رام الله – نبأ:
شكلت عملية إطلاق النار التي وقعت مساء الثلاثاء، في محطة وقود بشارع رقم 60 قرب مستوطنة "عيلي" بين مدينتي رام الله ونابلس، مفاجئةً كبيرةً لأجهزة أمن الاحتلال، سواء في عدم وجود معلومات أمنية مسبقة عن احتمالية تنفيذها، وحتّى في موقعها، ونتائجها.
وتحيط بمحطة الوقود التي وقعت فيها العملية، خمس مستوطنات ابرزها (شيلو، جفعات هرؤاه، عيلي، ليفونه)، وعدة بؤر استيطانية أخرى، ومعسكر للجيش، ناهيك عن كاميرات المراقبة التي تنتشر على طول الطريق، والتواجد الدائم لجيش الاحتلال دائم المنطقة، ما يدلل على نجاح المنفذين في اختراق وتجاوز الإجراءات الأمنية، وتنفيذ عمليتهما بنجاح.
وجاءت العملية بعد يوم من وقوع آليات عسكرية اسرائيلية في كمين محكم نصبته المقاومة الفلسطينية في جنين الإثنين، ما ادى لإصابة 7 جنود بجروحٍ متفاوتة الخطورة، وإعطاء عدد من الآليات، جراء تفجير عدد كبير من العبوات الناسفة التي زرعها المقاومون.
ونفّذ القساميان مهند فالح شحادة و وخالد مصطفى صباح، وكلاهما من قرية عوريف جنوب نابلس، عملية إطلاق نار في محطة الوقود قرب مستوطنة "عيلي"، وقتلا أربعة مستوطنين وأصابا 4 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة.
واستشهد المنفذ الأول للعملية مهند شحادة في المحطة، فيما تمكن المنفذ الثاني من الانسحاب من المكان، قبل أن تتمكن قوة إسرائيلية خاصة من مطاردته واغتياله في مدينة طوباس.
وأفادت مصادر بالعثور على مركبة استخدمها المنفذ الثاني الشهيد خالد صباح في الانسحاب من موقع العملية، قرب حاجز "بجعوت" شمال غور الأردن.
وأكد المتحدث باسم جيش الاحتلال أنّه لم يكن لدى أجهزة الأمن معلومات استخبارية تفيد بتخطيط عنصري حماس لتنفيذ العملية.
واعتبر مراقبون أن ما يميز هذه العملية، هو الجرأة التكتيكيّة والميدانية التي امتاز بها المنفذان، خاصة وأن مستوطنة "عيلي" تقع في منتصف الطريق بين نابلس ورام الله، وهذا يعني ان المنفذين كان لديهما الكثير من التخطيط والتحضير للعملية.
وقال المحلل السياسي أيمن يوسف، إن فشل أجهزة أمن الاحتلال في اكتشاف هذه "الخلايا النائمة" كان من مخرجاته مثل هذه العمليات بنتائجها الصعبة على الاحتلال، مشيراً إلى أن حركة حماس نفذت خلال الفترة الأخيرة عدة عمليات إطلاق نار نجح منفذوها في قتل وإصابة عدد من المستوطنين والجنود.
بينما قال رئيس المركز الفلسطيني للبحوث محمد المصري، إن العملية اتسمت بالشجاعة العالية لمنفذيها، خاصةً وأنّهما استهدفا المستوطنين في العملية بالرصاص في الأجزاء العلوية من أجسادهم، مبيناً أن الاحتلال لم يتوقع هذه الجرأة الفلسطينية.
من ناحيته، قال المختص بالشأن الإسرائيليّ عادل شديد، إن العملية بالنسبة للاحتلال صعبة جداً، وخاصةً أنها وقعت في مستوطنة "عيلي" التي هي معقل المستوطنين أتباع حزب "الصهيونية الدينية"، الذي يتزعمه وزير المالية في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش.
وحذّر من احتمالية حدوث ردود عنيفة من جانب المستوطنين، بعد العملية، قائلاً إن مستوطني "عيلي" متعطشين لعمليات هجومية ضد الفلسطينيين، معتبراً أن حكومة الاحتلال أوصلتَ الأمور إلى ما هي عليه الآن في الضفة الغربية.
ونعت حركة "حماس"، الشهيدين خالد صباح، ومهند شحادة، من سكان بلدة عوريف في نابلس، واللذين نفذا عملية إطلاق النار قرب مستوطنة، وقالت إن الشهيدين من عناصر كتائب القسام.
وباركت "حماس" العملية ووصفتها بالبطولية، وحذرت حكومة الاحتلال من أن هذه العملية ستكون بداية لسلسلة من عمليات المقاومة في حال إصرارها على مواصلة إجرامها بحق شعبنا ومقدساتنا.
واعتبرت الحركة على لسان الناطق باسمها حازم قاسم أن هذه العملية جاءت ردًّا طبيعيًّا على مجزرة جنين أمس، وعلى مخططات الاحتلال الخبيثة لتقسيم المسجد الأقصى المبارك واستكمال حلقات تهويده.
وأمر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، مساء اليوم، بتكثيف عمليات قواته في الضفة الغربية في أعقاب العملية.
وبحسب متحدث عسكري إسرائيلي، فإن هاليفي أوعز بتكثيف عمليات الاعتقال حسب الحاجة في مناطق الضفة، إلى جانب تعزيز القوات العسكرية خاصة في مناطق شمال الضفة الغربية.
يأتي ذلك بينما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اليوم، إن "كل الخيارات مفتوحة" وذلك في تعليقه على العملية التي وصفها بالصعبة.
من جانبه، وصل وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إلى موقع العملية وطالب بشن عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية المحتلة، تشمل اغتيالات من الجو، كما دعا المستوطنين إلى حمل السلاح لمواجهة الفلسطينيين.