نبأ – القدس
كثيرون ممن يفقدون أحباء لهم وأعزاء على قلوبهم، يتحدثون عن لقاءاتهم بمن فقدوهم خلال ساعات النوم أو في أحلام اليقظة، فماذا يقول العلم بهذا الشأن؟ وهل يحدث ذلك لفئة معينة من الناس أم أن الأمر شائع عالميًا؟
يقول سكوت يانسن، المؤلف الذي عمل في مجال رعاية المحتضرين لسنوات ودرس مثل هذه التجارب أنه "من المنطقي خلال ظهور جائحة أو وقوع حدث آخر يؤدي إلى حالات وفاة جماعية، ستكون هناك زيادة عددية في التقارير والتجارب، نظرًا للحزن والصدمة المشتركة".
وهذه التجارب شائعة للغاية في مجال علم النفس لدرجة أن هناك اسمًا لها "ADC"، أو "تواصل ما بعد الموت".
وتشير الأبحاث، وفقًا لموقع شبكة "سي ان ان" الأمريكية، إلى أن 60 مليون أمريكي على الأقل عاشوا هذه التجارب، وأنها تحدث عبر الثقافات والمعتقدات الدينية والأعراق ومستويات الدخل.
وتحدث العديد عن هذه اللقاءات في حالة بين النوم والاستيقاظ، ولكن تم الإبلاغ عن حالات أخرى من قبل أشخاص كانوا بحالة يقظة.
ويعتقد بيل غوغنهايم، المؤلف المشارك لكتاب "Hello from Heaven" (مرحبًا من الجنة)، الذي يستكشف تجارب التواصل ما بعد الموت، أن هناك غرضًا روحيًا وراء هذه الزيارات.
وكتب غوغنهايم: "إنهم يريدونك أن تعرف أنهم ما زالوا على قيد الحياة، وأنك ستلتقي بهم عندما يحين دورك لتترك حياتك على الأرض"، مضيفاً: "إنهم يريدون أن يؤكدوا لك أنهم سيكونون هناك لمقابلتك والترحيب بك، وربما حتى لمساعدتك، أثناء قيامك بعملية الانتقال الخاصة بك".
لقاء مع العمة الراحلة
"التواصل ما بعد الموت"..ما حقيقة وداع أشخاص لأحباء فقدوهم بسبب كورونا؟
توفي العديد من ضحايا فيروس كورونا وحدهم في المستشفيات، مما حرم أفراد الأسرة من توديعهم
وقد تخدم تجارب التواصل ما بعد الموت بشكل مختلف العالم الذي أنشأته جائحة "كوفيد-19"، لطمأنة الأشخاص الذين لا يمكنهم أن يكونوا إلى جانب أحبائهم لحظة مفارقتهم الحياة.
أما قصة جيمي جاكسون، وهي مديرة مكتب تعيش بالقرب من جيتيسبيرغ، بنسلفانيا ، فتصف اللقاء مع عزيزتها "العمة بات".
وتوفيت عمة جاكسون بنوبة قلبية الصيف الماضي بعد مضاعفات ناجمة من إصابتها بـ"كوفيد-19"، وقالت جاكسون إن عمتها كانت بمثابة الأم بالنسبة لها، بعد أن أمضت فترة الصيف معها ورافقتها إلى المستشفى خلال زياراتها الروتينية.
ولكن عندما أصيبت عمتها بـ"كوفيد-19"، لم تستطع جاكسون زيارتها في المستشفى لتكون إلى جانبها.
وتقول جاكسون: "كان هذا أصعب ما في الأمر، لا يمكنك أن تقول وداعًا ولا يمكنك أن تكون إلى جانب من تحب، وهو أمر صعب لأن لديك شخصًا في المستشفى، وهو خائف ولم يعتد أن يكون وحيدًا".
وبعد سبعة أشهر، قالت جاكسون إن عمتها الراحلة تواصلت معها مرة أخرى.
وكان ذلك في شهر ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، وكانت جاكسون تضع زينة عيد الميلاد في المنزل، وكان عيد الميلاد أحد المناسبات المفضلة لدى عمتها، التي كانت تحب وضع الزينة. وكان صندوق جاكسون مليئًا بالزخارف التي كانت تخص عمتها في السابق.
وتقول جاكسون إنها تركت صندوق الزينة في الردهة، وعندما عادت، رأت هيئة شفافة تحدق بها، هيئة امرأة صغيرة الحجم، لها نفس قصة الشعر، ولونه، ونفس القميص الأبيض، والسراويل الزرقاء التي كانت ترتديها عمتها.
وحينها، تسمرت جاكسون في مكانها وبدأت دقات قلبها تتسارع، ثم هربت إلى غرفة الطعام وشرعت في البكاء. وعندما عادت إلى الردهة، لم تجد المرأة، التي تؤكد جاكسون أنها كانت عمتها.
وتصف جاكسون هذه التجربة قائلة: "لقد كانت تجربة مرهقة، من الصعب أن أصفها بالكلمات لقد تأثرت بها، ومن الواضح أنها [عمتها] موجودة في الجوار وتزورني".
يد باردة على الكتف ونفحة عطر
وبعض اللقاءات ما بعد الموت الخارقة للطبيعة تكون أكثر دراماتيكية، وتقول إحدى النساء إن شخص عزيز عليها توفي من مضاعفات "كوفيد-19" قد لمسها حرفياً.
وتحكي ماري بينا أن والدتها، إينيز، البالغة من العمر 79 عامًا، كانت على وشك الخروج من المستشفى في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، عندما وقع تفشي لفيروس كوفيد في جناحها، وظهرت نتيجة فحصها إيجابية، وتم عزلها.
وعادت إينيز والدة إينيز إلى المنزل في الشهر التالي، ولكنها فقدت قوتها. وبعد حوالي أربعة أشهر من تشخيصها بمرض "كوفيد-19"، توفيت إينيز.
وصباح يوم وفاة والدتها، تقول بينا إنها بينما كانت تمد يدها لتحضر نعالها في غرفة نومها، شعرت بيد باردة على كتفها. واستدارت ورأت والدتها جالسة بجانبها، تحدق إلى الأمام مباشرة دون أي تعبير. وبدت أصغر بعشرين سنة، وتضيف بينا: "كانت لمستها باردة، وكأنها أتت للتو من الخارج".
ولم يمض وقت طويل بعد ذلك الصباح، عندما كانت بينا تصنع حساء السبانخ، أحد الأطباق المفضلة لدى والدتها، عندما تمكنت فجأة من شم العطر الخاص بوالدتها.
وتقول بينا: "كانت الرائحة طاغية، وقفت أنا وزوجي في المطبخ بذهول أثناء طهي الحساء. وكان بإمكان كلينا شم رائحتها. واستمر ذلك لمدة خمس دقائق تقريبًا قبل أن تتبخر الرائحة".
مشاهدة استثنائية للطيور وصراخ في الليل
يمكن أن تكون الرسائل من الأحباء المتوفين مطمئنة ولكنها قد تكون مقلقة أيضًا.
وأفاد هورن، مقدم البرامج الإذاعية، عن لقاءات أخرى مع زوجته الراحلة بعد الموت.
وبعد فترة وجيزة من وفاتها، كان جالسًا في فناء منزله الخلفي عندما حط طائر الكاردينال على فرع شجرة أمامه. وغالبًا ما يظهر هذا النوع من الطيور، وفقًا للفولكلور، عندما يكون الأحباء في مكان قريب.
وصُدم هورن من مشاهدة الطائر، إذ قال إن هذا النوع لا يظهر عادة في كانساس خلال فصل الخريف.
ويقول هورن إن لحظات مرّت عندما سمع بوضوح صوت ميشيل تناديه في الليل قائلة: "إيان، استيقظ!"
ويصف هذه التجارب قائلاً: "يبدو الأمر كما لو أنها معي في الغرفة، وهي كافية لإيقاظي من نوم عميق"، وأضاف: "أطلقوا عليه هلوسة سمعية أو ما شئتم، ولكنني بالتأكيد أسمعه".