كشف تقرير إخباري إسرائيلي عن اعتراف مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتلقي تحديث بشأن التطورات الأمنية على الحدود الجنوبية مع قطاع غزة خلال ليلة هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو الأمر الذي أثار انتقادات حادة بشأن تعامل الحكومة مع المعلومات الاستخبارية قبل الهجوم.
وفي ذلك التاريخ، هاجمت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة عبر عملية "طوفان الأقصى"، 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة بمحاذاة القطاع بُغية إنهاء الحصار الجائر على غزة (الذي استمر 18 عامًا) وإفشال مخططات إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية وفرض سيادتها على المسجد الأقصى.
"لم يوقظوا نتنياهو أو غالانت"
وجاء في التقرير الذي بثته القناة 12 الإسرائيلية أن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وجَّه اتهامًا إلى ضابط الاستخبارات في مكتب رئيس الوزراء، مشيرًا إلى أنه كان على علم بالتطورات ليلة الهجوم لكنه لم يبلغ نتنياهو بها.
في المقابل، أقر ضابط الاستخبارات بأنه أرسل تحديثًا إلى السكرتير العسكري لرئيس الوزراء خلال الليل، لكن القرار اتُّخذ بعدم إيقاظ نتنياهو لأن الحدث لم يُعَد طارئًا في ذلك الوقت.
وأفاد تقرير القناة 12 بأن مكتب نتنياهو “أكد تسلُّم التحديث الأمني خلال منتصف الليل، وليس بعد الساعة 6:00 صباحًا بالتوقيت المحلي كما كان يُعتقد سابقًا”.
وأوضحت التحقيقات أن تقريرًا استخباريًّا أُرسل إلى “منتدى السبعة”، وهو مجموعة من كبار مسؤولي الاستخبارات في إسرائيل، لكن لم يتم توجيهه إلى وزير الدفاع آنذاك يوآف غالانت، بسبب عدم القدرة على إيقاظه من النوم أيضًا.
وفي الساعة 3:30 صباحًا بالتوقيت المحلي من 7 أكتوبر “وقع جدل بشأن إرسال وثيقة حساسة تحتوي على مؤشرات استثنائية للوضع في قطاع غزة إلى مجموعة من 7 ضباط استخبارات كبار في إسرائيل، إلا أن الوثيقة أُرسلت إلى 6 فقط، ولم تصل إلى الضابط السابع”، حسب المصدر ذاته.
في الوقت نفسه، لم يتمكن مكتب وزير الدفاع من إيقاظ الوزير غالانت، مما أدى إلى عدم تلقيه تحديثًا بشأن التطورات.
وأفاد التقرير الإخباري بأن “ضابط الاستخبارات في مكتب رئيس الوزراء نتنياهو، وهو برتبة عقيد، تلقى معلومات بشأن التحركات غير العادية لحركة حماس في غزة، إلا أنه قرر تأجيل النقاش بشأنها حتى صباح اليوم التالي”.
بدوره، أوضح العميد موشي شنايد المحقق العسكري في الجيش الإسرائيلي أنه “لم يتم فحص ما حدث في تلك الليلة بدقة”، مشيرًا إلى أن “التحقيق كان يهدف إلى تجنب التدخل في المستوى السياسي”.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الأركان هاليفي “لم نكشف هذه المعلومات لوسائل الإعلام، رغم أنها كانت ستدعم موقفنا في مواجهة الانتقادات. نحن نتصرف بمسؤولية وحذر، ومن المؤسف أننا لا نتلقى المعاملة بالمثل”.
وأضاف “لو كان ضابط الاستخبارات في مكتب رئيس الوزراء شخصًا صادقًا، لكان قد أبلغ نتنياهو عن معرفته بالتحركات قبل الهجوم، لكنه لم يفعل ذلك”.
في المقابل، أوضح مكتب نتنياهو أنه “من المؤسف أن يختار رئيس الأركان هاليفي مهاجمة ضابط ذي أخلاق ومصداقية علنًا بدلًا من تحمُّل مسؤولية فشل 7 أكتوبر”.
وأشار بيان صادر عن مكتب نتنياهو إلى أن “التقرير الذي تلقاه الضابط الاستخباري تضمَّن إشارات إلى وجود تحركات غير معتادة لحماس، لكنه لم يشر إلى وجود تهديد فوري، ولذلك تم اتخاذ قرار بعدم إيقاظ نتنياهو”.
وأضاف البيان أن “السكرتير العسكري لرئيس الوزراء لم يبلغ نتنياهو بالتطورات إلا عند بدء الهجوم فعليًّا في الساعة 6:29 صباحًا بالتوقيت المحلي يوم السبت”، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن مدى استعداد الحكومة الإسرائيلية لمواجهة الخطر قبل حدوثه.
وأكد مكتب نتنياهو أن “ضابط الاستخبارات لم يتم استجوابه ضمن تحقيقات الجيش الإسرائيلي، ولم يُطلب منه تقديم شهادته أو عرض نتائج التحقيقات، رغم طلبه ذلك”.
وتابع “من المؤسف أن يحاول رئيس الأركان إلقاء مسؤولية فشل 7 أكتوبر على مرؤوسيه من خلال مهاجمة ضابط استخبارات علنًا”.
ماذا لو دخل حزب الله الحرب؟
وفي سياق متصل، كشف التقرير عن مخاوف إسرائيلية من هجوم متزامن آنذاك من قِبل حزب الله في الشمال، إذ قال رئيس الأركان إنه لو هاجم حزب الله في ذلك الوقت “لكانت قواته وصلت إلى حيفا”، في إشارة إلى حجم التهديد الذي كانت تواجهه إسرائيل في ذلك اليوم.
ويأتي هذا الكشف وسط تصاعد الجدل بشأن كيفية تعامل القيادة الإسرائيلية مع التحذيرات الاستخبارية السابقة، وما إذا كان يمكن تجنب بعض الخسائر لو تم التعامل مع المعلومات الواردة بطريقة مختلفة.
جيش الاحتلال يقر بإخفاقات “جسيمة” في 7 أكتوبر
والخميس الماضي، أقر جيش الاحتلال في نتائج تحقيقاته المعلنة بوجود إخفاقات جسيمة في توقع هجوم 7 أكتوبر والتصدي له، بما شمل نجاح حماس في إخضاع فرقة غزة التابعة له لساعات.
وذكرت إذاعة الجيش أن التحقيقات خلصت إلى أن “الجيش لم يكن مستعدًّا لهذا الهجوم، إذ فوجئ بعدد المقاتلين الفلسطينيين الذين تمكنوا من اختراق المستوطنات والقواعد العسكرية المحاذية لغزة”.
كما أظهرت التحقيقات أن الجيش فوجئ بسرعة المقاتلين الفلسطينيين وتخطيطهم الجيد للهجوم الذي تجاوز توقعاته بالكامل.
وقال دورون قادوش، المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن “الجيش أقر في نتائج تحقيقاته بأنه لم يأخذ في اعتباره سيناريو هجوم مفاجئ واسع النطاق على غرار ما حدث في 7 أكتوبر”.
وأكد قادوش أن “احتمال وقوع مثل هذا الهجوم لم يؤخذ على محمل الجد، بل لم يتم النظر فيه إطلاقًا، وهو ما جعل الجيش غير مستعد لمواجهته”.
وأضاف أن “مقاتلي حماس نجحوا في السيطرة بالكامل على فرقة غزة التابعة للجيش الإسرائيلي لساعات، وتحديدًا بين الساعة 6:30 صباحًا و12:30 ظهرًا بالتوقيت المحلي”، وفق نتائج التحقيق.
وخلال تلك الفترة، لم يكن لدى جيش الاحتلال أي سيطرة على المنطقة المحاذية لغزة، إذ استغرق الأمر نحو 10 ساعات لاستعادة السيطرة العملياتية على المنطقة، التي فرضت حماس سيطرة فعلية عليها.
ووفق إذاعة الجيش ، كشفت نتائج التحقيق عن “اعتماد الجيش على مفاهيم خاطئة انهارت بالكامل، أبرزها أن غزة تمثل تهديدًا ثانويًّا ولا تتطلب اهتمامًا عسكريًّا كبيرًا، وأن حماس مردوعة وتسعى للحفاظ على التهدئة والمكاسب المدنية”.