رام الله – خاص نبأ:
أثار إصدار الرئيس محمود عباس مرسومًا بتشكيل مجلس أعلى للقضاء برئاسته، رفضاً في الأوساط القضائية، معتبرةً ذلك غير دستوري، ومخالفة واضحة لمبدأ الفصل بين السلطات وسيادة القانون، ومحاولة لجعل السلطات الثلاث (التنفيذية، التشريعية، القضائية) تحت تصرّفه .
واعتبر أمين سر نقابة المحامين داود درعاوي أن المرسوم الذي أصدره الرئيس غير دستوري، ويخالف مبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ سيادة القانون، ذلك لأن الرئيس محمود عباس، هو رئيس للسلطة التنفيذية، والأصل أنه أمام السلطة القضائية قد يكون خصماً في كثيرٍ من الدعاوى.
وبيّن أنّ هناك طعون في هذه الفترة بالقرارات بقانون الصادرة عنه، وهذا مخالف لمبدأ حياد المحكمة، إذ لا يجوز أن تكون المحكمة جزءاً من تشريعات قد تُعرض عليها لاحقاً.
وتساءل "درعاوي": "كيف لرئيس المحكمة الدستورية يناقش القرارات بقانون التي تخص الشأن القضائي وفيما بعد يُطعن فيها أمامه".
"انعدام ثقة الجمهور بالقضاء"
وأضاف أنّ الخلط بين القضاء النظامي والعسكري في هيئة واحدة مخالف لمبدأ استقلال القضاء، خاصة أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن يصدق على القرارات الصادرة عن هيئة القضاء العسكري، وبالتالي هناك مخالفة وتناقض دستوري واضح وجمع للسلطات.
وقال إن رئيس السلطة التنفيذية عدا عن وظيفته كرئيس للسلطة، هو يقوم بدور المجلس التشريعي بموجب المادة 43 من القانون الاساسي نظراً لغياب المجلس التشريعي.
وتابع أنّ السلطة القضائية -مستقلة بالكامل عن السلطة التنفيذية- سيتم وضعها تحت علاقة رئاسية تتبع لرئيس السلطة التنفيذية.
واعتبر "درعاوي" أنّ هذه الممارسات التي كانت تمارس في الظل سابقاً، ستأخذ اليوم صبغة تشريعية، وهذا يمس بمصداقية القضاء واستقلاله، وسيزيد من انعدام ثقة الجمهور بالقضاء، مبيناً أنها الأدنى بين الدول المحيطة بنا، ولا تتجاوز في أفضل الأحوال بين 28 - 30% من ثقة الناس، وخطوة كاللتي اتخذها الرئيس ستنخفض الثقة بالقضاء أكثر وأكثر، علماً أن السبب في انخفاض تلك الثقة هي القرارات بقانون التي صدرت ومست بهيبة السلطة القضائية.
وكشف عن أنّ مجلس نقابة المحامين سيعقد اجتماعاً في وقتٍ لاحقٍ اليوم السبت، لبلورة موقف حول قرار الرئيس، وعلى ضوء الاجتماع سيتم نشر نتائجه.
"ابتداع غير دستوري لجسم غير دستوري"
من جهته، اعتبر القاضي السابق الدكتور أحمد الأشقر، أن مرسوم الرئيس ابتداع غير دستوري لجسم غير دستوري، بمعنى أنّ وضع الهيئات القضائية كلها في إطار يرأسه الرئيس محمود عباس، مخالف للقانون الاساسي، ولا يوجد له أي مرجعية أو سند دستوري أو قانوني، وهو انتهاك لمبدأ استقلال القضاء .
وشدد على أنه لا يجوز تنظيم عمل الهيئات القضائية بمرسوم، لأنّ الذي ينظم عمل القضاء هو القانون، وعليه فإن تشكيل هذا الجسم بهذه الآلية ينال من استقلال المؤسسات القضائية.
وأشار "ألأشقر" إلى أن هناك أشخاصا من السلطة التنفيذية أصبحوا جزءا من هذا الجسم، وهم في الأساس ليسوا تابعين لأي مؤسسة قضائية، بل موظفون في الدولة أو أعضاء في مجلس الوزراء، ولا يجوز إدخالهم إلى نطاق المؤسسة القضائية، والذي يمثل السلطة القضائية هي النيابة العامة والمحاكم .
وقال إنّ النظام القضائي في فلسطين يعاني من حالة "تغوّل" على استقلاله، وهو في تراجع مستمر منذ سنوات، كما أنّ القضاة يفقدون ضمانات استقلالهم، فيما المؤسسة القضائية فقدت كل معززات استقلالها، مطالباً بالتوقف عن اصدار القرارات بقانون التي تخص بالشأن القضائي.