عدنان أبو عامر:
كشف أمير بوخبوط الخبير العسكري الإسرائيلي، استنادا لمعلومات حصل عليها من جهاز الموساد، نشرها في موقع ويللا يوم 3 أبريل، أن إيران منذ 2006 فتحت طريق تهريب صواريخ وذخيرة لحماس في غزة عبر اليمن والسودان، على بعد آلاف الكيلومترات من السواحل الإسرائيلية، وقاد هذه العمليات القيادي العسكري في حماس محمود المبحوح، واغتالته إسرائيل في دبي في يناير 2010، دون كشف هوية من أتى بعده في تولي مسئولية عمليات تهريب الأسلحة.
وأضاف أن مسار التهريب البحري يبدأ بمغادرة الأسلحة من إيران إلى اليمن، ثم السودان، ثم تنطلق الشاحنات متوجهة للصحراء في رحلة ألف كيلومتر إلى مصر، حيث يعبر المهربون قناة السويس، وبمساعدة البدو يتم نقل الأسلحة عبر الأنفاق الواقعة تحت قطاع غزة، ويملك المهربون خبرة كبيرة، وينقلون بشكل روتيني الأسلحة من السودان لصالح حماس، وعلى دراية جيدة بالممرات البحرية.
لم تعقب حماس رسمياً على هذا الكشف الإسرائيلي الجديد، لكنها لا تخفي استعدادها لخوض مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وترى أن من حقها مراكمة القوة القتالية، ومن الطبيعي أن أي سلاح جديد تتزود به، خاصة الأسلحة الدقيقة والقاتلة سيكون لها دور كبير وحاسم في المواجهات القادمة مع إسرائيل.
قال القيادي في حماس والمسؤول السابق بجناحها المسلح كتائب عزّ الدين القسّام محمود مرداوي، لـ"المونيتور" إن "حماس معنية بالبحث عن كل مصادر الإمداد العسكري من كل دولة وحركة، وإيران على رأسها، ولا نتوقف عن طرق كل الأبواب للعثور على كل جهة، دون كشف أسمائها، لتزويدنا بالوسائل القتالية، رغم أن إسرائيل ماضية بإجراءاتها لملاحقة قوافل أسلحتنا".
وأضاف أن "الدول العربية والإسلامية مطالبة بأن تتفهم تحركاتنا حين نحاول التزود بالأسلحة، ولا نكتفي بالحصول على الدعم الخارجي: المالي والسياسي، على أهميته، بل نريد دعمنا بالأسلحة، لأنها مصدر القوة في صراعنا ضد إسرائيل، ولن تتردد بالتوجه لأي دولة لتزويدنا بالسلاح والعتاد دون شروط أو مقابل يجعلنا جزء من أي صراع في المنطقة لا يخدم القضية الفلسطينية".
تزامن الكشف الإسرائيلي مع حدثين إقليمين مهمين مرتبطين بتهريب أسلحة حماس، أولهما قرار السودان يوم 6 أبريل بإلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، وتعتبر السودان ممرا أساسياً لتزود حماس بالوسائل القتالية، وثانيهما مهاجمة سفينة استخبارية إيرانية قبالة الشاطئ الغربي لليمن مساء 6 أبريل، بعبوة ناسفة، بالتزامن مع المحادثات الأمريكية الإيرانية، والمرجح أن إسرائيل تقف وراء الهجوم، وهذه المنطقة عند سواحل البحر الأحمر تشكل أحد مسارات وصول الأسلحة من إيران لحماس.
قال خبير الشؤون العسكرية في حماس رامي أبو زبيدة لـ"المونيتور"، ويكتب في الجزيرة، إن "سبب الكشف الإسرائيلي عن طرق حماس البحرية بتهريب الأسلحة يأتي لإثارة الرأي العام الدولي على حماس وإيران، والتضييق عليهما، لكن حماس تسعى بكل جهد لاستحداث وسائل جديدة لجلب السلاح لغزة، دون كشف تفاصيلها، نظرا لحساسة المعلومات الأمنية الخاصة بها، فالحركة تعتمد السرية التامة بهذه القضايا الحساسة".
وأشار أن "حماس تعتمد بتهريب السلاح على الأنفاق والبحر وشبكات المافيا كطرق لجلب العتاد العسكري للقطاع، واستطاعت الالتفاف على المحاولات الإسرائيلية لعدم إيصال السلاح لها، عبر آلاف الكيلومترات براً وبحراً، متخطية القواعد العسكرية والطيران والدوريات البحرية، وسعت ونجحت في الحصول على أنظمة صواريخ روسية مضادة للدبابات "كورنيت" من ليبيا".
من الواضح أن الحديث عن إيصال السلاح إلى حماس في غزة، وطرق تهريبه، سيبقى مثار جدل إسرائيلي وإقليمي ودولي، فغزة محاصرة براً وبحراً وجواً، ولعل ما بحوزة حماس اليوم من معدات قتالية كشفت بعضها في حرب 2014، وأخرى في بعض الاستعراضات والمناورات العسكرية في مدن القطاع، يؤكد أنها نجحت بتهريب إمكانيات قتالية متقدمة.
ائد فرقة غزة بالجيش الإسرائيلي، نمرود ألوني، كشف لموقع ويللا يوم 28 مارس، أن تراجع الدعم المالي الإيراني لحماس بسبب العقوبات الأمريكية، جعل هذا الدعم يتركز بنقل التكنولوجيا العسكرية لمساعدة الحركة بتطوير الأسلحة.
قال رئيس تحرير شبكة الهدهد الإخباريّة للشؤون الإسرائيليّة سعيد بشارات لـ"المونيتور" إن إسرائيل قطعت كل طرق الأراضي لتزود حماس بالأسلحة، وهي مسيطرة اليوم على طرق التهريب، لكن حماس ربما وجدت بديلا عنها، دون كشفه، لأنه من الطبيعي أن يكون لديها طرقا أخرى آمنة في التهريب، تساعدها بتطوير ترسانتها، ورغم أن عمليات التهريب ضعفت مؤخرا، لكنها سرعان ما تعود للانتعاش"
وأضاف أن "حماس لا تعتمد على إيران فقط للتزود بالسلاح، بل تحصل من جهات ودول لا تذكر أسماءها، وتزودها بالخبرات والكوادر العسكرية لتدريب مقاتليها، ربما تنجح إسرائيل في وقف سفينة أو قارب متجه لحماس في غزة، لكن ما يتم تهريبه أكثر بكثير مما يتم إلقاء القبض عليه".
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي في 4 فبراير 2020 إحباط محاولة تهريب أسلحة لقطاع غزة من المنطقة البحرية، شمالي سيناء، من خلال قارب بحري، تمت مطاردته، واعتقلت من فيه، وتبين أن القارب حمل على متنه أسلحة مُعدّة لاستخدام قوات الكوماندوز البحري التابعة لحماس.
وفي 3 يوليو 2019، كشف سلاح الجو الإسرائيلي، أنه هاجم بين نوفمبر 2018 و مارس 2019، عدة شاحنات تحمل أسلحة لدى وصولها سيناء قبل أن تنقلها إلى حماس في قطاع غزة، حملت صواريخ إيرانية، وأسلحة ومواد شديدة الانفجار تستخدم بتصنيع عبوات ناسفة، كانت في طريقها لقطاع غزة بعد نقلها عبر ليبيا من خلال تجار أسلحة لبيعها.
"المونيتور" التقى بأحد تجار الأسلحة في غزة، وهو ليس من حماس، بل يتعامل معها من منطلق تجاري، ويحصل منها على مبالغ مالية، المنخرطين في تهريب الأسلحة للمقاومة بغزة، الذي أكد، مخفياً هويته، أن "السلاح يأتي لسيناء من السودان في طريقه لغزة، عبر طريقين: أولاهما عبر السودان والصومال، ثم إلى مصر؛ حيث يقوم المهربون بنقلها براً لسيناء، ومن هناك يقوم البدو المتخصصون بتهريب الشحنة لغزة عبر الأنفاق، وثانيهما إرسال الحرس الثوري الإيراني للأسلحة عبر قناة السويس، ومنها للبحر المتوسط؛ حيث ترسو السفن الإيرانية قبالة سواحل غزة داخل المياه الإقليمية المصرية؛ وخلال الليل تنقل عناصر الضفادع البشرية التابعة لحماس الأسلحة في حاويات مغلقة.
قال الباحث بمركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي الفلسطيني عماد أبو عوّاد لـ"المونيتور" إن "إسرائيل نجحت بتعاونها مع دول عربية باكتشاف طرق حماس لتهريب الأسلحة، مع أن المسار المتعارف عليه هو: إيران والسودان وسيناء وغزة، لكن اتفاقيات التطبيع أضرت كثيرا بجهود حماس لإيصال السلاح لغزة، مع بقاء طرق أخرى مستخدمة كالأنفاق غير المكتشفة، والممرات البحرية، في ظل التطور الكبير لدى حماس بوجود جهاز مدرب على الغوص والسباحة واختراق أعماق البحار".
وأضاف أنه "لا توجد دول غير إيران تزود حماس بالسلاح، لأنها لا تجرؤ على التورط بذلك، لأنه يجعلها عرضة لعقوبات دولية، لكن الموجود منظمات إقليمية تقدم للحركة السلاح، كأطراف ليبية".