نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

خلق حزام استيطاني حول البلدة القديمة وعزلها عن التتابع السكاني الفلسطيني

إلى ماذا يهدف مخطط "التطهير العرقي" الجاري في "الشيخ جراح"

الشيخ جراح.jpg

نبأ-القدس:

يستهدف مخطط التطهير العرقي الجاري في الشيخ جراح إخلاء 550 فلسطينيا في إطار "تطهير" الحي من سكانه العرب، تم إخلاء 50 منهم حتى الآن، وهدم بيوتهم وبناء 200 وحدة استيطانية جديدة مكانها في إطار تعزيز السيطرة الإسرائيلية على "الحوض التاريخي" المحيط بالبلدة القديمة والذي يمتد من الشيخ جراح شمالا، جبل الزيتون شرقا وسلوان جنوبا بهدف خلق حزام استيطاني حول البلدة القديمة وعزلها عن التتابع السكاني الفلسطيني لإحباط محاولة تقسيم المدينة في إطار "حل الدولتين".

في تلخيصه للإسقاطات المركزية لسياسات إسرائيل في القدس يشير مخطط المدن، بروفيسور يوسف جبارين، في كتابه "التخطيط الإسرائيلي في القدس – إستراتيجيات السيطرة والهيمنة"، إلى مجموعة نتائج كارثية ألحقت بعاصمة فلسطين التاريخية، بينها تدمير شامل لـ38 بلدة فلسطينية غربي مدينة القدس سنة 1948، وتهجير القدس الجديدة والمسماة اليوم "القدس الغربية" والسيطرة على الأحياء والإرث المعماري الفلسطيني الحديث والمميز، ومصادرة نحو 64% من الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة منذ 1967 وتجريم أكثر من 80% من الفلسطينيين وفق قانون التخطيط الإسرائيلي، حيث يوجد في القدس، 44,000 منزل فلسطيني غير معترف به وفق القانون الإسرائيلي.

ويلفت الكتاب إلى أن "إسرائيل" نجحت في تحويل شرقي القدس إلى مدينة "ثنائية القومية" من الناحية السكانية، ونجحت بشكل كبير في خلق واقع ديمغرافي جديد في القدس الشرقية منذ 1967 حيث تصل نسبة اليهود فيها، اليوم، إلى 43% مقابل 57% من الفلسطينيين، وحولت القدس الشرقية إلى كانتونات منفصلة ومبعثرة ومساكن فقر.

حول قضية الشيخ جراح وسلوان والمخططات الإسرائيلية قال الباحث المقدسي في مجال التخطيط والخرائط خليل التفكجي في حوار مع موقع عرب48، إن هذا المشروع وضع عام 1973 في عهد جولدا مئير، عندما تشكلت "لجنة جفني" التي حملت اسم أمنون جفني الذي كان يشغل منصب محافظ بنك "إسرائيل"، وهدف إلى الوصول إلى أغلبية يهودية 73.5% مقابل أقلية فلسطينية 22.5% وتضمن مجموعة كبيرة من القوانين والإجراءات مثل قانون المصادرة بادعاء المصلحة العامة وقانون التنظيم والبناء واستخدام قانون أملاك الغائبين لاستملاك أملاك يدعى أنها يهودية، كما رصدت له الأموال والميزانيات الكبيرة.

وفي عام 1990 وضع شارون الذي كان في حينه وزيرًا للإسكان مشروعا أطلق عليه "26 بوابة حول مدينة القدس"، وأراد من خلاله سد الفجوات القائمة في سياسة الاستيطان في القدس وإقامة بؤر استيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية حتى لا يتم تقسيم هذه المدينة مرة أخرى.

واستقر الرأي الأمني والسياسي الإسرائيلي على اتباع ثلاثة طرق رئيسية في العملية الاستيطانية في القدس، تطويق الأحياء الفلسطينية بالمستوطنات ثم اختراق هذه الأحياء بإقامة البؤر الاستيطانية داخلها، وقد شكل شارون نفسه نموذجا عندما استولى على أحد البيوت في البلدة القديمة، ولاحقا القيام بعملية تشتيت لهذه الأحياء بحيث تصبح فسيفساء في داخل أحياء يهودية.

هذه الخطة بدأت في قرية بيت صفافا، واليوم عندما تذهب إلى بيت صفافا لا تجد قرية فقد تم تطويقها بالمستوطنات وتقطيعها بالشوارع واختراقها بالبؤر الاستيطانية من الداخل.

وحول سؤال لماذا "الشيخ جراح" أجاب: "لأن الشيخ جراح كما هو معروف تاريخيا يعتبر أحد الأحياء الفلسطينية الراقية في المدينة، ناهيك عن قربه من الخط الأخضر ومن المنطقة التي كانت في الفترة الأردنية مستثناة من التسوية أو تدار من قبل حارس أملاك العدو، وإلى الغرب منها هناك مشروع آخر يطلق عليه "كوبانية أم هارون" أو "نحلات شيمعون".

وأضاف أن المنطقة التي يحاولون إخلاء البيوت فيها اليوم تدعى "صديق شمعون"، أنا أتحدث عن "نحلات شمعون" الواقعة على الجهة الأخرى وهي قريبة من منطقة "كرم المفتي" الذي تمت مصادرته في 1968 ويلتقي مع الجامعة العبرية أو جبل المشارف "سكوبس" والذي يعتبر أراضي إسرائيلية كانت داخل الحدود الأردنية.

هذه المنطقة في الشيخ جراح المسماة "كوبانية أم هارون" أو "نحلات شمعون" حيث يقع البيت الذي رفع عليه المستشار الأسبق للحكومة الإسرائيلية ميخائيل بن يائير لاسترجاعه من الجمعية الاستيطانية، لم يفتح ملفها بعد، المنطقة المتنازع عليها اليوم هي كرم الجاعونة أو "صديق شمعون".

وأنا أقول لك إنني ذهبت شخصيا إلى تركيا ورأيت الوثيقة التي يتحدثون عنها، واستطيع القول إنه لا يوجد صديق شمعون ولا غيره، الأردن سجل الارض باسم "حارس أملاك العدو" وابن طوسيا كوهين اعترف بها أملاك يهودية، في حين أن أرض الوقف هي للمعو والسعدي وهم عرب أجّروها لليهود وكان المستأجرون اليهود يدفعون أجرة سنويا للوقف، ما يسمى بـ"رقبة الأرض" فجاءت الحكومة الأردنية سجلتها بعد الـ48 باسم "حارس أملاك العدو".

ولكن بغض النظر فنحن نعرف أن كلها ذرائع لتنفيذ مخططهم وأنهم يسعون إلى ربط هذه المنطقة، الجامعة العبرية، وكرم المفتي والشيخ جراح، كرم الجاعونة- نحلات شمعون ووصلها مع شارع رقم 1 المؤدي إلى القدس الغربية، مما يعني تقطيع منطقة الشيخ جراح إلى قسمين جنوبي وشمالي.

القسم الشمالي هو المقامة فيه اليوم البعثات الأوروبية وكانت في السابق بعثات عربية أيضا مثل قنصلية السعودية التي تحولت إلى مركز شرطة والقنصلية المصرية التي تحول مقرها إلى المركز الفرنسي والقنصلية العراقية واللبنانية وغيرها.

هي عملية تقطيع لهذه المنطقة وتطويقها بالمستوطنات، من الناحية الغربية لديك شارع رقم 1 ومركز "حرس الحدود"، من الناحية الشرقية الجامعة العبرية، ومن الناحية الشمالية التلة الفرنسية، بقيت الناحية الجنوبية التي يقع فيها هذا الحي ولذلك وجب التعامل معه.

وأردف أن سلوان تقع ضمن ما يسمونه بالحوض التاريخي، حيث يدعون أن هناك تقع مدينة داوود التي كانت قائمة قبل ثلاثة آلاف عام على حد زعمهم، في حين أن المخطط هو تفتيت وطرد السكان التي بدأت في رأس العامود بإقامة "جفعات هزيتيم" نزولا إلى منطقة بطن الهوى في قلب سلوان لينتقلوا إلى وادي حلوة وصولا إلى الحي اليهودي، عبر ممارسة عملية تطهير عرقي واقتلاع وإحلال كما يفعلون في الشيخ جراح، عبر عملية سيطرة على البيوت الفلسطينية بذرائع مختلفة لتنفيذ مخططهم الاستيطاني في ضرب طوق استيطاني حول البلدة القديمة.

وأوضح التفكجي أن التخطيط المستقبلي يطمح للعودة إلى حدود ما يعرف ببلدية القدس الأردنية التي تبلغ مساحتها 6.5 كم مربع، لأنهم فشلوا في المباراة الديمغرافية على مساحة القدس الكبرى، وباتت العديد من الأصوات الإسرائيلية تطالب بالتخلي عن الكثير من القرى والأحياء التي ضمت للقدس لدى ضمها لـ"إسرائيل".

فهناك مخطط رامون وخطة هرتسوغ وحتى نتنياهو قال إننا لسنا بحاجة لـ200 ألف فلسطيني في القدس، بينما تحدث ليبرمان بسخرية عما يربطه بصور باهر وأم طوبا، هذا في حين يقع اليوم 150 ألف مقدسي خارج السور العازل ولا تقدم لهم خدمات من بلدية القدس.

كما أنه يمكنك أن تلاحظ اللافتة الحمراء الكبيرة الموجودة على مدخل قلنديا وكتب عليها "أنت تدخل مناطق السلطة الفلسطينية وأي مواطن يخالف يعاقب".

وهذه المناطق بحب التفكجي، تدفع ضريبة المسقفات لبلدية الاحتلال دون أن تحظى بأي خدمات، وقد أصبحت مناطق رمادية لا تخضع للسيطرة الفلسطينية ولا للإسرائيلية، إلا أن المخطط يشمل قرى وأحياء أخرى أيضا ويهدف إلى التقليل إلى الحد الأدنى من نسبة الفلسطينيين.

وهناك اقتراحات لإقامة مجالس خاصة لهذه المناطق وإبقاء الهوية الزرقاء بحوزتهم دون امتيازات، على غرار الفلسطينيين سكان الضفة الذين يسكنون في الأردن ويحملون هويات صفراء، وهم يتمتعون بحق الدخول والخروج ولكن دون امتيازات مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي.

وقال "لقد بات اليوم 87% من القدس الشرقية تحت السيطرة الإسرائيلية ونجحوا في تغيير المشهد بشكل كبير، وهم يسعون إلى أن لا يشعر الإنسان بأنه ينتقل من مكان إلى مكان عندما ينتقل بين الأحياء الشرقية والغربية للمدينة.

كما أنهم بدأوا في عملية تطوير في باب الخليل بحيث تنتقل من غربي القدس إلى الحي اليهودي دون أن تشعر أنك انتقلت إلى مكان آخر، كذلك لديهم المشروع الأكبر "القدس 2050" الذي يمتد من تل أبيب إلى الغور ويشمل أنفاق وجسور، تساعد في تجاوز وإخفاء المشهد الفلسطيني.

20210612080849.jpg
20210612080803.jpg
20210612080634.jpg
 

وكالة الصحافة الوطنية