نبأ – رام الله – رنيم علوي
في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أطلقت أمهات عددٍ من الشهداءِ حملة مستمرة؛ تحت شعار "صرخة أمهات"، تتضمن فعاليات شعبية ووقفات واعتصامات في مختلف المدن الفلسطينية، بالإضافة إلى الفعاليات الشعبية التي تُقام أسبوعياً؛ للضغط على الاحتلال من أجل الإفراج عن الجثامين المحتجزة إما في ثلاجات الاحتلال أو مقابر الأرقام.
وفي هذا السياق، الكتائب الفلسطينية المقاومة، التي باتت تُحرك البوصلة اتجاه الشهداء المحتجزين، ومن بينهم كتيبة " عرين الأسود" التي أصدرت بياناً تُطالب فيه بإعادة جثامين الشهداء الفلسطينيين؛ مؤكدة أنه إن لم يعيدوها فلن يعود المستوطنون إلى بيوتهم آمنين.
فَـكيف ساهم استمرار احتجاز جثامين الشهداء في إبقاء شعلة المقاومة في الضفة ؟
الباحث محمد هلسه، في حديثه لِـوكالة "نبأ" أكد أن الشهداء يتحلون بقيمة عالية في الثقافة العربية، وعلى وجه التحديد في النضال الوطني الفلسطيني؛ بالإضافة إلى المكانة الدينية، وبالتالي فإن الشُهداء المحتجزة جثامينهم يُشكلون الجرح المفتوح في ظل عدم دفن الشهيد.
وأردف هلسه، أن المجتمع الفلسطيني يتعاطف مع أمهات وآباء وحتى زوجات الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال الإسرائيلي؛ وذلك لأن مسار هذا الجثمان لم يصل إلى طريقه النهائي والذي ينتهي بمواراته.
وأشار إلى أن مقاومي الضفة الغربية يعمدون على تخفيف ألم الأهالي ونسيانه بشكلٍ جزئيّ؛ من خلال محاولة مواراة الجثمان إلى مثواه الأخير، وأن احتجاز الجثمان يُساعد على تأجيج المقاومة الشعبية والوطنية مع عوائل الشهداء، وبالتالي هذا يعني استمرار جدوى النضال المسلح في مناطق الضفة الغربية.
ولفت، إلى أن " إسرائيل" تتخذ من جثامين الشهداء الفلسطينيين مسألة للاستفزاز والمقايضة؛ من خلال إعلانها أن احتجاز الجثمان يأتي في إطار سياسة العقاب للمجتمع الفلسطيني ككل، والأهالي بشكلٍ خاص؛ نظراً لوجود "إسرائيليين" في أيدي المقاومة الفلسطينية.
واسترسل ضيف "نبأ": "إن هذه السياسة تدفع الشباب الفلسطيني إلى الاندفاع لردِ فِعلٍ نضالي؛ انتفاضاً وثأراً للشهداء المحتجزة جثمانهم، وبالتالي فإن الشارع الفلسطيني يعيش حمالاتٍ على مستوى الوطن؛ لاسترجاع الجثامين".
الاحتجاز سابقة تاريخية
ومن جهته، السياسي عمر عساف، قال: "إن احتجاز جثامين الشهداء سابقة في تاريخ الشعوب والصراعات، إذ تشكل هذه الحالة امتيازاً صهيونياً لا يشاركه فيها أحد آخر، وهذا الاحتجاز تراه الحركة الصهيونية " عقاب جماعي" يقع على الأهالي الذين يحرمون من دفن أبناءهم".
وتابع عساف لِـوكالة " نبأ": " احتجاز الجثامين يمكن أن يشكل رادعاً للمقاومة، وفرض تراجع في الحالة الثورية المقاومة من قِبل تهديدات الاحتلال".
وأكد أن جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال، قضية وطنية يلتف حولها الشعب الفلسطيني كاملاً، وبالتالي فَـهي تُشكل الأساس لتَحرك شعبي مقاوم.
وأشار إلى أن حملات استعادة جثامين الشهداء وشكلت أرضية؛ لفعاليات شعبية من جهة، وتوسيع نطاق المقاومة من جهة أخرى، وهذا بدوره يجبر سلطات الاحتلال إلى التراجع عن احتجاز الجثامين بين فترة والأخرى.
ومن الجدير ذكره، أنه انطلقت ظهر اليوم مسيرة بجموع حاشدة، من أمام مخيم الأمعري متوجهة إلى حاجز قلنديا، تضامناً مع قضية الأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال، بدعوة من عائلة الشهيد الأسير ناصر أبو حميد.
وشارك أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى سلطات الاحتلال بالمسيرة، مطالبين بالإفراج عن جثامين أبنائهم وتسليمهم لتوديعهم بما يليق بهم ودفنهم.
وترفض سلطات الاحتلال إعطاء شهادات وفاة لذوي الشهداء أو تقديم قوائم بأسماء من تحتجز جثامينهم وأماكن وظروف احتجازهم.