رام الله - نبأ – علا مرشود
تمر السنين على الشعب الفلسطيني بكل ما فيها من معاناة متجددة ومستمرة منذ جاء الاحتلال، ولكن تبقى قضية الأسرى هي الملف الأصعب والأكثر قسوة في التاريخ الفلسطيني، فلا زال هناك آلاف الأسرى الذين يقبعون في سجون الاحتلال بأحكام متفاوتة تجاوز بعضها الـ 40 عام.
كلما يرتقي أسير داخل السجون يجعلنا نعيد الحديث عن الأسرى المرضى الذين يقبعون داخل سجون الاحتلال في محاولة لتسليط الضوء على قضيتهم لانهاء معاناتهم قبل أن يتحولوا إلى شهداء كغيرهم ممن سبقهم.
في "نبأ" أجرينا حوارًا مع مسؤولة الإعلام في نادي الأسير أماني سراحنة والتي أطلعتنا على تفاصيل المعاناة التي يعيشها الأسرى المرضى، والتي أكدت أنها جزء من عمليات استهداف الأسرى الممنهجة والتي أصبحت جزء من بنية السجن من خلال استهداف الأسرى عبر أجسادهم بالتسبب لهم بمشاكل صحية مزمنة.
وذكرت سراحنة أن غالبية الأسرى الذين استشهدوا في السجون في السنوات القليلة الماضية كان ذلك نتيجة سياستين بشكل أساس الأولى هي جريمة ما يسمى بالإهمال الطبي "القتل البطيء" والجريمة الثانية هي جريمة التعذيب.
ولكن في إطار توصيفنا لما يجري مع الأسرى في سجون الاحتلال وتحديدًا الأسرى المرضى قالت أن معظم السياسات التي تقوم بها إدارة سجون الاحتلال تنتهج التعذيب فمثلًا الأسير الذي ينتظر من أجل تحصيل العلاج وهو يتألم أو من أجل إجراء عملية جراحية أو من أجل إجراء فحص طبي ومنهم أسرى مر سنوات على انتظارهم.
وأشارت سراحنة إلى الكثير من التفاصيل التي تتعلق بالأسرى المرضى التي قد تكون أهم من التوصيف العام الذي نقوم بتداوله عادة، بدءً من الأسرى الذين حصلوا على الدواء الخطأ انتقالًا للأسرى التي حصلت معهم أخطاء طبية عدا عن الممرضين الموجودين في عيادات السجون الذين قد لا يكونوا مخولين أصلًا لأن يكونوا ممرضين.
ولفتت أيضًا إلى رفض بعض الأسرى المرضى الخروج إلى المستشفى لتلقي العلاج لتحاشي المرور برحلة النقل المؤلمة جدا التي من الممكن أن تمتد لأيام من أجل الحصول على فحص طبي واحد وذلك بسبب عملية نقل الأسرى عبر البوسطة.
وعقبت: "البوسطة جزء من عمليات التعذيب الممنهجة والتي توصف برحلة عذاب للأسير العادي فما بالك للأسير المريض".
وتحدثت سراحنة عن تطور الأدوات والسياسات التي تستخدمها سلطات الاحتلال ضد الأسرى المرضى على مدار عقود ومن مرحلة لمرحلة الذي يندرج تحت سياسات التعذيب الحديث التي تستخدها آلة السجن على أجساد الأسرى.
وعلى الرغم من أن المؤسسات تشير إلى أنه هناك أكثر من 600 أسير مريض في سجون الاحتلال إلا أن سراحنة تؤكد أن هذا العدد فقط ممن شُخص منهم بأمراض واضحة وهناك العديد من الأسرى الذين يعانون من أعراض صحية وحتى الآن لم تشخص حالاتهم المرضية.
وشددت سراحنة على أن هذ الملف كبير جدًا ويدل على الأقل بالنسبة لهم كمؤسسة على الحاجة لطريقة لتحسين شروط الاعتقال أو المطالبة بتحسين شروط اعتقال الأسرى.
وتسائلت سراحنة عن مدى قدرتنا كفلسطينيين أو كفصائل أو كحركة وطنية من أجل السير قدما من أجل تحرير الأسرى لأن غالبية الأسرى المرضى هم ممن قضوا أكثر من 20 عام بل هناك أسرى تجاوزت سنوات اعتقاله أكثر من 40 عام.
أما عن تزايد أعداد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال فقالت سراحنة أن الظروف التي يعيش فيها الأسرى بكل تفاصيلها من نظام حياة وطبيعة أكل أو حتى مكان تواجد وبنية السجون نفسها تسبب الأمراض.
وزادت: "رحلة الأسير من لحظة اعتقاله والذي من الممكن أن يكون جريح أطلق عليه النار أثناء اعتقاله ومراحل التعذيب التي يعيشها الأسير إضافة إلى كل المراحل التي ليست فقط في التحقيق تندرج تحت التعذيب.
وقالت أن الأسير منذ لحظة اعتقاله وحتى آخر يوم لوجوده في السجن يواجه منظومة تعذيب ممنهجة بكل التفاصيل بدءً من طريقة الاحتجاز وزنازين الاعتقال والبرد الذي يعيشونه طوال فصل الشتاء والاقتحامات والقمع والأسلحة التي تستخدم ضدهم عدا عن الأعراض النفسية الناتجة عن هذه الظروف.
وأردفت: "على الرغم من ذلك هناك جزء كبير من الأسرى استطاعوا كسر هذه المنظومة أو على الأقل تحديها وطبعًا دفعوا أثمان باهظة".
وختمت سراحنة بأن فكرة السجن بنيت من أجل استهداف مصير الأسرى وقتلهم إدارة السجون منظومة قتل تنفذ مسلسل دموي بحق الأسرى الفلسطينيين بالسجون بأدوات جدًا حديثة جزء منها القتل البطيء بالإهمال الطبي.
وأضافت أن ملف الأسرى المرضى متشعب جدا إذ يؤثرعلى مستويات أخرى ليس فقط مستوى الصحة الجسدية إنما أيضًا على مستوى الصحة النفسية، وقالت: "إننا على يقين بأن الاحتلال لن يتغير ولكن التغيير مطلوب منا نحن في إطار إيجاد إرادة من أجل إنهاء معاناة آلاف الأسرى الفلسطينيين".