كشف الجرّاح البريطاني نظام محمود، المتخصص في زراعة الأعضاء، عن جانب من الأوضاع الكارثية التي شهدها خلال عمله التطوعي في مستشفى ناصر جنوبي قطاع غزة، ضمن فريق الإغاثة الطبية للفلسطينيين (MAP)، مشيرا إلى أن القطاع قد يحتاج بين 10 سنوات و15 سنة لتعويض شهداء القطاع الطبي الذين لقوا حتفهم خلال العدوان الإسرائيلي.
وفي حواره للجزيرة مباشر صرّح محمود، الذي عمل بمجمع ناصر الطبي في خان يونس، أن القطاع الصحي في غزة يفتقد المعدات جميعها والمستلزمات الطبية، كما يفتقر إلى الكوادر الطبية المدرّبة.
وأوضح محمود أن العديد من الاختصاصيين المدربين “إما كانوا قد غادرا القطاع أو قتلوا أو تعرضوا للاعتقال” على يد الجيش الإسرائيلي.
قتل الكوادر واعتقالها
وتابع قائلًا “هناك نقص في الكوادر في مختلف أقسام المستشفيات، وحتى الكوادر الموجودة لا يمتلك كثيرون منهم الخبرة لأن الكوادر التي تتمتع بالخبرة قد ذهبت” إما بالقتل أو الاعتقال.
وأكد محمود أن المهم الآن، بالإضافة إلى تقديم المساعدة الطبية، هو “صمود وقف إطلاق النار، لأن -العاملين في القطاع الطبي- لا يمكنهم فعل شيء إذا كانوا تحت القصف”.
مدى زمني كبير لاستعادة الخدمة الصحية
وتابع “كي يمكن استعادة الخدمة الصحية سيكون هذا في غاية الصعوبة وسوف يستغرق العديد من السنوات، لأن الأمر يحتاج ما بين 10 أعوام و15 عامًا لتدريب المختص بعد الدراسة في كلية الطب”.
وفيما يتعلق بما له أولوية حاليًا في القطاع الطبي بقطاع غزة، أوضح محمود أنه “لا توجد أولوية معينة، فما نقوله ينطبق على مجمل نظام الرعاية الصحية، سواء كان يتعامل مع الأمراض المعدية أو مشكلات الأوعية الدموية، أو أنواع السرطان، فكل جوانب نظام الرعاية الصحية متدهورة، ولهذا فإنها جميعا تحتاج إلى الدعم”.
وأوضح نظام أن حجم القصف الإسرائيلي، أثناء وجوده في قطاع غزة كان غير مسبوق، رغم اعتياده على العمل في مناطق الصراعات، وأضاف “لقد بدأت بالعمل تقريبًا في نفس اليوم الذي وصلت فيه إلى المستشفى، لم يكن هناك فرصة للانتظار، وهذا أمر معروف، فإذا كنت قد عملت في مناطق الصراع، فإنك تعتاد بدرجة ما على سماع أصوات القنابل من حولك”.
واستدرك “لكنني أعتقد أن الأمر مختلف في غزة، وهو أن القنابل كانت ضخمة للغاية، وأنها كانت تُسمع ليل نهار، وغالبًا ما كان يحدث هذا قريبًا جدًا منا ونحن نعمل، ولهذا فإن كثافة التفجيرات ومداها كان أكبر بكثير مما اعتاده الكثير من الناس”.
دور بريطانيا في العدوان على غزة
وكان محمود قد نشر مقالًا في صحيفة “الغارديان” البريطانية مطلع الشهر الجاري أدان فيه “دور بريطانيا في الجحيم الذي يعاني منه الأطفال قطاع غزة”، وقال إنه “يشعر بالعار” بسبب الدور الذي تلعبه بلاده في دعم الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وقال محمود في المقال “الإبادة الجماعية في غزة تمثّل اختبارًا جوهريًا للشجاعة الأخلاقية للقادة في القرن الحادي والعشرين، وحتى الآن فقد فشل قادتنا في هذا”.
وأضاف “ربما توقّف القصف الآن، لكن محاسبة الذين ارتكبوا الجرائم، هي ضرورة لا تقل أهمية عن ذلك”.