نبأ-نابلس:
كي يبقى الجرح ينزف، تواصل سلطات الاحتلال سياسة احتجاز جثامين الشهداء، كوسيلة لمعاقبة أهالي الشهداء والضغط عليهم والتنكيل بهم، فهي لا تكتفي بجريمة قتلهم بل تحرم أهاليهم حق إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، ويأتي هذا في ظل شعورها بعدم وجود رقيب عليها أو من يجبرها على دفع فاتورة جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.
فمنذ عام 1948 تتبع (إسرائيل) سياسة احتجاز الجثمان فيما يعرف بمقابر الأرقام والتي بلغ عددهم 256، ولكن منذ عام 2015 أصبحت تحتجز الشهداء في الثلاجات و منذ هذا العام وحتى يومنا هذا بلغ عدد الشهداء المحتجزة 119، حسب توثيق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء التابعة لمركز القدس للمساعدة القانونية.
وكالة "نبأ" التقت بعدد من عائلات الشهداء المحتجزة جثمانهم، كي تسلط الضوء على معاناتهم وجرحهم الذي لازال ينزف ولن يشفى حتى استرداد جثامين أبنائهم.
الشهيد شادي نصار الذي ارتقى بتاريخ 7/3/2002، لازال الاحتلال يحتجز جثمانه حتى يومنا هذا، يقول والده في حديث له مع "نبأ": 21 عاما مضت على استشهاد نجلي ولكن يبقى لدي شكوك أنه حتى الآن على قيد الحياة، فنحن لا نعلم أين هو، هل هو في مقابر الأرقام أو في مكان آخر، 21 عاماً كأنها بالأمس لم تكن كفيلة كي تنسينا شادي فنحن نتذكره كل يوم ولا يغيب عن بالنا.
وأضاف أن الاحتلال يتبع هذه السياسة كعقاب لنا، ولكي يبقى جرحنا ينزف وننتظرأن نلقي نظرة الوداع على أبنائنا ، لكننا وصلنا إلى مربع اليأس والإحباط، لقد انقطع الأمل لدينا، فليس هناك أي بوادر أن يحدث شي جديد في قضية تسليم جثامين الشهداء.
وأشار والد الشهيد أن في كل فعالية أو مناسبة نطالب نحن عائلات الشهداء المحتجزة جثامينهم باسترداد الجثامين أو حتى السماح لنا برؤية قبره وزيارته، هذا اقل حق لنا، مضيفاَ أننا نوجه رسالتنا للصليب الأحمر والأمم المتحدة ولأي جهة تستطيع مساعدتنا والضغط على الاحتلال لتسليم جثامين الشهداء.
أما شقيق الشهيد الأسير بسام السايح والذي استشهد في سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي بتاريخ 8/9/2019، وقام الاحتلال باحتجاز جثمانه، ويقول لـ"نبأ": إن الأصل هو إكرام الميت بدفنه ولكن الاحتلال حرمنا ومنعنا من دفنه في وطنه وأرضه وفي الالية تليق بقيمة الشهداء، لكن الاحتلال يحاول التنغيص على أهالي الشهداء دائما.
وتابع حديثه: "حجة الاحتلال أنه محكومة لذا سيتم احتجاز الجثمان لغاية انتهاء محكوميته والتي لا ندري كم هي هل مؤبد أو أكثر، حاولنا أيضاً معرفة هل هو في مقابر الأرقام أم في الثلاجات ولكن لم نستطيع الحصول على جواب".
ووجه رسالته لكل إنسان حر في العالم أن جثة شقيقه منذ 3 اعوام وهي محتجزة وبأي قانون وبأي عرف بأي مبدأ يتم هذا الأمر.
أما شقيقة الشهيد بلال رواجبة الذي استشهد بتاريخ 4/11/2020 تقول، "عندما استشهد شقيقي لم يتم تبليغنا انه شهيداً ام جريحاً، فالاحتلال نقله بطائرة ولم يسمح لأحد بالاقتراب منه، ومنذ ذلك اليوم ولغاية الان لم نبلغ بشكل رسمي من اي جهة خبر استشهاده".
وتضيف لمراسلتنا: أن احتجاز الجثمان من أصعب الأمور التي قد تمر بها أي عائلة، لأن جرحك يبقى مفتوحا، فعندما يستشهد الشهيد ويتم دفنه ما يبرد قلبك أن لديه قبر وتستطيع زيارته، ويبقى الفراق صعب رغم حلاوة الاستشهاد وكيف أذا كان الفراق والقبر مفتوح، وهذا ما يؤلمك اكثر.
وأشارت شقيقة الشهيد إلى أن الوقفات الشعبية التي تجرى تكون خجولة تقتصر فقط على أهالي الشهداء، ولكن الأصل ان تشارك في هذه الوقفات المؤسسات الحقوقية والقانونية وهم من يجب عليهم المطالبة باسترداد الجثامين فبلال هو ابن جهاز أمني.
وتؤكد رواجبة أن هناك تقصير في هذا الملف، ولا يتلقى بالاهتمام المطلوب، ولا نرى أي جهود تبذل على أرض الواقع أمام مطالب أهالي الشهداء.
وتضيف رواجبة نحن كعائلة نريد أن نعاين الجثمان، ونريد معرفة ما هو مصيره، فحتى شهادة وفاة لن نستطيع إخراجها، وهناك الكثير من الأوراق الرسمية لشهداء لا نستطيع فعلها للشهداء المحتجزة جثامينهم.
وطالبت رواجبة من الحكومة والسلطة أن تطالب في تنسيقها جثامين الشهداء، فالعدد يزداد، فهناك أكثر من 119 عائلة حلمها الوحيد أن تدفن ابنها.
وتحدثت رواجبة عن الإشاعات التي تخرج حول هذا الملف كما حدث منذ أسبوعين عندما صدر خبر أن الصليب الأحمر يريد ان يسلم 50 جثمان، وهذا تسبب بفتح الجرح للأهالي وزاد من توترهم، ليتبين بعدها ان الخبر غير صحيح.