نبأ - رام الله - رنيم علوي
بوساطة أمريكية، توصلت السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي لما يسمى بـ"صفقة سياسية" تهدف لخفض التصعيد في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، حققت من خلالها "إسرائيل" مكاسب أمنية وسياسية هامة مقابل مكاسب اقتصادية للسلطة.
وتنص التفاهمات بين حكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية على امتناع السلطة عن التوجه لمجلس الأمن لإدانة الاستيطان مقابل "تسهيلات" إسرائيلية.
ومن بين التسهيلات تخفيض الضريبة على الوقود للضفة الغربية بنسبة 50%، ومنح السلطة نصف عائدات رسوم معبر الكرامة، وتسهيلات جمركية، وعقد لقاءات دورية مع مسئوليها فيما يتعلق بالأوضاع في المسجد الأقصى، والقيام بخطوات لتخفيف التوتر.
ومقابل امتناع السلطة عن التوجه لمجلس الأمن، ستمتنع "إسرائيل" مؤقتاً عن المصادقة على شرعنة المزيد من البؤر الاستيطانية عدا البؤر التسع التي جرى شرعنتها مؤخراً.
ووجود 183 مستوطنة في الضفة الغربية، و179 بؤرة استيطانية و750 ألف مستوطن، هذه الأعداد من الممكن أن تُشكل وسيلة؛ للضغط على " إسرائيل" من خلال التفاهمات التي حَدثت؛ بِشرط معرفة الجهة المراقبة للاحتلال لِعدم تمدده الاستيطاني، في الوقت الذي يَحظر فيه دخول مجالس منظمات حقوق الإنسان للأراضي الفلسطينية. بِحسب قول "مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسّان دغلس".
وأضاف دغلس لِـ وكالة " نبأ" أن المقاومة الشعبية على الأرض الفلسطينية هي التي تُظهر الفارق مع الاحتلال الإسرائيلي، مُشيراً إلى أن استمرار التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية يقود إلى قتل الجغرافية الفلسطينية، وتفتت الأراضي التي باتت اليوم تقطع التواصل بين المدن والقرى.
وتابع، أن التمدد الاستيطاني قاد إلى عدم وجود مستقبل بناء فلسطيني داخل الأراضي في كثير من المناطق، بالإضافة إلى إنعدام الحالة الزراعية، وأشار إلى أن استمراره سيقود إلى تحويل المناطق إلى مخيّمات في ظل الزيادة الاستيطانية وقلة التوسع.
واسترسل: " إن استمرار التوسع سيحول الضفة الغربية كَجلد النمر نقاط سوادء خالية من التواصل الجغرافي".
ومن جهته، لا يرى عضو هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود أن تتوقف عمليات الاستيطان الإسرائيلية على الأراضي الضفة الغربية والتي من الممكن أن تؤجل لوقت غير الحالي، وأكد أن ما تسمى بِـ " دولة الاحتلال" مستمرة في دعم المستوطنات ومن فيها جرّاء إقامتهم في المناطق الواقعة داخل خط الضفة الغربية.
وعن مستقبل الضفة الغربية جرّاء التمدد الاستيطاني، قال داود: " إن جحم الإجراءات كَـ المصادرة التي تأتي ضمن مسميات مختلفة من حيث الاستيلاء أو وضع اليد مُباشرة مستمرة، وبالتالي فإن الضفة الغربية في الوقت الحالي تعيش حالة من التعقيد عند الحديث عن مجمل 70% من مجمل المساحة المصنّفة "ج" والخاضعة لسيطرة الاحتلال".
وتابع لِـ وكالة " نبأ"، استمرار الاحتلال بالتوسع الاستيطاني كَـ إقامة البؤر الاستيطانية معناه الحديث عن إنعدام التام للجغرافية الفلسطينية، وبالتالي فجيب مواجهة التمدد والذي يعتمد على أكثر من وسيلة، والتي تبدأ في المواجهة الاستيطانية، ثم دعم صمود المواطنين الفلسطينيين، وتوثيق انتهاكات الاحتلال، وصولاً إلى محاولة صنع جهد دولي حقيقي يقف في وجه إجراءات الاحتلال.
وفي ذات السياق، أدان وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، اليوم الثلاثاء، "قرار مجلس الأمن الدولي حول الاستيطان"، معتبرا إياه "وصمة عار على جبين الأمم المتحدة".
وقال كوهين، إن "البيان الأحادي الجانب لمجلس الأمن، يتجاهل "الإرهاب" الفلسطيني وتحريض وتمويل الإرهابيين وعائلاتهم من قبل السلطة الفلسطينية".
وأضاف أنه "وصمة عار على الأمم المتحدة التي لا تزال منحازة وتقف إلى جانب فريق دون آخر وتعطي الضوء الأخضر بشكل غير مباشر لمنظمات الإرهاب الفلسطينية"، وفق تعبيره.
وأعرب مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الاثنين، عن "القلق العميق والاستياء إزاء إعلان "إسرائيل" في 12 فبراير/ شباط الجاري، عن مزيد من البناء والتوسع في المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وذكر مجلس الأمن، في بيان رسمي تم الاتفاق عليه بالإجماع، "المجلس يكرر التأكيد، أن استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية يهدد بشكل خطير إمكانية حل الدولتين على أساس حدود 1967".
ومن الجدير ذكره، أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، "بنيامين نتنياهو"، أعلن في وقت سابق، أن "إسرائيل" أبلغت الإدارة الأمريكية بأنها لن تصادق على شرعنة بؤر استيطانية عشوائية غير البؤر الاستيطانية التسع التي صادق عليها "الكابينيت" قبل أسبوع".
وأوضح مكتب "نتنياهو"، في بيان له، أن "إسرائيل" أبلغت الولايات المتحدة بأنها لن تقوم في الأشهر الثلاثة القريبة بتسوية مستوطنات جديدة عدا التسع التي جرت المصادقة عليها".
وأكد البيان، أن "إسرائيل لم تلتزم بوقف هدم المباني غير القانونية في المناطق "ج"، في إشارة إلى منازل فلسطينية تدعي "إسرائيل" أنها غير مرخصة.