسلوب الألعاب والخدع السحرية التي يحرك يها الطفل عقله وجسده، وبعدها سألته هل تريد أن أعلمك يا أحمد؟.. هز برأسه عندما شاهده الأطباء تفاجؤوا وبدأوأ بالتصفيق لأنه لأول مرة يستجيب أحمد لأحد بعد وفاة عائلته".
واسترسل: "من أصعب المواقف التي أثرت بي هي قصة طفلة كانت مصابة بالسرطان وفي كل زيارة لي عندها على المستشفى تخبرني بأحلامها وفي آخر زيارة قالت لي أحلم دائما بأن أرى الكعبة وبعدها بيومين كنت في برنامج إذاعي، واتصلت بي أختها وقالت لي إن وعد قد توفيت، لم أستطع أن اتمالك نفسي ونزل هذا الخبر كالصاعقة علي، فهذه الطفلة كانت هي التي تعطيني الأمل وليس أنا، وشعرت بالحسرة لأنني لم أستطيع أن أحقق لها أحلامها".
وأضاف الشريف: أركز دائما بشكل كبير على الأطفال المصابين بالسرطان وأيضا الأمراض المزمنة كغسيل الكلى ولوكيميا، والصم والبكم، معربا عن أمله في أن تصبح مهنة الطبيب المهرج رسمية ومعتمدة في كل المستشفيات والأقسام فالعلاج النفسي للطفل لا يقل أهمية عن العلاج الجسدي.