نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

تحدث عن الخلافات الفتحاوية والمؤتمر الثامن

"نبأ" تحاور القيادي بفتح أحمد غنيم وتستشرف معه مستقبل الحالة الفلسطينية

رام الله – أنس القاضي - خاصّ نبأ:

يعتبر القيادي في حركة فتح أحمد غنيم، من الشخصيات التي انضمّت الى الحركة في مرحلة عمرية مبكرة، إلى أن التحق بالعمل الثوريّ فيها، وصولاً لخوض تجربة العمل السياسي، إلى جانب قياداتٍ أخرى من أبرزهم الأسير مروان البرغوثي الذي يرى فيه شخصيّة حرّة وذات رؤية ثاقبة.

أحمد غنيم من مدينة القدس المحتلة، وهو من مواليد المدينة المحتلة عام 1960، عاش طفولته كلها في البلدة القديمة بالعاصمة المحتلة، ودرس في مدارسها، وكباقي أطفال القدس عاش "غنيم" طفولة مرتبطة بالمكان بما يمثله، حتى أصبحت جزءاً من تكوينه الشخصي.

وكالة الصحافة الوطنية "نبأ"، التقت بالقيادي الفتحاوي أحمد غنيم، وحاورته في ملفاتٍ عديدة..

كيف التحقت في الثورة الفلسطينية، وما الذي اكسبتك إياه هذه التجربة!؟

التحقت بالثورة الفلسطينية، في مرحلة الدراسة الثانوية، وكان حينا العمل سرياً، عبر خلاياً صغيرة، تقوم ببعض النشاطات النضالية في إطار مقاومة الاحتلال الاسرائيلي.

لاحقاً انتقلت الى الدراسة الجامعية في الخارج، وهذا اتاح لي فرصة لالتحق بالعمل النضالي مع حركة فتح في لبنان، وقد شاركت في عدة جولات قتالية ضد الاحتلال، وبالتالي اكتسبت تجربة الفدائي الذي يعتبر نموذجاً ومثالاً للجيل الفلسطيني آنذاك، وهو كان نقطة تغيّر كبيرة في حياتي.

أكملت دراستي في البكالوريوس، ثمّ عدت الى فلسطين، وكنت متأكداً أنه سيتمّ اعتقالي على خلفية نشاطاتي وهو ما حدث بالفعل في سنة 1984، علماً أن هذا لم يكن الاعتقال الأول لي، فسبقه عدة اعتقالات على خلفية مشاركتي في أعمال مقاومة الاحتلال بالمظاهرات وغيرها، لكن ما ميز الاعتقال بعد عودتي من الخارج هو تجربة التحقيق العنيف، وكان الاتهام الانتماء لحركة فتح، وأطلق سراحي بعد فترة قصيرة، لأنه لم يثبت عليّ أي شيء حول نشاطي الحقيقي، ليعاد اعتقالي بعد 6 اشهر، بسبب اعتقال شبان وإدلائهم باعترافات، وحكمت 5 سنوات 3 منها وقف تنفيذ .

كيف كان لتجربة الاعتقال أثر في تكوين شخصيّتك؟!

تجربة الاعتقال كوّنت شخصيتي بعدما عايشت 3 ابعاد في التجربة النضالية، الأول متعلق بالاعتقال، والثاني تجربة التنظيم في الاراضي المحتلة، والبعد الثالث الاشتباك الثوري في لبنان.

عندما أطلق سراحي في عام 1987 لم يكن لدي اي مساحة من الوقت للدخول في حياة عادية، لأن الانتفاضة الاولى انطلقت في ذلك الحين، وانخرطت في قيادتها الى جانب كثير من الاسماء المناضلة والتي شكلت "اللجنة الحركية العليا" بقيادة الأسير مروان البرغوثي.

حدّثنا عن دخولك المعترك السياسي، وخاصةً العمل مع فيصل الحسيني؟!

انخرطت في تجربة العمل السياسي بجهد كبير قام به فيصل الحسيني الذي حوّل القدس من مدينة تتربع على عرش 5 آلاف عام من الحضارة بمكانتها الدولية والتاريخية والدينية إلى عاصمة تحت الاحتلال، وهذا كان نجاحاً كبيراً له، وبالتعاون مع اللجنة الحركية العليا تم تحويل "بيت الشرق" في القدس إلى مركز سياسي يؤمه رؤساء دول، بمعنى أننا عملنا حالة سياسية كبيرة، رغم القلق الذي كان موجوداً في إطار العمل السياسي الفلسطيني العام من نمو ظاهرة مهمة بهذا الشكل، إلى أن حدث الاختراق في مفاوضات اوسلو والذي أدى الى عودة الرئيسي الراحل ياسر عرفات الى الوطن، وعملنا معه في محاولة بناء الانتقال من مرحلة الحكم الذاتي الى مرحلة بناء مؤسسات الدولة.

سجل الرئيس عرفات نجاحات كبيرة في 3 مسائل استراتيجية تتعلق بالتأسيس لبناء الدولة، حيث نجح في بناء الجهاز الإداري للدولة حينما تم البدء في تأسيس الوزارات وغيرها، وأيضاً تمكن في اصعب المراحل من إدارة العمل الوطني ببنية اقتصادية معقولة، حيث لم يدخل في الأزمات التي ندخل فيها الان، لأنه كان يدرك أن الأرض اساس الصراع وليس لدينا مصادر اقتصادية ولا نفط ولا حتى مواد خام، وركز على مسألة الزراعة حتى ان الناتج القومي في عهد الرئيس عرفات تجاوز 17% بينما هي الان لا تتجاوز 3%، كما أنه كان يدرك ان التحرير لا يمكن أن يتم دون أن يبقي على خيار المقاومة جاهزاً، وحينما تبين له ان الاسرائيليين يناورون لم يتردد في قيادة الاشتباك، ودفع ثمن ذلك شهيداً، وآمنا تحت معه بهذا الخط.

مرحلة العمل مع مروان البرغوثي كانت فاصلة في مسيرتك، هل ل كان توضح لنا طبيعة هذه المرحلة!؟

حينما جاء نداء الحق والأرض كنت مع الاخ مروان البرغوثي في قيادة الانتفاضة الثانية، وكانت مرحلة من أهم مراحل تطور بنيتنا الشخصية والنضالية والسياسية، حيث شاركنا مع جماهير شعبنا في الاشتباك ومحاولة عمل اختراق سياسي ميداني في الحالة الفلسطينية وفتح الجسر الشعبي الميداني لينقلنا من مرحلة الحكم الذاتي الى مرحلة الدولة والتخلص من الاحتلال، وحدثت فجأة تطورات وتغيرات دولية بما حدث في الولايات المتحدة في هجمات سبتمبر، حيث بدأ سيناريو جديد في العالم وجرى الخلط فيه بشكل متعمد بين مفهوم المقاومة والإرهاب، وتم وضع النضال الفلسطيني في سياق صعب وملتبس، وصولا إلى استشهاد الرئيس عرفات في المقاطعة بعد حصاره.

كان لك دور في وفد المفاوضات الى واشنطن، ما الذي يمكن أن تبوح به عن هذه التجربة؟!

شاركت في وفد المفاوضات في واشنطن، وكانت الحقيقة تتعزز لدي ان الاسرائيليين لا يريدون حلاً، وان المفاوضات تستهدف تطويع الفلسطينيين، والقبول بالمستوطنين والمستوطنات، لذلك حينما جاء خيار الاشتباك في الانتفاضة لم اتردد لحظة لأنني كنت على قناعة ان الاحتلال لن يتركنا نقيم دولتنا.

مروان البرغوثي حينما ترشح الى الرئاسة كنت مقتنع ان هذا الخيار صحيح، لأنني كنت ممن رفعوا شعار "رئيس سجين حر، خير من رئيس حر لكنه سجين"، ومساحة الحرية في شخصية مروان تؤهله لقيادة الشعب الفلسطيني حتى لو كان سجيناً، ولم أتردد في مشاركته لانتخابه رئيساً.

الحالة الفلسطينية حالياً معقدة، والإنقسام يلقي بظلاله على الوطن، ما رؤيتك للخروج من هذا النفق المظلم؟!

الواقع الفلسطيني صعب جداً، وما يزيد من ذلك أننا أخلّينا بقانون الوحدة الوطنية، إذ لا يمكن لحركة تحرر وطني ان تنجز الاستقلال دون الوحدة، وأكبر ضرر ألحقناه بأنفسنا هو الإنقسام، ورغم تدخل دول كبيرة لإنهاء الانقسام لم يتم ذلك، لأن قيادات الفصائل الفلسطينية تعيش بمنطق الفئوية، فأضبح الاهتمام بالحكم أهم من مسألة التحرير.

أخلينا بقانون آخر وهو ان لا تعايش مع الاحتلال، لكن عندما يصبح المكون الحالي منظومة مبنية على اساس التعايش مع الاحتلال ومن ضمنها التنسيق الامني وغيرها، وهذا ما يجعل التحرير قضية مستعصية، ودون التراجع عنهما لا يمكن انجاز التحرير.

المكون القيادي يستخدم سياسة بيع الوهم وشراء الوقت، ويرفع مستوى المواقف وتخفيض السياسات.

اليوم تتبلور حكومة جديدة لدى الاحتلال، يقولون إنها الأكثر تطرفاً في تاريخ دولة الاحتلال، ما تعليقك على ذلك وما توقعاتك للمرحلة المقبلة؟!

نحن مقبلون على تصعيد غير عادي قد يؤدي الى انتفاضة ثالثة قد تكون هي الاعنف في تاريخ الشعب الفلسطيني، فالحكومة الجديدة اليمينية في دولة الاحتلال بقيادة نتنياهو ستحاول فرض الرواية الاسرائيلية على المشهد العربي، وأن هذه الأرض "أرض توراتية"، وباعتقادي ان نتنياهو  يقوم بتفكيك لمكونات الجهاز الإداري والسياسي للدولة.

رغم أن الدول الغربية غير راضية عن مكونات الحكومة الجديدة في دولة الاحتلال الا ان تلك الدول منافقة تقف مع القوي وتشعر بأن الضغط على الطرف الضعيف اسهل من الضغط على الطرف القوي.

هل تعتقد أنّ بإمكان اللجنة التنفيذية تنفيذ قرارات المجلس المركزي الخاصة بوقف العلاقة مع الاحتلال في ضوء المشهد القاتم حالياً، والتصعيد الإسرائيلي المتواصل؟!

اللجنة التنفيذية وفق سياساتها وأدائها وطريقة عملها لن تغير شيء في منظومتها ولن تنفذ قرارات المجلس المركزي، ولو أرادوا ذلك لنفذوها في ظروف أخطر وأكبر.

التنسيق الأمني جزء مكون سياسي، لأن اتفاق اوسلو تضمن مكوناً سياسيا واقتصادياً وأمنياً، لكنّ اسرائيل داست على المكون السياسي بالدبابات وفرضت ارادتها كما تريد، وأعادت تشكيل الادارة المدينة وربطت الفلسطينيين بها، فما جدوى وجود السلطة في ظل الادارة المدنية، مقابل ماذا يتم تفكيك مظاهر المقاومة في الضفة؟! يجب وقف العلاقة مع الاحتلال طالما أنه يتسمر في ارهابه وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني .

القيادة لديها ايمان بأن الحفاظ على الحكم مسألة استراتيجية ومهمة، وأن خسارة الحكم سنعود الى نقطة الصفر، ونحن هنا لا نتهمهم بالخيانة انما لديهم قراءة خاطئة للأمور.

هذا ما يجعلنا نقف في التيار الاخر اننا نؤمن أن مسألة التحرير أعلى وأهن من مسألة الحكم، وبالتالي لا نساوم على مسألة التحرير من أجل كرسي .

أخيراً، المؤتمر الثامن لحركة فتح قد يعقد خلال الفترة المقبلة، هل يمكن أن نشهد تحولات في الموقف الفتحاوي تجاه اتفاق اوسلو واستعادة وحدة الموقف الفتحاوي الداخلي؟!

إذا عقد المؤتمر الثامن على أرضية الطريقة التي يجري التحضير لها، فسيعزز الانقسام الداخلي لحركة فتح.

هناك متطلبات لعقد مؤتمر ثامن ناجح يجب عملها اهمها استعادة الوحدة الداخلية لحركة فتح، وهناك خلافات بين اعضاء اللجنة المركزية أصبحت للعلن، واحدثت خللاً في وحدة الحركة.

المطلوب لقاء حركي واسع لكوادر الحركة لاعادة انتاج الوحدة الداخلية، التي تتضمن انهاء سياسة الاقصاء والتهميش التي تمارسها قيادة الحركة مع ابناء الحركة المختلفين معهم من وجهة نظر سياسية وتنظيمية، وإلغاء كل قرارات الفصل التي اتخذت بحق قيادات حركية خلافاً للنظام الداخلي لأنه لا يوجد في النظام اي قانون يمنح الرئيس صلاحية لفصل قيادات.

وكالة الصحافة الوطنية