جنين – نبأ – علا مرشود
تعيش مدينة نابلس منذ أكثر من أسبوع حالة أشبه بالحصار فيغلق الاحتلال جميع المداخل بالسواتر الترابية وينصب الحواجز العسكرية ويطلق زناناته في سمائها على مدار اليوم، في محولة للقضاء على مجموعة عرين الأسود والقبض على منفذ عملية شافي شمرون قبل أيام.
وبحالة مشابهة يعيش أهالي مخيم شعفاط الظروف نفسها منذ أسابيع، ولا يخلو يوم من شهيد أو أسير خلال اقتحام قوات الاحتلال لمدينة جنين ومخيمها بحثًا عن مطارد ليكون هدفًا للقناصة أو الاعتقال، الأمر الذي ينبئ عن حالة من التخبط يعيشها الاحتلال.
يتناقل الاعلام العبري الحديث عن فقد سيطرة الاحتلال والسلطة الفلسطينية على شمال الضفة في ظل تصاعد اعمال المقاومة، والحالة السياسية في الميدان تؤكد ما يتم تناقله على الإعلام، فتعدد ميادين المواجهة وتوسعها وتصاعد العمليات ضد الاحتلال تشي بفشل الاحتلال وعدم قدرته على وقف هذه الحالة.
ولتحليل ما جاء في الاعلام العبري ومحاولة تفسير هذه الظاهرة التي تعيشها الضفة الغربية هذه الأيام وتفسير تركز هذه الحالة شمال الضفة ومعرفة عواملها ودوافعها ومستقبلها كان لنا في نبأ حوار خاص مع الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي.
يستهل سامر عنبتاوي حديثه بالإشارة على أن ما وصلت إليه الضفة بشكل عام وشمالها بشكل خاص من حالة مقاومة أشبه بانتفاضة جاء بسبب الاجراءات الإسرائيلية من استيطان واقتحامات المسجد الاقصى والاجتياحات الليلة للمناطق المتفرقة في جنين ونابلس وغيرها والوقوف على الحواجز وإطلاق المستوطنين في الشوارع الأمر الذي أدى الى ردة فعل.
ويردف: "عندما لجئت إسرائيل إلى المربع الامني وجدت ردة فعل فلسطينية في المقابل، فهذا صدام بين مربع امني اسرائيلي ومربع امني فلسطيني".
ويذكر عنبتاوي أن واقع غياب الافق السياسي وغياب الامل والفرص في حرية الشعب الفلسطيني أدى الى تصعيد المواجهة، ويتابع: "الشباب الفلسطيني ثاروا على ما يرونه يوميا وعلى ما يقوم به الاحتلال من عمليات اغتيال مباشرة للشباب في جنين ونابلس وحتى على الطرق الخارجية، هذه الامور فجرت رد فعل الشباب بشكل واضح".
وأشار عنبتاوي إلى أن فقدان السيطرة من قبل دولة الاحتلال شيء منطقي نتيجة الممارسات الإسرائيلية التي أربكت المنظومة الامنية والسياسية للاحتلال وأضاف: "اذا احتاجت دولة الاحتلال أو حاولت تصفية المطاردين فستكون الخسائر كبيرة والدماء كثيرة، ستكون مجزرة".
ويبين عنبتاوي لنبأ أن استمرار هذه الحالة سيجعلها تكبر أكثر وتمتد على مستوى الضفة بأكملها واصفًا إياها بكرة الثلج التي تكبر كلما تدحرجت أكثر.
ولفت إلى أن هذه الحالة أضعفت السلطة الفلسطينية وأفقدتها السيطرة "بمعنى ان السلطة الفلسطينية في كثير من الحالات لم تستطع تحديد الموقف او القرار في مناطق الشمال والشباب اخذوا زمام المبادرة في كثير من المواقف".
ويصف المحلل السياسي سامر عنبتاوي مجموعة عوامل ساهمت في تعزيز ظاهرة العمل المقاوم والالتفاف حوله أبرزها أن من يقود العمل النضالي والمقاوم في الضفة خلال المرحلة الحالية هم شباب في مقتبل العمر بعضهم ولد بعد الانتفاضة وبعد الاجتياحات.
وأضاف أن بعدهم عن الفصائل والتعصب الحزبي زاد من حاضنتهم الشعبية فهم يعملون بطريقة أشبه ما تكون بالغرفة المشتركة، الأمر الذي مكنهم من تحقيق الكثير من الخسائر لدولة الاحتلال.
وتابع: "إن التناغم بين خطابهم الإعلامي وعدم تسلطهم تجبرهم، أعطاهم الكثير من المصداقية والقبول في المرحلة الحالية".
وعن تمركز هذه الحالة في شمال الضفة يجيب: "قد يكون من اهم اسبابها التجبر الاسرائيلي في هذه المناطق فهناك تسلط واضح على مناطق الشمال واستهداف واضح في جنين ونابلس، كما يهدف الى تقسيم الضفة الى ثلاثة اقسام، منطقة شمال وسط جنوب وبالتالي هنالك محاولات عزل لهذه المناطق عن بعضها والسيطرة على الطرق الخارجية لمنع الحركة وإعاقة حركة المواطنين".
ويلفت إلى ان الحالة مرشحة للامتداد بشكل ويستشهد على ذلك بتلبية جميع مناطق الضفة من شمالها إلى جنوبها نداء عرين الاسود حيث شهد تجاوبًا ملحوظاً الأمر الذي يزيد مخاوف الاحتلال يدفعه لمحاولة القضاء على هذه الظاهرة قبل امتداداها.
ويختم عنبتاوي بضرورة احتضان هذه الظاهرة من قبل القوى والشخصيات والمؤسسات وتوفير الإمكانات لها لتتمكن من مواجهة دولة الاحتلال.
ويستدرك: "علينا ألا ننسى انهم شباب ليس لديهم الخبرة النضالية الطويلة وليس لديهم الامكانية ولكن الحاضنة الشعبية مهمة جدا وستوفر لهم قوة إضافية".